ذكر المؤرخ محمد غرتيل، أن قصة زهرة الألمانية المجاهدة الأوروبية التي طلّقت شوارع باريس والرفاهية، تُعد رائعة ومثلا في التضحية والوفاء، حيث التحقت بزوجها الجزائري في جبال الأوراس، فهي الشقراء التي عشقت الجزائر، وبقيت فيها حتى الاستقلال. التحقت بالجبل كممرضة. وبعد الاستقلال بقيت في "تكوت" بباتنة، لتعمل كقابلة استقبلت كل مواليد "تكوت". هي اليوم أم ل 5 أبناء و18حفيدا، وتنعم بالحرية. عاشت مرارة الثورة وويلاتها مع زوجها "أحمد ضحوة"، بعدما انتقلت من فرنسا إلى الجزائر للحاق بزوجها في جبال الأوراس الأشم (تكوت وشناورة). واسمها الحقيقي "فاندنابل ليونتين جورجات جراردة"، (ألمانية الأصل) المعروفة باسم الزهرة الألمانية، بقيت في "تكوت" رمزا للتضحية. مباشرة بعد الاستقلال بدأت الزهرة حياة جديدة مع زوجها الحبيب، لتبقى تعمل 35 سنة في قطاع الصحة بباتنة، خدمت الجميع وعلى رأسهم النساء والأطفال باعتبارها قابلة. وجابت بحقيبتها شناورة ومداشر تكوت. تكيّفت مع المنطقة، ولبست لباسها الشاوي، وأصبحت شاوية بامتياز، ومحط احترام وتقدير الجميع، علما أنها دخلت الإسلام، مباشرة، بعد الاستقلال، وحصلت على الجنسية الجزائرية نهاية الستينيات. اختارت الحياة البسيطة، واستمرت مع زوجها المجاهد. وذكر المؤرخ أن المجاهدة الألمانية من مواليد 10 ماي 1942. عملت بفرنسا تحت إشراف جبهة التحرير الوطني، ولاقت التضامن من طرف نساء وسكان عين الناقة ببسكرة، ثم بالأوراس بعد سجن زوجها. ومباشرة بعد وصولها إلى المنطقة ب 24 ساعة، التحقت بجبال الولاية التاريخية الأولى، وكان عمرها 19 سنة. كان السير على الأرجل إلى جبال كيمل، متعبا وقاسيا، حتى إنها شعرت بتفتّت رجليها بسبب التضاريس الوعرة، إلا أنها تجاوزت هذه المتاعب حين التقت زوجها فيما بعد. عملت بمستشفى المجاهدين بغابة كيمل رفقة ممرضة أخرى تدعى نادية القبائلية. كما مُنحت السلاح واللباس العسكري من طرف قيادة جيش التحرير التي كانت تعاملها معاملة خاصة، على اعتبار أنها أوروبية لا تطيق البؤس والحياة الصعبة كأبناء البلد، لذلك كانت تعامَل برفق، لكنها كانت تحاول أن تكون مثل إخوانها الجزائريين، وواصلت الكفاح حتى 19 مارس 1962م .