تبدأ، مع اقتراب عودة الحجاج من بيت الله الحرام، بعد أداء مناسكهم على أحسن وجه، عائلاتهم في تحضير أجواء الاستقبال الشعبي، الذي تطبعه العادات والتقاليد المحلية، بداية باستقبالهم على وقع الزغاريد بالمطار؛ حيث تحتشد العائلات بساحة المطار كبارا وصغارا، وتخلو البيوت من سكانها الذين يفضلون التوجه فرادى وجماعات للاستقبال، فضلا عن الاستقبال الرسمي الذي تخصصه السلطات المحلية لمثل هذه المناسبات الدينية؛ تقديرا واحتراما لهم؛ باعتبارهم مثالا للوقار والتقدير. ولعل المميز في عملية الاستقبال، جملة من الطقوس والعادات والتقاليد السائدة بالمجتمع، ومنها نحر الإبل يوم عودة الحاج، وإطعام الناس وعابري السبيل، وهو بمثابة الصدقة والحمد على السلامة، والوصول إلى الأهل والأقارب بصحة جيدة، بعد أن مثلوا الجزائر باعتدال ووطنية راسخة في قلوبهم، والتضامن، والتآزر بينهم؛ حيث تحمل صغيرهم كبيرهم، والتفّ الحجاج حول كبار السن وذوي الأمراض المزمنة. وقبيل القدوم، تتهيأ الأسر التندوفية في تحضير المنازل، وتفريشها، ونصب الخيم، وإحضار مختلف الحلويات والتمور والألبان. وحين الوصول، يجد الحاج الأهل والأقارب في انتظاره. ويمر الموكب المشكّل من عدد من السيارات المزيّنة بالأعلام الوطنية. وأحيانا يتم ربط ناقة بمدخل المنزل؛ تعبيرا عن حرارة الاستقبال. وقد تكون مساهمة من أقارب الحاج وتسمى "تارزيفت". كما تتزين قاعة الحاج بمختلف الأفرشة والأطباق التقليدية. ومن هنا تبدأ مرحلة التبريكات. ويقوم الحاج بنفسه بتوزيع ماء زمزم في كؤوس نحاسية صغيرة؛ تبركا وتيمنا بتربة مكة وبهاء وقدسية المدينة. ولعل الأبرز في المعاودة للحجاج بتندوف؛ القيام بدورات مكوكية على مختلف الحجاج عبر المدينة، للتبرك بهم والجلوس معهم في فرح وسرور، وفي ليلة ما بعد الوصول، يتم إقامة الولائم وتنحر الجمال وتنصب الخيام أمام المنازل، ويبدأ التوافد على الحجاج، بالتالي تشكل تلك اللحظات محجا لمنازل الحجاج، مرددين عبارات باللهجة الحسانية أحيانا "على السلامة يا حاج .. الحمد لله على الوصول.. اللهم تقبل.. حج مبرور وذنب مغفور ... في مرحلة لاحقة، وبعد أن يرتاح الحاج من ضوضاء التبريكات وكثرتها وآثار التعب، يشرع في توزيع الهدايا، وعادة ما تكون سجادة أو تسبيح أو عطر أو قليل من ماء زمزم للتداوي والتبرك، هي إذن لحظات تغمرها الفرحة والتضامن والغبطة والحبور، ترسم على محيا الحاج مسحة من الأمل والسعادة بين أفراد عائلته وأصدقائه. ويبدأ الحاج في الدعاء للمباركين منها "الله لا يحرم منها مسلم.. العاقبة لكم.." وهكذا ينتهي اليوم الأول من الاستقبال، ليبقى الحاج في مرحلة استعادة قواه من التعب، خلال أدائه لمناسك الحج التي مرت عليه في ظروف جيدة.