مع وفاة الحاج عبد القادر عزوط يوم السادس من شهر مارس الماضي فقدنا مجاهدا من الساعات الأولى في القتال من اجل استقلال الجزائر و فقدنا في هذا التاريخ دبلوماسي محنك و قدير. ولد في معسكر يوم 2-6-1932 وترعرع الحاج عزوط منذ صغره في وسط الحركة الوطنية وقد تأثر الفقيد بعدد كبير منهم وخاصة عمه مصطفى استنبولي(1920-1948) الذي كان ناشط كبير في الحركة الوطنية وعضو في(ppa) منذ نهاية الثلاثينات وسكرتير دولة في أول حكومة مؤقتة في 19-9-1958. وقد درس الحاج عزوط في مرحلته الثانوية في مدينة تلمسان من سنة (1942-1948) وأكملها في مدينة وهران ليحصل على شهادة البكالوريا في 1952. وقد التحق بكلية الفلسفة والآداب في جامعة الجزائر سنة(1952-1956) وكان عضوا في الحركة من اجل انتصار الحرية والديمقراطية. في سنة 1952 كان عضوا في جمعية الطلبة المسلمين لشمال افريقيا(AEMNA) وفي سنة 1956 كان عضو في الاتحاد العام للطلاب المسلمين الجزائريين (EGEMA).وقد التحق في نفس هذه السنة بجبهة التحرير الوطني(FLN) وبعدها بسنة التحق ب(ALN) جهاز المخابرات والارتباط للولاية الخامسة"وهران" وفي سنة 1958 عين بمنصب كبير في وزارة الحربية والارتباطات العامة(MALG)وفي نفس السنة عين عضو في المحكمة العليا التي كان يرأسها الرئيس الراحل هواري بومدين. وفي سنة 1959عين سكرتيرا عاما للجنة المشتركة بين الوزارات للحرب(CIG) والمؤلفة من عبد الحفيظ بوصوف وبلقاسم كريم وعبد الله بن طوبال وعند حل هذه اللجنة أصبح مديرا للمدارس الحربية لحين الاستقلال. الحاج عبد القادر عزوط عاد لدراسة القانون في الجزائر العاصمة ثم تابع دراسة العلوم السياسية في نيويورك في جامعة saint jhon وبعدها في معهد العلوم السياسية في الجزائر العاصمة. وفي سنة 1963شرع في رحلة جديدة في العمل المدني عند دخوله وزارة الخارجية وتقلد آنذاك مناصب مهمة سواء أكانت إدارية مركزية منها أو الخدمات الخارجية. وبعد عمل لفترة قصيرة بقسم آسيا-امريكا اللاتينية عين مستشارا في سفارة الجزائر بدمشق. وفي سنة 1967 تم تعيينه في البعثة الدائمة للجزائر في الأممالمتحدة في نيويورك. وخلال خمس سنوات كان شاهدا على كبرى المناقشات التي عصفت بالعالم بعد النهاية المؤقتة للحرب الباردة وخاصة في مجلس الأمن والتي كانت الجزائر لفترة عضو غير دائم فيه: إنهاء إجراءات الاستقلال في إفريقيا,الأزمة القبرصية،الخلاف الهندي-الباكستاني حول كشمير،حرب فيتنام،الحرب العربية الإسرائيلية ،نزع التسلح...الخ. فبالنسبة لهذا الدبلوماسي الشاب مثلت تجربة الأممالمتحدة له تجربة غنية ستخدمه لاحقا في عمله.ففي سنة 1970 وعند عودته للجزائر كان مسؤولا عن الملفات الدولية باعتباره عين على رأس قسم الهيئات الدولية وكذلك كان يتابع ملفات كبرى كالعلاقة بين الشرق والغرب والعلاقات شمال- جنوب والتي لعبت فيها الجزائر دورا أساسيا لقيام نظام اقتصادي عالمي جديد وكذلك اجتياح واحتلال المغرب للصحراء الغربية وانعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز في الجزائر عام 1973وحرب اكتوبر العربية الإسرائيلية في نفس السنة...الخ. في سنة 1978 عين سفيرا في الكامرون وفي سنة 1982سكرتير عام وزارة الخارجية ثم عضو اللجنة المركزية 1982-1990. ترك عمله الدبلوماسي لفترة مؤقتة ليشغل سنة 1984رئيس ديوان مجلس المحاسبة حتى لسنة 1987 والتي فيها عين سفيرا في لندن وبصورة موازية استمر بمتابعة الملفات الكبرى في المم المتحدة كملف نزع السلاح. وفي سنة 1985 عين رئيساً للجنة الاستشارية لدراسات نزع الأسلحة(معهد الأممالمتحدة للبحوث ونزع الأسلحة)و انتهي عمله الدبلوماسي مع التقاعد المبكر في سنة 1989. وهكذا فالحاج عزوط وفي نهاية مسار طويل وغني كمجاهد وكدبلوماسي ساهم كباقي المسؤولين من جيله في تحرير وتشييد الجزائر.و بفقدانه أحس رفاق دربه وأصدقائه بخسارة كبيرة للوطن.