طغت جريمة القتل التي عاشها وسط مدينة وهران، نهار أمس، على أحاديث الناس، لبشاعتها وللضحايا الأبرياء الذين قضوا فيها دون أن يكون لهم دخل. لقد استيقظ السكان على الساعة الثالثة من ليلة الجمعة إلى السبت على وقع دوي انفجار قوي أخرجهم من منازلهم إلى الشرفات والشوارع، ليظهر أن الدوي مصدره شارع “لامارتين” المشهور هنا في وهران، والذي يؤدي من شارع العربي بن مهيدي إلى شارع خميستي في الطابق الأول للعمارة رقم 11 غير بعيد عن مقهى “لينيك” وسوق ميشلي، وهذا بعد أن شوهدت سيارات الشرطة تهرع باتجاهه، ولحقت بهم بسرعة سيارات وشاحنات الحماية المدنية. وقد اجتهد أعوان الحماية المدنية، الذين وصلوا إلى موقع الحادث بعد دقائق قليلة من وقوع الانفجار لإنقاذ السكان الذين كانوا يستغيثون من شرفات شققهم في العمارة المتكونة من أربعة طوابق. في حين كان الدخان يتصاعد من الشقتين الواقعتين في الطابق الأول. وهنا قام أعوان الحماية المدنية باقتلاع الباب الحديدي من الشرفة اليمنى، ليشرعوا في إخماد النار، قبل أن يكسروا باب الشقة الثانية التي وصلت إليها النيران، ويكتشفوا داخل الشقة الأولى جثة شخص مذبوح ومطعون عدة مرات في مختلف أنحاء جسمه. وعند سؤالنا عن هوية الضحية قالوا إن الأمر يتعلق برجل يدعى “م. خير الدين” ويشتهر بكنية “دينو العمية”. وفي الشقة الثانية، عثر أعوان الحماية المدنية على قتيلين هما امرأة في ال65 سنة من العمر وحفيدها البالغ من العمر سنة ونصف فقط، كانا قد قدما من مدينة بني صاف بولاية عين تموشنت ونزلا ضيفين عند أحد أقاربهما المقيم في تلك الشقة، فيما أصيب رجلان بجروح وحروق خطيرة. وتفيد المعطيات الأولية، أن المتوفيين والجريحين، كانوا ضحايا الانفجار الذي هزّ الشقة التي كانوا فيها والمجاورة لشقة “دينو” في نفس الطابق، وأن الانفجار تسبّب في انهيار جدران المسكن التي هوت على المرأة المتوفية وحفيدها الذي كان نائما في حضنها، في حين أصيب قريبيهما وتم نقلهما إلى مستشفى أول نوفمبر. وتفيد المعطيات الأولية، أن “أشخاصا أو شخصا” كانوا مع الضحية “دينو” في شقته وقتلوه ثم فتحوا صمام الغاز وغادروا الشقة من الباب، وهذا بفعل عدم ملاحظة المحققين لكسور على الباب، كما يكون الغاز المتسرب من الشقة قد وصل إلى شقة الجيران، في انتظار تحديد سبب الشرارة التي جعلت الغاز يلتهب ويسبّب ذلك الانفجار القوي الذي كسر هدوء وسط مدينة وهران في ذلك التوقيت من الليل. وقد منع أعوان الشرطة الأشخاص الفضوليين من الاقتراب من موقع الحادث، في حين باشرت الشرطة العلمية رفع البصمات والتحريات، كما غادر سكان العمارة شققهم مرعوبين، ووصل في حدود الساعة الثامنة من صباح أمس أقارب سكان الشقة المجاورة من مدينة بني صاف مذعورين. روايات تنتظر التأكد منها وتعددت الأحاديث عن سلوكيات “دينو العمية” ومحاولات القتل الثلاث السابقة التي تعرض لها، والتي فقد في واحدة منها عينه اليسرى. وشهد جيرانه في مسكنه القديم في شارع جبهة البحر، عن الحفلات التي كان يقيمها ونوعية زواره من نساء ورجال. وذرفت كثير من النسوة اللائي تنقّلن إلى موقع الحادث الدموع لمشهد الشقة المحترقة ولما سمعنه من روايات حول الحادث، كما علمت “الخبر” أن مصالح الأمن عثرت في الشقة المحترقة على ملابس وهواتف نقالة وغيرها من الأغراض التي قد تساعد التحقيق. توقيف المشتبه فيه بقتل “دينو” لم يستغرق هروب المشتبه به في قتل “دينو العمية”، أكثر من ثماني ساعات، حيث ألقت عليه مصالح الأمن القبض في المستشفى الجامعي لوهران، وذلك بعد أن توجّه إليه للعلاج من الحروق والجروح التي أصيب بها. وتفيد المعلومات التي بحوزة “الخبر” أن أحد أعوان مصلحة الاستعجالات لمستشفى وهران، اشتبه في شخص جاء للعلاج، قبل منتصف نهار أمس، وكان يرتدي ملابس نظيفة، لكن جسده مصاب بحروق وجروح يمكن أن تكون جراء تعرضه لطعنات. لكن الذي أثار شكوك عون الأمن، أن الجريح كانت تبدو عليه سلوكيات غير عادية، ومع الأخبار التي شاعت في مدينة وهران في وقت سابق حول مقتل “دينو العمية”، قام بإبلاغ عناصر الشرطة الذين تنقلوا إلى مصلحة الاستعجالات، وتقربوا من الشخص المشبوه الذي قدم لهم “رواية مضطربة وغير مؤسسة” حول ما حدث له، وهو ما تطلّب فتح تحقيق رسمي معه، ثم تقرر إلقاء القبض عليه ونقله إلى مقر الأمن لتعميق التحقيق.