المولودية تتأهّل    سيلا يفتح أبوابه لجيل جديد    تونس : تأجيل جلسة المحاكمة في قضية التآمر إلى 17 نوفمبر المقبل    سطيف..إعادة دفن رفات 11 شهيدا ببلدية عين عباسة في أجواء مهيبة    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    منع وفد من قيادة فتح من السفر لمصر..93 شهيداً و337 إصابة منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    الطبعة ال 28 لمعرض الجزائر الدولي للكتاب: المحافظة السامية للأمازيغية تشارك ب 13 إصدارا جديدا    في مهرجان الفيلم ببوتسوانا.."الطيارة الصفرا" يفتك ثلاث جوائز كبرى    ممثلا لرئيس الجمهورية..ناصري يشارك في قمة إفريقية بلوندا    وزير الاتصال: الإعلام الوطني مطالب بالحفاظ على مكتسبات الجزائر الجديدة    دعوة إلى ضرورة التلقيح لتفادي المضاعفات الخطيرة : توفير مليوني جرعة من اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية    شايب يشرف على لقاء افتراضي مع أطباء    الشبيبة تتأهل    دورة تكوينية دولية في طبّ الكوارث    الجيش يسجّل حضوره    تركيب 411 ألف كاشف غاز بالبليدة    حيداوي يشدد على ضرورة رفع وتيرة تنفيذ المشاريع    دورات تكوينية للقضاة    الجامعة أصبحت مُحرّكا للنمو الاقتصادي    برنامج شامل لتطوير الصناعة الجزائرية    صالون دولي للرقمنة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال    تم غرس 26 ألف هكتار وبنسبة نجاح فاقت 98 بالمائة    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    الشباب المغربي قادر على كسر حلقة الاستبداد المخزني    فلسطين : المساعدات الإنسانية ورقة ضغط ضد الفلسطينيين    ركائز رمزية تعكس تلاحم الدولة مع المؤسسة العسكرية    الإطلاع على وضعية القطاع والمنشآت القاعدية بالولاية    نور الدين داودي رئيسا مديرا عاما لمجمع سوناطراك    دعوة المعنيين بالفعالية إلى الولوج للمنصة الإلكترونية    يجسد التزام الجزائر بالعمل متعدد الأطراف والتعاون الدولي    الجزائر فاعل اقتصادي وشريك حقيقي للدول الإفريقية    وقفة حقوقية في الجزائر لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة    اتفاق الجزائر التاريخي يحقّق التوازن للسوق العالمية    رفع إنتاج الغاز الطبيعي أولوية    مخطط استباقي للتصدي لحمى وادي "الرفت" بالجنوب    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    أخريب يقود شبيبة القبائل إلى دور المجموعات    غاريدو يثّمن الفوز ويوجه رسائل واضحة    ملتقى دولي حول الجرائم المرتكبة في حق أطفال غزة    عمورة يعاني مع "فولفسبورغ" والضغوط تزداد عليه    عودة الأسواق الموازية بقوّة في انتظار البدائل    إعذارات للمقاولات المتأخرة في إنجاز المشاريع    المصحف الشريف بالخط المبسوط الجزائري يرى النور قريبا    إصدارات جديدة بالجملة    تأكيد موقف خالد في مساندة قضية "شعب متلهّف للحرية"    قراءات علمية تستعين بأدوات النَّقد    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    معيار الصلاة المقبولة    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خير الناس أنفعهم للناس..
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 09 - 2020


دأب الأنبياء والصالحين
خير الناس أنفعهم للناس..
إغاثة الملهوف ومساعدة الناس على قضاء حوائجهم هو من أعظم أعمال البر والخير وأفضل القربات إلى الله عز وجل وهو من أفضل السبل لتفريج القربات في الدنيا والآخرة وبها ينال المسلم منزلة خير الناس الذين وصفهم الحديث النبوي بأن خير الناس أنفعهم للناس .
ولهذا كان مَن يسير على هذا النهج هو خير الناس للناس وكان مِن أحب عباد الله إلى الله: فالرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ يَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً أَوْ يَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا أَوْ يَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا) (رواه الطبراني وحسنه الألباني) وقال-عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الْعبادِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ) (أخرجه أبو يعلى في مسنده وحسنه الألباني).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: فالرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنّ َاللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْت ُفَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبّ ُالْعَالَمِينَ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْتَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَم ْتَسْقِنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي) .
