تواجه البنوك والمؤسسات المالية الوطنية حالة من التذبذب في الحصول على السيولة النقدية، تسمح لهذه المصارف لمواصلة القيام بمهامها المتمثلة في تمويل المشاريع ونشاط الشركات الاقتصادية العمومية والخاصة، لاسيما وأنّ جل البنوك العمومية تعاني من عدم تسديد الملايير من القروض استفادت منها الشركات التي أتهم أصحابها بالتورط في قضايا الفساد كانت وراء الزج بهم خلف القضبان. وعلى هذا الأساس، تحاول البنوك الناشطة في السوق الوطنية والتي تمثل حوالي 80 في المائة منها المصارف العمومية، إيجاد المخارج الممكنة لإعادة ملئ محافظها والمواصلة في إجراء المعاملات المالية، في ظل النقص الكبير في السيولة جراء التباطؤ الكبير للدورة الاقتصادية الوطنية، وتبني الحكومة لسياسة غلق والتشديد على معاملات التجارة الخارجية في سياق تجسيد مساعي تقليص فاتورة الواردات الوطنية. وفيما لطالما وقفت السلطات العمومية إلى جانب المؤسسات المالية والبنوك العمومية على وجه التحديد، من أجل حل مشكل السيولة عبر ابتداع العديد من المبادرات على مدار السنوات القليلة الماضية، هاهي الحكومة تنفض يدها من هذه المؤسسات واضعة إيّاها أمام خيارات للاجتهاد للتوصل إلى الحلول المناسبة، من منطلق أنّ الوضع الحالي للبلاد لا يسمح للسلطات العمومية بالتحرك والتدخل لإنقاذ الوضع، لاسيما تواصل نزيف احتياطي الصرف، واستقرار أسعار المحروقات التي تعتبر المورد الأساسي للخزينة العمومية عند مستويات متواضعة على الرغم من جميع المحاولات الرامية لإنعاشها وفي هذا الشأن، تؤكد مصادر مالية بأنّ جل البنوك العمومية انطلقت في القيام بدراسات تهدف بالمقام الأول إلى انعاش حركة المعاملات التي تقوم بها هذه المؤسسات المصرفية وجلب أكبر ممكن من القروض والتمويلات لمواجهة حالة نقص السيولة، ومن هذه المنطلقات تعكف البنوك على اتخاذ التدابير التي من شأنها اقناع المواطنين بضخ أموالهم من المدخرات في البنوك، مقابل تحفيزهم بالحصول على نسب فوائد كبيرة. وقد كان بنك التنمية المحلية "BDL" السباق في هذا المسعى عبر الخطوة التي اتخذها أطلقها قبل أيام من خلال طرح منتوج بنكي جديد على الأشخاص تحت تسمية "السند النقدي"، يمكن من خلاله لأي شخص طبيعي أو مادي إيداع أمواله في كل وكالات بنك التنمية المحلية للحصول على نسبة فائدة مرتفعة يمكن أن تصل حتى إلى 05 بالمائة في حال إيداع 100 مليون دينار أو أكثر في مدة زمنية تساوي أو تفوق 60 شهر. عملية تسويق المنتوج البنكي "السند النقدي " لبنك التنمية المحلية انطلقت بداية الأسبوع الماضي عبر 147 وكالة عبر كامل التراب الوطني، ويمكن لأي شخص طبيعي أو مادي إيداع أمواله والحصول على نسبة فائدة مهمة، وتكون نسب الفوائد متفاوتة حسب القيمة المادية المودعة، و التي تتراوح ما بين 2 إلى 05 بالمائة، عند إيداع ما قيمته ما بين 50 إلى 100 مليون دينار جزائري في مدة زمنية تتراوح ما بين 03 إلى 60 شهر، وفي حال إيداع مبلغ 100 مليون دينار أو أكثر في مدة 60 شهر يمكن للزبون الحصول على نسبة فائدة تصل إلى 05 بالمائة، أي كل ما كانت الآجال متباعدة كالما كانت نسبة الفائدة مرتفعة.ويبدو أنّ التدابير المتخذة من قبل البنوك ستعرف نفس مصير المبادرات السابقة التي لجأت إليها الحكومة على مدار السنوات القليلة الماضية، في ظل انعدام ثقة المواطنين في المؤسسات المالية وتخلف وضعف آليات البنوك، وهو الأمر الذي يجعل نفس سيناريو "القرض السندي" و"الالتزام الضريبي الطوعي" وغيرها من الآليات تفشل على الرغم من كل التحفيزات التي اقترحتها الحكومة السابقة والتنازلات غير المسبوقة وعدم السؤال عن مصدر الأموال المودعة في الحسابات البنكية على الرغم من مخالفة ذلك للقانون الساري العمل به للمواثيق الدولية الموقعة من قبل الجزائر.