مهندس طوبوغرافي ولد في دمشق سنة ,1966 أصيب بشلل أطفال عند الرابعة من عمره، عولج وشفي بعد عدة عمليات جراحية، وخلال المرحلة النهائية للعلاج أصيب بسرطان في الرقبة (تالي). تحدى المرض والإعاقة وقرر القيام برحلة إنسانية سيرا على الأقدام بدأت العام 2003 وما زالت مستمرة. زار خلال هذه الرحلة ما يقارب ال 200 مركز تأهيلي للأطفال وحمل الأمل للملايين من ذوي الإعاقات والأطفال المرضى عبر خطوات امتدت لأكثر من 28 ألف كيلوميتر سيرا على الأقدام في 23 دولة عربية وآسياوية وإفريقية. شارك معصراني بالعديد من المؤتمرات والنشاطات الإنسانية حول حقوق الطفل دوليا، وفي تنظيم الحدث العالمي ماراطون توقف عن التدخين انطلق للحياة في سبع دول. ويعد وسيطا للعلاقات الدولية بين المراكز التأهيلية للأطفال المصابين ب الدوان والتوحد والمسنين حول العالم، وهو عضو هيئة دولية للجمعية العالمية لأصدقاء السرطان، وعضو في الأولمبياد الخاص الدولي، ومستشار العلاقات الدولية للقافلة العربية لتوعية العالم بالإيدز والمخدرات. يعمل معصراني حاليا منسق الشرق الأوسط لدورة ألعاب السلام الدولية بسويسرا، وسفير الطفولة للمركز الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي بالنرويج وفرنسا، مفوض دولي للمنظمة الكشفية العالمية في جنيف والعالم العربي، ومؤسس منظمة إنسانية بلا حدود للطفولة والتي لاتزال قيد الإشهار من جامعة الدول العربية، كما يعتبر عضوا بالجمعية العمومية لحقوق الإنسان وعضو منظمة العفو الدولية، وله العديد من المحاضرات الفكرية والتنموية للعمل الإنساني التطوعي. احتقار أحد المدراء حفز إرادتي أكثر يتحدث هذا الرحالة العالمي عن تاريخ شروعه في رحلته عبر العالم سيرا على الأقدام، بكل ثقة، حيث قصّ معصراني حياته خلال مداخلة له عرض فيها قصة حياته، بمناسبة المؤتمر الدولي الثالث عشر المنعقد بمدينة جربة التونسية بداية الشهر الجاري حول دور الترويح في تأهيل المعاق. يقول سليمان: تقدمت لوظيفة عن طريق الإيميل وكان مطلوبا شهادات كثيرة وحمدت الله عندما تم الاتصال بي من قبل الشركة لتحديد موعد مع المدير، فذهبت عن طريق سيارة أجرة، وكلي أمل لمقابلة المدير، فما أن رآني حتى فاجأني قائلا إنه لا يستطيع أن يوظف مشلولا فكأن صاعقة أصابتني فلم يكن في اعتقادي أن يوجه لي هذا الكلام من شخص يفترض فيه الحنكة ويقود إحدى الشركات الهندسية في سوريا. أصابني إحباط وكآبة شديدة، أضاف المتحدث، وظللت أحدث نفسي إنه أصدر حكما أشبه بالإعدام دون حتى أن يختبرني أو يناقشني أو يفسح لي مجالا للتيقن من كفاءتي الهندسية والتعرف على خبراتي، فقد كنت حينها مصابا بشلل نصفي في وجهي وخذل في اليد اليسرى وشلل في قدمي اليسرى، وهذا الشلل لازمني منذ كان عمري خمس سنوات وحتى فترة الشباب، وحرمني هذا الشلل من الحركة مثل باقي أقراني، فما كان مني إلا أن اتخذت قرارا أن أعود لمنزلي مشيا على أقدامي مع أن المسافة تبعد 84 كيلومترا وقد كنت أتعثر في مشي في هذه المسافة القصيرة