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ) (رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَالْ مُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إلى جَنْبِهِ) (رواه البيهقي وصححه الألباني).
وقد رغَّب النبي -صلى الله عليه وسلم-ترغيبًا شديدًا في السعي في قضاء الحوائج فقال: (مَنْ أَعَانَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَلَى حَاجَة حَتَّى يُثْبِتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ) (رواه الطبراني وحسنه الألباني) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لأَنْ أَمْشِي مَعَ أَخ لِي فِي حَاجَة أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا) (رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج وحسنه الألباني) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (متفق عليه).
وعن أبي ذر -رضي الله عنه-قال: فالرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(عَلَى كلِّ نَفْس فِي كُلِّ يَوْم طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ صَدَقَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ أَيْنَ أَتَصَدَّقُ وَلَيْسَلَنَا أَمْوَالٌ؟ قَالَ: (لأَنَّ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ: التَّكْبِيرَ وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ ِللهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَتَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَتَعْزِلُ الشَّوْكَةَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَالْعَظْمَ وَالْحَجَرَ وَتَهْدِي الأَعْمَى وَتُسْمِعُ الأَصَمَّ وَالأَبْكَمَ حَتَّى يَفْقَهَ وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَة لَهُ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَهَا وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ إلى اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ وَتَرْفَعُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الصَّدَقَةِ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ وَلَكَ فِي جِمَاعِكَ زَوْجَتَكَ أَجْرٌ) قَالَ أَبُو ذَرّ : كَيْفَ يَكُونُ لِي أَجْرٌ فِي شَهْوَتِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: (أَرَأَيْتَ لَوْكَانَ لَكَ وَلَدٌ فَأَدْرَكَ وَرَجَوْتَ خَيْرَهُ فَمَاتَ أَكُنْتَ تَحْتَسِبُبِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَأَنْتَ خَلَقْتَهُ؟ قَالَ: بَلِ اللَّهُ خَلَقَهُ قَالَ: فَأَنْتَ هَدَيَتَهُ؟ قَالَ: بَلِ اللَّهُ هَدَاهُ قَالَ: فَأَنْتَ تَرْزُقُهُ؟ قَالَ: بَلِ اللَّهُ كَانَ يَرْزُقُهُ قَالَ: كَذَلِكَ فَضَعْهُ فِي حَلاَلِهِ وَجَنِّبْهُ حَرَامَهُ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحْيَاهُ وَإِنْ شَاءَ أَمَاتَهُ وَلَكَ أَجْرٌ) (رواه أحمد وصححه الألباني).
*تيسير أسباب الخير والنعم
وعن أنس -رضي الله عنه-قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْم حَارّ أَكْثَرُنَا ظِلاً صَاحِبُ الْكِسَاءِ وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةِ وَسَقَوْا الرِّكَابَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ) (متفق عليه).
ومتى كان العبد في عون الناس وحاجته ميسَّر الله له أسباب الخير والنِّعَم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ للهِ قَوْمًا يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ فَحَوَّلَهَا إلى غَيْرِهِمْ) (رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج وحسنه الألباني) وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ عَبْد أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ إلا جَعَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ فَإنْ تَبَرَّمَ بِهِمْ فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ).
ومَن كان مِن أهل الخير والمعروف في الدنيا كان كذلك مِن أهل المعروف في الآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ) (رواه الحاكم وصححه الألباني).
ولهذا قال الله -تعالى-عن صفوة الخلق من أنبيائه وأصفيائه: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ) (الأنبياء:73).
*صور من إحسان الأنبياء إلى الناس
فهذا نبي الله يوسف -عليه السلام- يتواتر إحسانه حتى على أهل الحبس في السجن على الرغم مِن كونهم كفرة فجرة حتى قال له صاحبا السجن: (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:36) فكان معروفًا بالإحسان وقضاء الحوائج ونفع الناس وقد فسَّر لهما الرؤيا مجانًا بل وبعد أن نجا أحد الرجلين ونسي قضية يوسف -عليه السلام- ولم يوفِّ بحقه عليه وعاد إلى يوسف قائلاً له في تملق ومكر: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَات سِمَان يَأْكُلُهُن َّسَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلات خُضْر وَأُخَرَ يَابِسَات لَعَلِّي أَرْجِعُ إلى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) (يوسف:46) إذا بيوسف -عليه السلام- يُحسِن إليه وإلى كل أهل مصر ويفسِّر الرؤيا دون عتاب ولا اشتراط بل زادهم على تفسيرها النصح والإرشاد فقال: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ . ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ . ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (يوسف:47-49).
