المعركة الحقيقية ليست على حدود القطاع.. هل تخشى المقاومة خطة احتلال غزّة؟ لم تعد غزّة وحدها ساحة حرب مفتوحة بل تحوّل المشهد إلى معركة سياسية وأخلاقية عالمية تزداد كلفتها على الاحتلال يوماً بعد يوم. والمفارقة أن هذا ليس تحليلاً من خصومه بل شهادة من داخل البيت الإسرائيلي نفسه! وحسب ما نقله موقع صحيفة السبيل الأردنية فقد كتب الصحفي الإسرائيلي بن درور يميني في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن التهديد باحتلال القطاع لا يثير الخوف لدى حركة حماس وإنما يقود الاحتلال إلى عزلة دولية متسارعة وانهيار سياسي غير مسبوق. وأقر يميني بأن حماس لا ترتجف من التهديدات بالقتل والحصار . فالمقاومة تعلم أن المواجهة مع المشروع الصهيوني مكلفة لكنها تعتبر أن أثمان الصمود أقل كلفة من الاستسلام. ولذا كلما زاد الاحتلال في القتل والتدمير كسبت المقاومة أرضاً جديدة على المستوى السياسي والمعنوي. وهو ما يفسر تصاعد الدعوات لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها حتى قبل الحديث الجدي عن اجتياح شامل. وحذّر الكاتب نفسه من أن اجتياح غزّة مع كل ما يحمله من صور القتل والدمار سيقود إلى انهيار إسرائيلي غير مسبوق على الصعيد الدولي . وأشار إلى أن مجرّد التهديد باحتلال القطاع أثار ضغوطاً عالمية غير مسبوقة فما بالك إذا تحقّق هذا السيناريو؟ وهذا يعبّر عن إدراك متزايد في الداخل الصهيوني بأن المقاومة لا تبحث عن نصر عسكري مباشر بقدر ما تراهن على هزيمة الاحتلال سياسياً وأخلاقياً أمام العالم. والأخطر أن يميني استشهد بتسريبات لرئيس المخابرات العسكرية السابق أهارون حاليفا الذي قال إن قتل 50 ألف فلسطيني ضروري كرسالة ردع. ومثل هذا التفكير – برأي يميني – لا يفهم المنطق الذي تتحرك وِفقه حماس ولا يدرك أن الدمار والمجازر لن توقفها. فالمقاومة حين نفّذت عملية 7 أكتوبر كانت تدرك الثمن جيداً لكنها مضت في خيارها التاريخي لإعادة الصراع إلى أصله: مواجهة بين مشروع احتلال وشعب يرفض الاستسلام. ومن هنا جاء اعتراف يميني بأن الاحتلال بات في فخّ استراتيجي. فإما أن يستمر في حرب استنزاف مدمّرة تُفقده شرعيته أكثر فأكثر أو يتورّط في اجتياح شامل سيضاعف عزلة إسرائيل دولياً ويحوّلها إلى عبء سياسي وأخلاقي. وهنا تتضح الصورة: الخشية الحقيقية ليست في غزّة بل في تل أبيب حيث يدرك قادة الاحتلال أن الزمن يعمل ضدهم. إن ما كشفه بن درور يميني لا يترك مجالاً للشك: المقاومة لا تخشى مخططات الاحتلال لاحتلال غزّة. بل على العكس هي تراها معركة طويلة المدى تُكسبها مزيداً من الشرعية والصمود بينما تجرّ الاحتلال نحو عزلة خانقة وانهيار استراتيجي. المعركة الحقيقية إذن ليست على حدود غزّة بل على صورة الاحتلال أمام العالم وصوت المقاومة بات اليوم أعلى وأقوى من أي وقت مضى.