تترجم الأفاق البعيدة التي يطمح لها الشباب أخذ العديد من الشباب بولاية الجلفة زمام المبادرة بكل نشاط وحيوية من خلال المساهمة في تنظيف المحيط عبر عدد من أحياء المدن الكبرى لاسيما بعاصمة الولاية التي تزينت بجداريات معبرة وتترجم الأفاق البعيدة التي يطمح لها هؤلاء حسب ما لوحظ . ص. ج وكانت البداية في الأيام القلائل الماضية على مستوى محطة النقل الجامعي، بحرم جامعة “زيان عاشور” أين قام العديد من الطلبة – لم يخلوا منهم العنصر الأنثوي – بحملة نظافة واسعة غيرت المكان الذي كان مشوها حيث رسم هؤلاء ملمحا جماليا متميزا، بفضل سواعدهم ولم ينل منهم التعب بفضل تكاثفهم وتعاونهم لتجسيد فعل حضاري بامتياز. وبوسط مدينة الجلفة، أخذ عدد من أعضاء الجمعية الولائية “فكرة” النموذج الحضاري فقام هؤلاء بتنظيف المحيط عبر الساحة العمومية الإدارية “محمد بوضياف” وأبدعت ريشتهم الفنية في رسم جدارية زينتها الراية الوطنية وصورة لشباب التحدي، يلوح فكره في آفق مشرق ويحاول السمو بطموحاته إلى غد افضل. وقد بدأت هذه الأفكار تتجسد لاسيما منها تنظيف المحيط وخلق مبادرات جماعية في رص الصفوف الشبانية تبرز إرهاصاتها من خلال ما أفرزه الحراك الشعبي السلمي من التحام للفئة الشبانية وتفكيرها المستمر في التغيير المنشود حتى على المستوى المحلي من خلال القضاء على كثير من المظاهر التي تشوه المدينة حسبما أجمع الكثير من أصحاب هذه المبادرات المتميزة في الوسط الحضري. وكشف الطالب زكريا محي الدين الذي يدرس بجامعة “زيان عاشور” تخصص علوم وتكنولوجيا بأن مبادرة التنظيف على مستوى الجامعة “لم تأت صدفة بقدر ما كانت نابعة من محاولة تغيير بسيط للذهنيات ومسايرة الحراك الشعبي بفعل حضاري ينم في داخلنا ونستطيع أن نغيره على مستوانا لنكون نموذجا يقتدى به في مثل هذه السلوكيات الراقية”. ونظرا لنجاعة هذه الفكرة – التي يقول أصحابها أنها نابعة من حب الوطن والتمسك بمبادئه الراسخة التي تسمو فيها راية الشهداء- فقد التف حولهم الشباب ممن كان في بادئ الأمر مشاهدا ليجد نفسه طرفا في عملية تنظيف المحيط وتزيين المظهر العام للمدينة. وأما القائمين على الجمعية البلدية “فكرة” التي تقوم برسم الجداريات فقد أكد رئيسها قاسم كمال بأن هذا “العمل التطوعي ليس لديه ارتباط بالحراك الشعبي بقدر ما هو تقليد دأبت عليه منذ تأسيسها حديث العهد حيث تقوم برسم جداريات على مستوى مرافق قطاع الصحة ومؤسسات التربية” مشيرا إلى أن الهدف من ذلك “تزيين المحيط ومحاولة الابتعاد بالشباب من مختلف الآفات الاجتماعية التي تحاصره وكذا رسم صورة مشرقة للأجيال الصاعدة”. للإشارة لم تقتصر هذه المبادرات على عاصمة الولاية بقدر ما نظمت هذه الأيام مثيلاتها عبر عدد من البلديات كما هو الحال بعين وسارة ودار الشيوخ ومسعد. ** الهبة لتنظيف الأحياء ورسم الجداريات ترسم روح العمل الجماعي واعتبر الأستاذ والباحث في علم الاجتماع بجامعة “زيان عاشور” الدكتور لعمري الحاج بأن “هبة الشباب لتنظيف الأحياء وأكثر من ذلك بعث السلوكيات الحضارية وسط مجتمعهم من خلال رسم الجداريات المعبرة هو فعل يرسم في فحواه (بالنسبة لعلم الاجتماع) ما يسمى بروح العمل الجماعي فتتشكل المجموعات وتتوسع أكثر وهو بمثابة تدحرج كرة الثلج التي سرعان ما تكبر . وأضاف الجامعي أن قضية العمل التوعوي وحملات النظافة والتأريخ لمراحل معينة تشكل ظاهرة ضمن ما يطلق عليه في علم الاجتماع ب”العناد الإيجابي” وهي ظاهرة “جزائرية بامتياز فمثل هذه المبادرات أسس لها من طرف شاب واحد لتتوسع ويصبح لها صدى هنا وهناك كما هو الحال للجلفة التي هي قطعة من الجزائر تفاعل شبابها بمثل هذه الظواهر المجتمعية”. وعزز الدكتور لعمري رؤيته العلمية بقوله أن “المجتمع أو الشباب يجنح لظواهر معينة فمثلا هناك من هؤلاء ممن لا يستطيع الخروج للمسيرات والحراك الشعبي (بالنسبة للظرف الحالي) فيشارك بأشياء جميلة أخرى ويجسدها في أفكار تترجم سلوكياته الحضارية، كما هو الحال لنظافة المحيط أو رسم الجداريات التي تعبر من جانبها عن المكنون الموجود في ذاته وتوصيل أفكاره ويجسدها بطريقته الخاصة على غرار من يستعملون منصات التواصل الاجتماعي وكذا من يخطون أفكارهم في كتب أو مقالات معبرة”. وأشار ذات الباحث الى أن الرسم على الجدران ظاهرة إيجابية ومدعاة للافتخار مبرزا أن “رسم الجداريات سبقتها ظاهرة الكتابة على الجدران والتي تعتبر أداة لتعبير عن الأفكار والآراء السياسية وساهمت في كسر طابوهات لظواهر اجتماعية مسكوت عنها”. وكان لشباب آخرين مبادرين بمدينة الجلفة تنظيم حملة تشجير الأسبوع الفارط في مساحة “جد متدهورة” من غاية “سن لبا ” التي لا تبعد عن مدينتهم إلا بضع الكيلومترات أين قاموا بغرس 1000 شجيرة في مساحة تقارب الهكتارين وهو الفعل الحضاري الذي لاقى استحسانا كبيرا من طرف المواطنين لاسيما منهم محبي البيئة والمهتمين بالطبيعة. وتضاف هذه الحملة التي قام بها “نادي الدراجات الجبلية” لعمليات تطوعية أخرى يقومون بها كل مرة في عمل جماعي متواصل ليس له أي علاقة بأي جانب عدا التقاء هؤلاء من خلال اتصالهم المباشر أو على منصات التواصل الاجتماعي للخروج ميدانيا لاكتشاف المناطق والحفاظ على المحيط من خلال غرس ثقافة بيئية سليمة.