وهذا الكليم موسى -عليه السلام-أيضًا قال الله -تعالى-عنه: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لان َسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَى لَهُمَ اثُمَّ تَوَلَّى إلى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ) (القصص:23-24).
فلميترك -عليه السلام-الإحسان إلى المرأتين حتى مع ما كان يعانيه مِن التعب والنصب مِن جراء السفر الطويل والمسافة الشاسعة التي قطعها من مصر إلى مدين ومع الألم النفسي مِن مفارقة أهله وشيعته رغمًا عن إرادته ومع ما كان عليه مِن الخوف مِن فرعون وجنوده الذين كانوا يبحثون عنه في كل مكان لينالوا منه فضلاً عن كونه غريبًا وسط قوم لا يعرف فيهم أحدًا ولا يعرفه منهم أحدٌ ومع كل هذا يرِق موسى-عليه السلام-للمرأتين وتأخذه النخوة والمروءة والشهامة فيحسن إليهما نشرًا للخير والإحسان.
وهذا عيسى -عليه السلام-كان نفَّاعًا للناس: قال مجاهد -رحمه الله-في تفسير قوله -تعالى-: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) (مريم:31). (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا) قال: نفَّاعًا (تفسير الطبري وابن كثير).
*من صفات المؤمنين المفلحين
وقد امتدح الله المؤمنين بقوله: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان:8). فكانوا يحسنون وينفعون حتى الكافر المحارب الذي حاربهم في الدين ووقع أسيرًا عندهم!
وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بلغ مِن خيره العميم ونفعه للناس أن كان كما أخبر جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-إذ قال: مَا سُئِلَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-عَنْ شَيْء قَطُّ فَقَالَ: لاَ (متفق عليه).
وعن عبد الله بن أَبِي أوفى -رضي الله عنه-قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يُكْثِرُ الذِّكْرَ ويقلُّ اللَّغْوَ ويُطيل الصَّلاةَ ويقصرُ الْخُطْبَةَ وَلا يَأْنَفُ وَلا يَسْتَكْثِرُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ حَاجَتَهُ (رواه الحاكم والنسائي وابن حبان واللفظ له وصححه الألباني).
وعن أنس -رضي الله عنه-قال: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلاةُ يُكَلِّمُهُ الرَّجُلُ يَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ فَمَا يَزَالُ يُكَلِّمُهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ يَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-لَهُ! (رواه الترمذي وصححه الألباني).
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قال: كَانَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ. قال: (اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا ويقْضِي الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ) (متفق عليه).
وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-يحلب للحي أغنامهم فلما اُستخلِف قالتْ جارية منهم: الآن لا يحلبها . فقال أبو بكر: وإني لأرجو ألا يغرني ما دخلت ُفيه -يعني الخلافة-عن شيء كنتُ أفعله .
وقال مجاهد -رحمه الله-: صحبتُ ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني .
ولا يقتصر نفع الناس على النفع المادي فقط بل يشمل النفع بالعلم والنفع بالرأي والنصيحة والمشورة والنفع بالجاه والسلطان.
كما أن هذه المنفعة للناس ليست مقتصرة فقط على أمور الدنيا ومصالحها بل النفع الأعظم والخيرية الأكمل إنما هي في دلالة الناس على الله وتعريفهم به وبدينه وشريعته وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-وسنته الشريفة إذ أن ذلك سبب السعادة الأبدي والنجاة مِن الجحيم السرمدي فأي ينفع للعباد أعظم مِن هذا النفع؟! وأي خير وفضل بعد هذا الفضل؟! ولهذا قال الله -تعالى-عن أمة الإسلام: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آلعمران:110) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَ اللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) (متفق عليه).
وإن دعوة الناس إلى الخير ودلالتهم عليه والسعي في نجاتهم مِن أسباب فلاح العبد في الدنيا والآخرة ولذلك أمر الله بها: فقال-سبحانه-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.