إلا أنه تولدت لدي رغبة وإصرار وتحدٍ لقطع تلك المسافة، وما أن تراءت تلك الفكرة حتى أحسست بالنشوة فقد وضعت كل غيظي وكل إحباطي في المشي، فقد كظمت غيظي من ذلك المتغطرس وذلك القاتل الذي قتل داخلي أحلاما كثيرة وأنا مازلت في مقتبل العمر، فقد خطف مني أحلامي ليلقيها في سلته بمجرد كلمات، وبينما أنا أسير وأسير أفاض الله علي من كرمه أن هداني لضرورة أن أقوم بتغيير لتلك النظرة الموحشة وتلك النظرة الدونية للمعاق ولأوضح أن له حقوقا وأن على المجتمع أن لا ينقصه حقه كمواطن عادي ما دام يستطيع أن يؤدي العمل المطلوب منه، فالإعاقة ربما تكون جسدية لكنها ليست عقلية، وصلت لكن أحزاني كانت تسبقني وجدتها مضطجعة على فراشي لتكويني، وهالني أنني واصلت طريقي ولم أحس بطول تلك الكيلومترات ولم أصدق نفسي فكأن الأرض كانت تطوى من حولي، فكلمات ذلك المدير كانت تطاردني فأهرب منها أضللها، لكنها كانت لي بالمرصاد لا تتركني. وفي صباح اليوم التالي طالعت خبرا عن اليوم العالمي للحركة حيث ستقام مسابقة بالمشي فقمت بالاشتراك بها برعاية منظمة الصحة العالمية بسوريا، تعرفت من خلالها على الدكتور فؤاد مجلد وهو سعودي الجنسية وممثل منظمة الصحة العالمية بسوريا، وقمت بإرسال فاكس للدكتور فؤاد تضمن هذا الفاكس فكرة قيامي برحلة والهدف منها، وفي اليوم الثاني تحددت لي مقابلة رغم ثقل جدول أعماله اليومي وعرضت عليه فكرتي وهدفي ولاقت فكرتي استحسانه وتشجيعه. استمع لي الدكتور بإنصات شديد وبادرني قائلاً ما الذي تستطيع أن تقدمه للأطفال المعاقين وهذا السؤال أسعدني كثيرا، فمسؤول بهذا الذكاء ورغبته الأكيدة في العمل دون تضييع لأي وقت دليل على مدى ما يقدمه للمنظمة من جهود، وكانت بدايتي الفعلية حيث قمت بجمع 61 طفلا معاقا إعاقات مختلفة (متلازمة دوان - متوحد - إعاقة حركية) قمنا بعمل جولة في الحدائق العامة وكنا نقوم بجمع القمامة التي يلقيها الأصحاء ونضعها في سلة المهملات الخاصة بها وكنا نردد الأناشيد بينما ننجز تلك الأعمال، وقد لاقت هذه الجولات ردود أفعال كبيرة. ثم قمنا بعد ذلك بغرس شتلات ورد في جولات أخرى، ولا أستطيع أن أصف مدى سعادة المعاقين فقد خرجوا من عزلتهم وتولد لديهم شعور بأنهم أفضل من الأسوياء الذي كانوا يلمحوننا ويطأطئون رؤوسهم عندما كانوا يلقون القمامة وكنا نقوم نحن بجمعها، أو عندما كان يجلس الأطفال الأسوياء الأصحاء وكانوا يشاهدوننا رغم صعوبة حركتنا نغرس شتلات ورد وغيرها. تلقيت الدعم الأكبر من السعودية قمت بعد ذلك ضمن رغبتي في خروج المعاقين وإدماجهم ضمن المجتمع ليعيشوا خارج الأسوار ويتنزهوا، بعمل برنامج ترفيهي لزيادة بعض المسارح ذات المضمون الهادف والطفولية في النفس الوقت لتناسب أعمارهم حتى صار حديث الصحافة والإعلام تلك الجولات التي كنا نقوم بها، وقد استضافتني إحدى الجرائد وعبرت فيها عن وجهة نظري ومشاريعي التي أنوي تنفيذها لإفادة المعاقين ليس في سوريا بل في الوطن العربي، وقد وجدت من يشد على يدي ويؤازرني وعلى النقيض كان