قررت سلطات قسنطينة الولائية تخليص الولاية من مظاهر الازدحام والفوضى والأوساخ التي طالت بالولاية، وأصبحت كسمة حضارية تتماشى ومتطلباتها الضرورية، إلا أنّ قراراتها فشلت للوهلة الأولى كمشروع فك الخناق عن المدينة الذي انطلق منذ عدة شهور ورصدت خلالها الولاية مبالغ مالية طائلة استهدفت إنجاز مسارات جديدة وأنفاق، وكذا إحداث عمليات ترميمية كبرى مست أهم الطرقات والمداخل وطالت لتصل أهم الجسور. وأقرت السلطات على إثرها أهم البنود التي غيرت القوانين والمسارات، إلا أنها لم تغير شيء في حقيقة الأمر إذ عبر السكان وعلى رأسهم سائقي السيارات عن مدى تذمرهم عن آثار المشروع الرجعية التي زاد خطرها وزادت الطين بلة، خاصة وأن الجهات الوصية لم تحترم توقيت بدء وإغلاق أشغالها العمومية عبر عديد النقاط السوداء المستهدفة التي كان أهمها "جسر سيدي راشد"، الذي أضحى كنقمة أثقلها وزن المركبات التي تسير عبره بسرعة السلحفاة عند محاولتها اجتياز المدينة للوصول إلى الضفة الأخرى، الأمر الذي دق له ناقوس الخطر وزاد من صحة الإثباتات القائلة بحتمية وقوعه في أية لحظة، رغم الجهود التي كرست لتماسك أطرافه ناهيك عن مشاكل الازدحام عبر عديد الطرقات التي عرفت انتعاشا وتنفست الصعداء خلال شهر رمضان المنصرم، لتعود الأزمة بالظهور من جديد وتضع المواطن في حيرة لا تنتهي وتساؤلات مفادها ما الذي يحدث؟ ومتى ينتهي كل هذا؟، وهل يمكن للبعض من الآثار الرجعية لجملة المشاريع التي سطرت لتخليص الولاية من أزمة مرورها منذ مدة طويلة أن تتحقق في يوم من الأيام ؟. البرنامج يتطلب نظرة أعمق أضحت مدينة قسنطينة التي تغمرها حاويات القمامة الممتلئة عبر مختلف شوارعها المرصوصة بمناظر الأكياس والقاذورات، وشتى أنواع المزابل على ضفاف الأرصفة التي تتخللها المياه القذرة النابعة عن تفجر قنوات الصرف الصحي وانعدامها في كثير من الأحيان، ديكورا يتماشى واسمها العريق الذي سعت سلطاتها المحلية والولائية إلى انتشاله من حاوية الضياع من خلال الإستفاقة على مشروع الجزائرالبيضاء الذي اقتصر على مناطق وأهمل البعض الآخر من جهة، واعترته بوادر الفشل للوهلة الأولى من انطلاقه من جهة أخرى، وذلك بحكم الجهل بأصول النظافة بالرغم من تكاتف الجهود وتلاحمها مع أسماء عديد الجمعيات ومحبي الخير، إلا أن العملية التي تعرف وتيرة سير بطيئة تنتهي في الكثير من الأحيان عند حد جمع أكوام الأوساخ وتركها إلى أجل غير مسمى إن لم تلعب الرياح دورها في إعادة نشر قدر قسنطينة المحتوم، حيث عبر العديد من المواطنين الذين إلتقت بهم "السلام" عند محطة باب القنطرة عن مدى تذمرهم الذي أوسمه الكثيرون بالسخرية من أكوام القارورات البلاستيكية وبعض الحشائش التي جمعت يوم شروع بلدية حامة بوزيان في العملية إنطلاقا من المحطة، إلا أن مخلفاتها لا تزال قيد انتظار من ينتشلها في القريب العاجل. كما أبدى البعض الآخر إعجابه بالمشروع الذي يعتبر كبادرة خير وخطوة جيدة ينبغي تعميمها على كامل أرجاء الولاية، بعد إلقاء نظرة جدية تسلط الأضواء على كامل جوانب المشروع بدءا بالحملات التوعوية التي تستهدف المواطن الذي يعتبر المتسبب الرئيسي في المعضلة، إلى توفير حاويات القمامة ليتجسد ذلك بشكل صحيح إلى تخصيص شاحنات كافية لجمعها إلى قيام عمال النظافة الذين يتناسون أدوارهم في كثير من الأحيان، مما يخلق انتشار مظاهر المزابل البشعة وروائحها الكريهة. في حين عبر البعض الآخر عن مدى وعيه التام بأن ما يحدث في حقيقة الأمر إلا ممهدا لحملة الإنتخابات القادمة وما هو إلا حلقة من حلقات "التطباع والبريكولاج" الذي أبدى مخرجوه وضع الحلقة الأخيرة التي تتطلب نهاية سعيدة تحمل مظاهر الحضارة والتقدم لعاصمة الشرق الجزائري. وبالنظر إلى ما سلف ذكره ومواضيع أخرى لم تتح لنا فرصة ذكرها جملة وتفصيلا، ينبغي القول بأن أهمية إحداث التنسيق والتكامل بين جهود مختلف الجهات الوصية التي تعنى بدراسة مخططاتها بشكل صحيح ومفصل قبل الشروع في تجسيدها بشكل عشوائي ضرورة لا بد منها، حتى يتسنى لقسنطينة استرجاع مجدها الذي ضاع بضياع قواعد التخطيط السليم، الأمر الذي يوقعها في كثير من الأحيان في بؤر الفشل بمجرد البدء في عمليات التجسيد على أرضية الواقع.