أدان مجلس الأمن الدولي بشدة الهجمات التي شنتها طائرات مسيرة الأسبوع الماضي على قاعدة لوجستية تابعة للأمم المتحدةبجنوب "كردفان" في السودان بما أسفر عن مقتل ستة من قوات حفظ السلام البنغالية وإصابة تسعة آخرين. وأعرب أعضاء مجلس الأمن، في بيان، أول أمس، عن قلقهم "البالغ" إزاء هذا الهجوم "المتعمد" على قاعدة لوجستية للأمم المتحدة وقوات حفظ السلام التابعة لقوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة ل"أبيي" المعروفة اختصارا باسم "يونيسفا"، مبرزين أنه يمثل "تجاهلا صارخا" للقانون الدولي، ويشكل "تهديدا خطيرا" للسلام والأمن الدوليين، كما أدان أعضاء المجلس ب«أشد العبارات" استهداف قوات حفظ السلام الأمميين وجميع الهجمات والاستفزازات ضدها"، ودعوا إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات "دون تأخير". وأبرزوا أن "الاعتداءات على قوات حفظ السلام قد تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي وذكروا جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني"، داعين الأممالمتحدة إلى "الإسراع في التحقيق في هذه الانتهاكات". وناشدوا السودان وجنوب السودان على تقديم الدعم الكامل لقوة "يونيسفا" وعملياتها واتخاذ الخطوات المناسبة لدعم سلامة وأمن جميع مباني الأممالمتحدة وموظفيها، مشدّدين على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في "أبيي". والحقيقية أن الهجمات لا تطال هذه القوات بل حتى مرافق الرعاية الصحية التي تحوّلت إلى أهداف مبارحة تقصف مقراتها ويقتل موظفيها في انتهاكات جسيمية ترقى إلى خانة "جرائم الحرب"، وهو ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية، التي أكدت أن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في السودان صارت أشد فتكا وأكثر انتشارا في وضع يحرم السكان من الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة ويعرض العاملين الصحيين والعمليات الإنسانية لمخاطر جسيمة، مشيرة إلى أنها تحققت من وقوع 201 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في السودان منذ اندلاع النزاع في أفريل 2023 أسفرت عن عن مقتل 1858 وشخص وإصابة و490 آخرين. ولفتت إلى أنه خلال عام 2025 جرى توثيق 65 هجوما تسبب في أكثر من 1620 وفاة و276 إصابة. وتمثل هذه الوفيات أكثر من 80% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الهجمات على الرعاية الصحية، التي تحققت منها منظمة الصحة العالمية في حالات الطوارئ الإنسانية المعقدة في عام 2025 على مستوى العالم. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس بعثتها في السودان، شبل صهباني، إن الهجمات على الرعاية الصحية في السودان صارت أشد فتكا والأمر في تصاعد وازدياد، بما يفاقم تقويض إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية في وقت تشتد فيه الحاجة إليها، مبينا أن "العاملين الصحيين واصلوا تقديم الخدمات الصحية بشجاعة وتفان استثنائيين في ظروف بالغة الصعوبة"، وشدد على "ضرورة تأمين الحماية لهؤلاء المتفانين، لا أن يتعرضوا للقصف أو الاحتجاز". ووفق صهباني، ففي دارفور، لا يزال العنف والهجمات المتكررة على الرعاية الصحية يعرقلان الوصول إلى الخدمات، حيث أفادت تقارير صادرة في بداية شهر ديسمبر باحتجاز ما لا يقل عن 70 من العاملين الصحيين إلى جانب نحو 5000 مدني في نيالا بولاية جنوب دارفور. وجاء ذلك في أعقاب هجمات متعددة على مرافق صحية في الفاشر خلال أكتوبر الماضي ومنها هجمات متعمدة على مستشفى للولادة أسفرت عن مقتل أكثر من 460 مريض وأفراد من أسرهم ومدنيين آخرين، إضافة إلى اختطاف ستة عاملين صحيين من الفاشر ومحليات محيطة بها في تشرين نوفمبر 2025. وطالبت "الصحة العالمية" بالوقف الفوري للهجمات على المدنيين والعاملين الصحيين والمرافق الصحية والعمليات الإنسانية في السودان، وحثت جميع الأطراف على ضمان وصول إنساني آمن وسريع ودون عوائق عملا بمقتضيات القانون الإنساني الدولي، لافتة إلى أنه حان الوقت أن ينعم شعب السودان بالسلام بعد طول انتظار.