لم تؤثر الحملة التي تشنّها الدوائر الرسمية وشبه الرسمية المغربية على الرأي العام الجزائري، رغم أنها انطلقت منذ بداية الصيف الماضي، مباشرة بعد قرار وزير الفلاحة الحالي عبد الوهاب نوري، عندما كان واليا لتلمسان، بتسقيف توزيع الوقود في هذه الولاية الحدودية. وهي الحملة التي أخذت أبعادا “كبيرة” أول أمس باستدعاء وزارة الخارجية المغربية للسفير المغربي في الجزائر “لأجل التشاور”، ويعرف الناس أن المملكة المغربية تعيش أوقاتا عصيبة، منذ أن خرج المغاربة إلى الشارع دون أن تدعوهم الأحزاب السياسية ولا منظمات المجتمع المدني، في أعقاب إصدار الملك عفوا عن رعية إسباني محكوم عليه في قضية اغتصاب قصر. وتلاحقت المصائب على المملكة الشقيقة، من تنبيهات صندوق النقد الدولي الذي فرض شروطا جديدا مقابل مواصلة مساعدتها ماليا، ثم أربكتها مخاوف امتداد عدوى أحداث مصر إليها بعد المتاعب التي عاشتها حكومة الإسلامي بن كيران مع المغاربة من أحزاب ومواطنين، وتنديدات المنظمات الحقوقية العالية بانتهاك حقوق الإنسان وحرية التعبير في المملكة، وغيرها من المشاكل الداخلية التي تفرض عليها منطقيا إيجاد “شماعة” تعلّق عليها مصائبها الداخلية. وتزامن التصعيد الجديد، باستدعاء السفير المغربي إلى بلاده للتشاور، مع احتفال الجزائر بالذكرى ال59 لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية، التي يتلقى فيها في العادة رئيس الجمهورية رسائل التهاني من نظرائه ملوك ورؤساء دول العالم. وجاءت التهنئة المغربية بإخراج المواطنين المغاربة إلى الشارع للتظاهر أمام السفارة الجزائرية في الرباط حاملين صور ملكهم. إنها صورة تعيسة لعلاقات الأخوة وحسن الجوار. ويعرف المخزن أن الجزائريين، مهما كانوا غاضبين على نظام بلدهم، يتحسسون كثيرا عندما تهان مقدساتهم، وأقدسها 1 نوفمبر، فما الذي حمل المغرب على اختيار هذا التاريخ لسحب سفيره؟ وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها الجزائر إلى مثل ما يفعله المخزن المغربي هذه الأيام. والذي ربما يعتقد أن “ضغوطه” هذه ستساهم في “إيقاظ” الجزائريين، ومنهم حتى مستهلكو منتوج الريف الوافر، الذي ضاعت كثير من مداخليه على المنتجين والتجار المغاربة وشركائهم الجزائريين خاصة هذه السنة التي استيقظ فيها الدرك والأمن الجزائريين وحققا محجوزات خيالية منها. ربما ينجح المخزن في إلهاء المواطنين المغاربة ب«الحرب الإعلامية والدبلوماسية” التي يشنها على الجزائر، لكنه يعرف يقينا أن حربه لن تتجاوز حدود المملكة، وأقصى ما يمكن أن تحققه هو “معارك افتراضية طاحنة” يتقاذف فيها مرتادو مواقع الأنترنت التغريدات، ويتبادلون السب والشتم.