هناك من يعارض ويضايق. لكن الحمد لله بتوفيق الله ثم بشيء من الحنكة تجاوزت ذلك، بدأت أفكر كليا في عمل جولة بالدول العربية وإدخال الفكرة مرحلة التنفيذ، لكن بدأت معاناتي مع استخراج الأوراق الرسمية التي وصل وزنها لحوالي 8 كيلوغرام، لكن بحمد لله أتممت الأوراق اللازمة وكان أهم الدول التي نويت وخططت لزيارتها المملكة العربية والإمارات، وخاصة المملكة العربية السعودية. ولا أنسى أبدأ موقف إنسانيا عظيما، فمنذ سنوات كنت أعمل بالمملكة بمدينة جدة وبينما كنا نشرف على تعبيد طريق إذا بوفد لسمو الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب بالمملكة، في ذلك الحين قام أحد الأصدقاء بقص قصتي حيث بدأت رحلة علاجي مع مرض الشلل تتزايد مما كان يكلفني الكثير من المال، ففوجئت بمدير مكتب سموه يتصل بي ويوجه لي دعوة لمقابلة سمو الأمير شخصيا، فأمر سموه على الفور بعلاجي على نفقته الخاصة بمستشفى الملك خالد التخصصي، وهذه اللفتة لا أنساها له أبداً ما حييت، فقد كان سموه رحمه الله جملة مفقودة. اضطررت لترك المملكة نظرا لوفاة كفيلي، وقرأت بإحدى الصحف عن استضافة مستشفى راشد بالإمارات العربية المتحدة لبروفيسور يعالج الحالات المرضية التي تشبه حالتي، وقد حقق فيها نجاحا كبيرا، فتجدد أملي في الشفاء، وقمت بمراسلة المستشفى أملا في الذهاب للعلاج وسبحان الله قام المستشفى بتوجيه دعوة لي للمعالجة وعرضي على البروفيسور المختص. الرحلة الإنسانية أبعدته عن أسرته تم شفائي والحمد لله بعد معاناة مع المرض طالت لأكثر من 25 سنةً فعزمت على تنفيذ رحلتي بعد أن رجعت لسوريا، حيث قمت بمخاطبة الجهات المسؤولة التي تولت التنسيق فيما بينها وبين الجهات المعنية في الدول التي عزمت زيارتها فزرت دولة الإماراتالمتحدة كأول دولة أبدأ بها عرفانا وبداية لحياتي الجدية بعد أن شفاني الله وعافاني كبداية لرحلتي، وشرفت بمقابلة سمو الشيخ محمد بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة الذي استقبلني بنفسه في مكتبه الخاص، أما البحرين فقد وجهت لي دعوة من سمو الأمير فيصل نجل ملك البحرين الرئيس الفخري لاتحاد المعاقين في البحرين، وفي قطر وجهت دعوة من سمو الأميرة موزة بنت ناصر المسند حرم رئيس دولة قطر، وكان الاستقبال رائعا وسعدت بلقاء الشيخة غالية آل ثاني وزيرة الصحة القطرية وكنت حريصا أشد الحرص أن أزور في كل بلد أنزل بها جمعيات المعاقين والأيتام وتبرعت بالدم في الإمارات وقطر. ورغم غيابي الطويل عن زوجتي وطفلي الذين لا أراهم إلا كل بضعة أشهر أشعر بارتياح عميق لأهمية الرسالة التي أحملها، أملا بأن تحقق جولتي المقبلة النجاح في تحصين مجتمعاتنا العربية ضد ''الإيدز''. فقد تلقيت دعما معنويا كبيرا من زوجتي وطفلي في مشواري الإنساني. أما في ترحالي، أوضح سليمان معصراني، فقد كنت في طعامي أعتمد فقط على التمر والحليب، وأحمل معي بعض الأدوات الشخصية، وخيمة وفرشة بسيطة تنفخ بالهواء بسماكة بسيطة، ولم أحمل أي سلاح فردي معي لأن رحلتي إنسانية.