ربما الخراب الذي حل بالكثير من المنشآت والمؤسسات جعلنا ننسى في خضم كل هذا، أمرا مهما؛ وهو أن لا أحد من المسؤولين عندنا باختلاف أوازنهم واشكالهم وانتماءاتهم الحزبية قدم استقالته جراء الأحداث الأخيرة، لا وزير التجارة الذي حاول إطفاء الحريق بدلو ماء مثقوب من خلال الإجراءات السريعة وغير المدروسة التي تخص الأسعار، قدم استقالته أو أقال من رأى فيهم التقصير، ولا المسؤولين المحليين الذين طال التخريب أقاليمهم ولم يستطيعوا حتى الخروج للشباب ويواجهونهم من أجل الكف عن التخريب، ولا حتى مجرد "مير" رمى المنشفة. أمر محير فعلا أن يخرج الكثير من المسؤولين سالمين غانمين من عنق الزجاجة، بينما بقي الشباب الذي احتج في قاع الزجاجة، وربما كان على هؤلاء الشباب الاستقالة من الحياة كما فعلها البوعزيزي في تونس حتى يتفطن الأميار في البلديات والولاة في الولايات والوزراء في طواقمهم والأحزاب في نضالهم، وحتى المضاربون في جشعهم، هؤلاء المضاربون الذين تتكلم عنهم وسائل الإعلام دون أن تحدد شكلهم ولا حجمهم ولا أسماءهم، كأنهم أسماء مبنية للمجهول، هكذا بكل بساطة حل المشكل ولا استقالة واحدة ولو "لمير".