تتماشى مع التطور التكنولوجي التجارة الإلكترونية.. التحدي الجديد نور الدين مباركي شهد الاقتصاد في العالم تغيرات كثيرة وبوتيرة سريعة مما أدى إلى الإنفتاح الإقتصادي وظهور عدة أنواع ومجالات اقتصادية تتماشى والتطور التكنولوجي خاصة فالإقتصاد اليوم مرهون بمدى مسايرة الدول للتكنولوجيا هذه الأخيرة التي تلعب دور الموجه والمراقب. سنتطرق في هذا المقال للتجارة الإلكترونية واعتمادها في الجزائر حيث انتشر هذا النوع الجديد من التجارة وأعطى صورة جديدة للتعاملات والمبادلات التجارية مما أكسبه مكانة في الاقتصاد العالمي. غيرت التجارة الإلكترونية قواعد لعبة التجارة الدولية. قد يجادل البعض بأن هذا ليس سوى شكل آخر من أشكال التجارة ولكن يجب علينا أن نأخذ في الاعتبار التغييرات الناتجة وتقديم حلول مبتكرة للتعامل معها. قبل كل شيء من المهم ضمان الإدارة الفعالة والمهنية لهذا النوع من الأعمال. يجب ضمان وجود نظام قانوني يحمي أطراف العقد الإلكتروني (البائع / المستهلك). كما يضمن أيضا جمع الحقوق والرسوم. كما أن للتجارة الإلكترونية فوائد من حيث زيادة المداخيل وتعمل على توسيع السوق. وكذلك سهولة التواصل بين طرفي العقد التجاري. ويضمن كذالك مراقبة فعالة من قبل الهيئات المختصة. وبالتكلم عن الجزائر لقد قررت اعتماد هذا النمط الجديد من التجارة كأداة لمساعدة الاقتصاد الوطني ومحاولة الخروج عن التبعية للمحروقات. والإتجاه نحو اقتصاد أكثر انفتاحاً مستقرا موثوقا ومربحا. وفي هذا الصدد اعتمدت الجزائر عن طريق الجهاز التشريعي قانونًا للتجارة الإلكترونية ممثلاً في القانون رقم 18-05 المؤرخ 10 ماي 2018 . عقوبات في حالة عدم التزام طرفي العقد حيث ينص هذا القانون إلى مختلف العقوبات في حالة عدم التزام طرفي العقد فمثلا في حالة عدم الامتثال لأوقات تسليم المورد الإلكتروني (البائع) يمكن للمستهلك إرجاع المنتج في الولاية خلال فترة لا تتجاوز أربعة أيام عمل من تاريخ التسليم الفعلي للمنتج دون المساس بحقه في المطالبة بالتعويض عن الضرر. في حالة تسليم منتج لا يتوافق مع الطلب أو في حالة وجود منتج معيب يجوز للمستهلك الإلكتروني إعادة البضائع. كذلك فيما يتعلق بالدفع في المعاملات التجارية الإلكترونية يميز القانون بين المعاملة الداخلية والمعاملة العابرة للحدود حيث تنص المادة 27 من القانون 18-05 على أن يتم تنفيذ المعاملات التجارية الإلكترونية عن بُعد أو عند تسليم المنتج. عن طريق الدفع المصرح به وفقا للتشريع المعمول به وعندما يكون الدفع إلكترونيًا يتم ذلك من خلال منصات دفع مخصصة تم إنشاؤها وتشغيلها بشكل حصري من قبل البنوك المعتمدة من قبل بنك الجزائر وبريد الجزائر ومرتبطة بمحطات الدفع الإلكترونية عبر شبكة مشغل الاتصالات العامة. أما بالنسبة للمخالفات التي يرتكبها التجار الإلكترونيين يتم تسجيلها من قبل ضباط ووكلاء الشرطة القضائية وكذلك من قبل الأفراد المنتمين إلى هيئة محددة من طرف الإدارات المسؤولة عن التجارة. وبالتحدث عن الآليات والإدارات المكلفة بالرقابة المنصوص عليهم في المادة 36 من هذا القانون نتساءل عن دور إدارة الجمارك في هذا المجال حيث أقرت ونصت المنظمة العالمية للجمارك أنه من الضروري ضمان كفاءة التخليص الجمركي وتسليم الطرود الصغيرة ذات القيمة المنخفضة. تحديد نهج مشترك وفعال لمكافحة الغش من أجل إدارة المعاملات الناتجة عن التجارة الإلكترونية يجب أن تتعاون إدارات الجمارك مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين من أجل تحديد نهج مشترك وفعال لتسيير وتيسير التجارة ومكافحة الغش. كما دعت أيضا المنظمة العالمية للجمارك إلى وضع إطار لمعايير التجارة الإلكترونية يستند إلى المبادئ الأساسية للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود وهي النهوض بالبيانات الإلكترونية وإدارة المخاطر وتيسيرها وتبسيطها وجمع الإيرادات وقياسها وإنفاذها التحليل والشراكات والتوعية والمعلومات العامة وبناء القدرات وأخيرا الأطر التشريعية. كمؤسسة تتمثل مهمتها في حماية الاقتصاد تلعب الجمارك دورًا رئيسيًا. ويستند دورها أساسا على تسهيل وحماية التجارة الإلكترونية العابرة للحدود. جمع عادل وفعال من الرسوم والحقوق. وكذلك حماية المجتمع. لأن هذا النوع الجديد من التجارة والدخيل على المجتمع الجزائري قد يشكل للبعض عائقا ويحدث تجاوزات بينما ينتهز البعض الفرصة للإحتيال والنصب على المواطنين. وفي هذا الصدد هناك عدة أسئلة تطرح في هذا الشأن والتي قد تشكل إشكاليات يستلزم البحث فيها عن حلول وأجوبة مقنعة واقعية أكثر منها صورية وشكلية هل المجتمع الجزائري متأهب للتعامل مع هذا النوع الجديد من التجارة؟ هل تستطيع الجزائر من خلال مؤسساتها الاقتصادية والتجارية المختلفة التحكم في التجارة الإلكترونية وإدارتها بطريقة حديثة ومهنية واحترافية. هل سيكون لهذا النوع الجديد من التجارة تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني ويصبح بديلاً للمحروقات بغض النظر عن الزراعة والصناعة وما هي الإجراءات والتدابير الأخرى التي باشرتها واتخذتها الحكومة ممثلة في إداراتها الإقتصادية والتجارية غير ذلك القانون المعتمد مؤخرا؟ كل تلك الأسئلة وأخرى تشكل تحديا يستلزم على الدولة رفعه لإنجاح هذا النوع الجديد من التجارة وإعطاء دفع ونفس جديد لإنعاش الإقتصاد الوطني والإرتقاء به إلى المستوى العالمي.