الفصل الثّالث : " نُصرتُ بالرّعب " ومحاولة تأصيل الإرهاب: حاولت الجماعات المسلّحة تشبيه المرحلة المعاصرة بمرحلة الردّة التي حدثت في زمن (أبي بكر الصّديق) لتبرير مشاهد العنف والدّموية والإرهاب الهمجي " إنّنا الآن في أوضاع شبيهة بالأوضاع بعد وفاة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وحدوث الرّدّة، نحتاج إلى الإثخان ونحتاج لأعمال مثل ما تمّ القيام به تجاه بني قريظة وغيرهم " (إدارة التوحّش 32)، وزعم منظّرو العمل الجهادي المعاصر أنّ (الإرهاب) فريضة وضرورة أملاها النّص وفرضها الواقع السَّنني فلا تغيير للباطل إلاّ بالعنف الأسود خصوصا ضد قيادات الردّة، يقول (أبو مصعب السّوري) " إرهاب الأعداء فريضة شرعية واغتيال رؤوسهم سنّة نبوية " (دعوة المقاومة الإسلامية العالمية 1375)، كما زعم " لقد أمر اللّه بإرهاب أعدائه في صريح كتابه وجاءت به سنّة رسوله المصطفى " (المرجع السابق 1376). ويعتبر صاحب (إدارة التّوحّش ) (الإرهاب) من معاني الجهاد " الجهاد ما هو إلاّ شدّة وغلظة وإرهاب وتشريد " (ص 31). نظرية الإرهاب عند الجماعات المسلّحة : " تقوم نظرية الإرهاب على أساس ردع العدو بالخوف " (أبو مصعب السّوري / دعوة المقاومة الإسلامية 1391) خصوصا في البدايات حتى يتمكّن منه الرّعب ويشلّ قدراته على التّعبئة والتّجنيد والقتال " لا يُمكن أن يستمرّ القتال وينتقل من مرحلة إلى مرحلة أخرى إلاّ إذا كانت مرحلة البداية فيه مرحلة إثخان في العدوّوتشريد له " (إدارة التّوحّش 31)، ويُفسّرون حديث " نُصرت بالرّعب على مسيرة شهر "، بأنّ الإرهاب أحد مقدّمات النّصر من غير قتال عندما تشيع أخباره في النّاس، وقد طبّقت ( داعش ) هذه النّظرية وهي تدخل مدن العراق وسوريا وما رست الوحشية والدّمار على طريقة ( التتار) عندما دخلوا أرض العراق قديما، وقد وظّفت الجماعات المسلّحة بعض ما حدث في التّاريخ وحاولت أن تستفيد ممّا عند الآخر" الشّرع أباح لنا الاستفادة من الخطط والقواعد العسكرية لغير المسلمين مالم يكن إثما " (إدارة التّوحّش 28)، وتقوم نظرية الإرهاب عند الجماعات المسلّحة على ما يلي : " تصفية الرّهائن بصورة مروّعة تقذف في الرّعب في قلوب العدو وأعوانه " ( إدارة التّوحّش 33) " سياسة دفع الثّمن " ( إدارة التّوحّش 32)، ولو بعد سنين ضدّ كلّ خائن أو مرتدّ أو من آذى المجاهدين كما قالوا، و" ينبغي تذكير العدوّ بذلك في البيان التّبريري لعملية دفع الثّمن ممّا يؤثّر على نفسية قادة العدوّ " (إدارة التّوحّش 32). " جهاد الإرهاب الفردي " (المقاومة العالمية 1379) بجعل كلّ مسلم مشروع إرهاب وقنبلة يُمكن أن تتفجّر في وجه الأعداء والطّواغيت والمرتدّين في أيّ وقت، وقد عملت الجماعات المسلّحة على تهيئة أفراد كمشاريع للتّفجير غير متابعين ولا سابقة لهم ممّا يربك العدوّ، وهذا ما يعنيه منظّريهم، عندما يقولون " يجوز لأيّ مجاهد ولو منفردا قتال المرتدّين " (الحرب المخزية أبو بكر ناجي 07). " الضّرب بأقسى قوّة في أكثر نقاط العدوّ ضعفا " (إدارة التّوحّش 29) من أجل " استنزافه عسكريا واقتصاديا " (المرجع السّابق 30). تصوير مشاهد الذّبح والإعدام والحرق، كما حدث مع الطّيّار الأردني (معاذ الكساسنة) لتوسيع دائرة التّأثير وإحراج قوّات العدوّ كما قالوا، وقد بدأ بتنفيذ هذه السّياسة (الزّرقاوي) وتوسّعت فيها (داعش) وإن كانت هذه السّياسة ربّما أوّل من بدأ بها قبل ظهور شبكات التواصل وتوسّع الأنترنات هي (الجماعة الإسلامية المسلّحة)، فقد قامت في الجزائر بمشاهد مروّعة ما تزال محفورة في ذاكرة الألم الجزائري. قتل واغتيال المثقّفين والمفكّرين والصّحفيين ممّا ينشر رعبا أوسعا " سنلاحق هذه المسوخ التي تُسمّى كذبا وزورا بالمفكّرين وسيُصفّى الرتل تلو الرتل: العلمانيون والشّيوعيون والبعثيون والقوميون وتجّار الأفكار الوافدة، نعم نحن نعرف أنّنا لن نصل حتى نعبّد الطّريق بجماجم هؤلاء النّوكى، وليقل العالم أنّنا برابرة خلال مرحلة الجهاد ستُقطف رؤوس الصّحفيين المفسدين في الأرض، فنحن لسنا بحاجة إلى سحرة فرعون وليُسمّينا النّاس أعداء الفكر والرّأي" (بين منهجين رقم 44). قطع الرّؤوس والتّمثيل بها، هي عندهم من تطبيقات نظرية نشر الرّعب المسبق. التّركيز على ضرب الأهداف الحيوية كمنشآت البترول ومجالات السّياحة لضرب الاقتصاد في العمق، وهي من وسائلهم لإرهاب العدوّ في ماله " يجب أن نركّز على ضرب الأهداف الاقتصادية وخاصّة البترول " (إدارة التّوحّش 19). يتبع….