كثيرا ما يصيب الجزائري خلال رمضان قلق وتوتر زائدان بسبب الانفعال الفائق لأتفه الأسباب. ويُرجع الخبير النفسي عبد القادر مصفن ذلك إلى الابتعاد النسبي عن العلاقة الروحية مع الله؛ باعتبار هذا الشهر أصبح في ذهنية المجتمع مرتبطا بالمائدة الرمضانية والامتناع عن الأكل فقط وليس بعبادة الله. كثيرا ما نشاهد نشوب مناوشات وشجارات بين أطراف مختلفة، لاسيما الشباب منهم في الأسواق وعلى الطرقات أو داخل المحلات وحتى في البيوت، هذه الظاهرة أصبحت تطبع يومياتنا إلى درجة أنها باتت تبدو لنا صورة عادية، فالجميع مهدَّدون بالتجابه مع شخص سريع الانفعال في شهر رمضان؛ ما يؤدي بالبعض إلى تفادي الخروج من البيت لتفادي التعرض لأية إصابة، هذا ما أشارت إليه وداد في الأربعينات قائلة: “أصبحت الفترة المسائية في رمضان أشبه بحلبة مصارعة، الكل معرَّض للإصابة فيها، وعليه فتوخّي الحذر واجب”. وأضافت: “في العديد من المرات أكون على واقعة حوادث نشبت أمامي لأتفه الأسباب في معظمها، وتؤدي إلى إصابات بالغة وقاتلة في بعض الأحيان!”. من جهة أخرى، يؤكد الشاب نبيل بائع بإحدى أسواق العاصمة، أن معظم الأسواق تشهد هذه الظاهرة خلال رمضان، وذلك بسبب قلق بعض الأشخاص ومحاولتهم صب غضبهم على الجميع، لانقطاعهم عن التدخين خلال فترة الصيام، حيث يصبح الشخص متوترا وعلى أهبة الاستعداد لأي شجار”. يعرّف الخبير عبد القادر مصفن الصوم بالعلاج الفعّال للعديد من الأمراض، لاسيما من الناحية الجسدية، فالامتناع عن الأكل يريح المعدة ويقيها من العديد من العلل، حيث أصبحت الدول الأوروبية مؤخرا تؤيد هذه العادة التي وجدت فيها منافع عديدة، هذا إلى جانب الناحية النفسية، فالصيام ليس امتناعا عن الأكل والشرب فقط وإنما ابتعاد عن كل الشهوات التي حرّمها الله مع الاقتراب منه بالطاعة والعبادة في الصلاة والصوم والقيام. وأضاف مصفن أن العلاقة الروحية مع الله هي التي تساعد على القيام بهذا الركن من الإسلام بكل راحة، وعلى أتم وجه دون التعرض لأزمات قلق وانفعال طول النهار.
الصيام تقليد وليس عبادة..! ويُرجع مصفن هذا الانفعال إلى العديد من الأسباب سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، أهمها أن رمضان في ذهنية المجتمع أصبح مرتبطا بفكرة الأكل والشرب، وأن الصيام امتناع عنهما فقط، وعلى هذا الأساس يُعتبر هذا النقص في المطلب البيولوجي الخاص بالأكل سبب القلق؛ ما يؤثر على النفس، فارتفاع مستوى هرمون الأدرينالين في الجسم وراء القلق والغضب غير المبرر، يقول مصفن. ويشير محدثنا إلى أن مفهوم الصيام أصبح بعيدا كل البعد عن تعريفه الأساس، وهو عبادة الله وطاعته، وإنما أضحى تقليدا تتوارثه الأجيال وتبتعد عن معناه الحقيقي والتربية الدينية والتنشئة الإسلامية، التي توضح ماهية الصيام وأسسه السليمة. ويقول الخبير إنه هنا يأتي الدور الأساس للأولياء في ترسيخ التعريف الحقيقي للصيام وكل الأفعال التي تبطله.
غلاء المعيشة.. محفّز الأدرينالين! شهر رمضان شهر الرحمة، إلا أن أسواقنا خلال أيامه تتسم بالغلاء والارتفاع غير المعقول في الأسعار؛ ما يسبّب الضغط على المواطنين، الذين يحاولون التوفيق قدر الإمكان بين المصاريف اليومية التي تزداد في هذا الشهر الفضيل ومحاولة الصيام بهدوء، فهذا الارتفاع يسبب الإرهاق والقلق؛ ما ينعكس على نفسية الفرد، ليتحول إلى غضب جامح يحاول صبه على الآخرين. وفي هذا الصدد، يقول الخبير إن بعض الدول الأوروبية التي تضم جالية مسلمة كبيرة على غرار كندا وإسبانيا، تتعمد تخفيض أسعار المواد الغذائية؛ ترحما بالصائمين وأيضا كنوع من الامتياز الذي يتحصل عليه المسلمون الأوروبيون. والجدير بالذكر، يقول الخبير، أن هذه الشجارات إذا ما رافقها الظلم والشتم فيُعد الصيام باطلا ويوجب قضاءه.