احتضنت كلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة خلال نهاية الأسبوع الفارط حدثًا علميا هاما والذي تمثّل في انطلاق فعاليات الملتقى الوطني الأوّل حول "البحث العلمي في الدراسات الإسلامية وحاجات المجتمع الجزائري"، وذلك بالتعاون مع مخبر إسهامات المغاربة في إثراء الدراسات الإسلامية، بمشاركة ثلة من الأساتذة والإطارات من مختلف جامعات القُطر الجزائري. ويهدف الملتقى حسبما أشار إليه عميد الكلية الأستاذ الدكتور "عبد القادر بن حرز الله" إلى محاولة ربط البحث العلمي بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الجزائري، إضافةً إلى التأكيد على واقعية المعرفة في الدّراسات الإسلامية، لكونها متّصلة بالواقع بشكل يُلغي بعض التوجهات التي تريد دفع البحث العلمي في العلوم الإسلامية نحو التاريخ وعزله عن الواقع الراهن. هذا وقد انصبّ اهتمام الباحثين في الملتقى حول أربعة محاور تمثّلت في محاولة بيان مفهوم الدّراسات الإسلامية وبيان تقاطعها مع العلوم الأخرى، إضافة إلى واقع الدّراسات الإسلامية والبحث العلميّ في المؤسسات الجامعية بشكل عام، هذا كما انصبّ اهتمام المشاركين حول مدى استهداف هذه البحوث والدّراسات لحاجات الواقع الجزائري في مختلف تخصصات العلوم الإسلامية، انتهاءً بتقديم جملة من المقترحات التي من شأنها المساهمة في ربط البحث العلمي في الدّراسات الإسلامية بالواقع المحليّ والإقليمي. هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ من أبرز القضايا التي تمّ التطرّق إليها في الورشات والتي أثارت اهتمام الطلبة والباحثين، هي قضية المرجعية الدينية الوطنية، وتقنين المذهب المالكي، ودور هذين الأمرين في حفظ وحدة وتماسك المجتمع الجزائري، وبناء حصن منيع ضدّ الأفكار المتطرّفة الهدّامة التي تعصف بشباب اليوم، وإبراز الدور المهم الذي تحتله وسائل الإعلام في بناء هذه المنظومة المناعية. كما أنّه كان من أبرز المواضيع المثارة خلال الملتقى "التأصيل الشرعي والمنهجي لفقه الواقع في الدّراسات الإسلامية"، حيث طرحت هذه الورقة البحثية إشكالية مهمة جدّا تمثّلت في كيفية استثمار الكسب المنهجي الذي أصّله العلماء في فقه الواقع في إعادة وصل مختلف جامعات الوطن وفي مختلف التخصّصات خصوصا منهم من أبناء الكلية وخرّيجيها، وهذا بغية فتح الأبواب للأجيال القادمة من أجل معالجة أهم قضاياها، وكذا إنشاء حلقة ربط بين الكفاءات العلمية الحاضرة والقادمة . ولعلّ أبرز ما تميّز به هذه الملتقى هو مشاركة نخبة من طلبة الدّكتوراه، وعلى هامش اختتام فعاليات الملتقى تم قراءة أهم التوصيات وتكريم المشاركين، وذلك بحضور عميد جامعة باتنة الأستاذ الدكتور "عبد السلام ضيف" والسيد مدير التربية لولاية باتنة، وكذا العميد السابق للكلية ومدير مخبر إسهامات المغاربة في إثراء الدراسات الإسلامية في جامعة العربي التبسي بتبسة الأستاذ الدكتور سعيد فكرة. والجدير بالذكر فإن كلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة تعد من أهم الصروح العريقًة ومنارة علمية كبرى، فقد كان لها السبق في تنظيم العديد من الملتقيات الوطنية والدولية وإيلائها اهتماما بدراسة العديد من القضايا الفكرية والعلمية والتي استقطبت اهتمام الباحثين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي كما أشار إلى ذلك رئيس المجلس العلمي الأستاذ الدكتور مسعود فلوسي. العمري مقلاتي