صحيح أن غزة هشمت بما فيها من طرف إسرائيل.. لكن غزة شامخة بمعنويات شعبها. قارنوا ما يأتي وأنتم تعرفون: أولا: في 1948 هشمت إسرائيل جيوش العرب، وهشمت معها معنويات الشعب الفلسطيني، ولذلك احتلت إسرائيل المزيد من أراضي 1948، ولم تنسحب.! وفي سنة 1967 احتلت إسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية بعد أن هشمت جيوش العرب مرة أخرى، وأكثر من ذلك هشمت معنويات الشعوب العربية وقبلهم قادتها.! ولم تنسحب إسرائيل من الجولان إلى اليوم، ومن الضفة الغربية أيضا، وانسحبت من سيناء بعد مفاوضات كامب دافيد التي كانت هزيمة معنوية سياسية للعرب أكبر من هزائم 48 و67. نعم عادت سيناء ولكن إسرائيل احتلت القاهرة سياسيا وثقافيا واحتلت من خلالها العرب أجمعين. ثانيا: إسرائيل كانت توصف من طرف العرب (وجوه الهزيمة) بدويلة العصابات الصهيونية رغم أن هذه العصابات كانت تذل بالهزائم جيوش عرب الكلام والجبن السياسي والعسكري... واليوم إسرائيل هي التي تصف “حماس” بأنها جماعات إرهابية، ومع ذلك تنسحب إسرائيل من الميدان أمام هذه العصابات الإرهابية كما كان يفعل العرب في سيناءوالضفة الغربية والجولان حين كانوا يصفون إسرائيل بالعصابة.! الآن إسرائيل أصبحت تشبه العرب بتصرفاتها مع “حماس” غزة، تنسحب إسرائيل من غزة دون قيد أو شرط تجنبا لهزيمة، ثم تتفاوض مع العصابات بوسيط في القاهرة، تماما مثلما كان يتصرف العرب مع إسرائيل المنتصرة في 67، 48. إسرائيل أصبحت في سلوكها السياسي العسكري تشبه العرب في الخمسينيات والسبعينيات.. فهل يكون مصيرها مصير العرب؟! ثالثا: الأمريكان أصبحوا يقولون إن إسرائيل ستختفي خلال ال20 سنة القادمة بسبب المستجدات الحاصلة في المنطقة، واتجاه الشعوب في المنطقة إلى أخذ مصيرها بيدها بعيدا عن حكام السوء. وأحسن انتقام لليهود من العرب، الشعوب والحكام، هو أن تبادر إسرائيل إلى إعلان دولة لا دينية للفلسطينيين واليهود وحل الأزمة، كما تم الأمر في جنوب إفريقيا.! وأول نتائج مثل هذا الأمر، هو تسليم القوة اليهودية النووية والعسكرية والاقتصادية إلى الفلسطينيين الذين شردهم العرب 70 سنة وأذلهم الحكام في مصر، السعودية والكويت والعراق وسوريا ولبنان والأردن.. وحان الوقت لأن يساعد اليهود الفلسطينيين على إذلال العرب بالقوة الإسرائيلية “المفلسطنة” باتفاق تاريخي بين اليهود والفلسطينيين. إذا وصل الفلسطينيون للحكم مع اليهود في تل أبيب هم الذين سيحرمون القدس عن العرب وهم الذين سيغيرون الأوضاع في الدول العربية البئيسة بدءا من السلطة الفلسطينية البائسة إلى حكام القاهرة والرياض ودمشق. نعم قد نحلم بالتغيير في المنطقة العربية يأتي على أيدي الفلسطينيين الذين غيروا الموازين في غزة وقبلهم غير الموازين حزب الله في جنوب لبنان! هل هذا فعلا مخاض ميلاد أمة جديدة؟! [email protected]