سقوط حافلة بوادي الحراش: وزير الداخلية يتنقل إلى بسكرة، أولاد جلال، بريكة وخنشلة لتقديم واجب العزاء إلى عائلات الضحايا    بيان الجمعية الوطنية للصحفيين الجزائريين    نتنياهو يكتب على الجدران… هل يعي العرب هذه المرّة؟    مسرح الجلفة : سلسلة من الورشات التكوينية في فنون المسرح    ينظم يومي 6 و7 أكتوبر 2025..ملتقى دولي حول استخدام الذكاء الاصطناعي في دراسة المخطوطات القديمة    مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر : برنامج ثقافي وفني خاص لإحياء اليوم الوطني للمجاهد    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    ناج من حادث وادي الحرّاش يروي لحظات الرعب    حريق يأتي على مصنع النسيج الصناعي للصوف    الجزائر تتفوق إفريقيًا    المنصات الإلكترونية تتوشّح بالأسود    الاحتلال يتعمد تجويع 100 ألف طفل ومريض بغزّة    69 عاماً على استشهاد مختار كريتلي    سماكو يرد على مغالطات المغرب    نقطة تفصل الخضر عن ربع النهائي    توقف بث 3 قنوات تلفزيونية لمدة 48 سا على كل الشبكات    112 طفلا يدخلون دائرة سوء التغذية يوميا في غزة    العدوان الصهيوني على غزة ارتفاع حصيلة الضحايا    سحب الحافلات التي يفوق عمرها 20 سنة كمرحلة ثانية    ملتزمون بتوفير كل ما يلزم من دعم طبي ونفسي لفائدة الضحايا    الجزائر العاصمة: الإطاحة بعصابة تنشط عبر إقليم أولاد فايت    لتقييم الإمكانيات النفطية بمحيطي العوابد وظهار.. التوقيع على اتفاقيتي دراسات بين ألنفط وأوكسيدنتال    بينهم 13 من منتظري المساعدات..الجيش الإسرائيلي يقتل 27 فلسطينيا في غزة    ضرورة التنسيق بين القطاعات لمعالجة الاختلالات    تقييم الإمكانيات النفطية بمحيطي العوابد وظهار    وزارة الثقافة تؤجّل جميع الفعاليات الاحتفالية    حجز 1750 قرص مهلوس    مصرع شخص في حادث مرور    مصابان في انقلاب سيارة    إعلان صهيوني عن البدء بموجة جديدة من الإبادة الوحشية    الرئيس تبون حريص على التكفّل الأمثل بالمصابين وذويهم    مدرب باير ليفركوزن الألماني يشيد بإبراهيم مازة    المصطلح النقدي العربي بين المعرفي والدراسات البينية    جهد مبذول لتقديم الأجود للقراء    مسلوق يجتمع اليوم بمحافظي اللقاءات    وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور المصابين في حادث الحراش    مؤسّسة النقل البحري تدعو لاحترام مواقيت الرحلات    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    البارا-جيدو: الجزائر تشارك بخمسة مصارعين في الجائزة الكبرى للقاهرة-2025    أنظار الفاف تتجه نحو إنجلترا    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    كرة القدم "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية له بنيروبي    نحو إبرام صفقة مع شيفرون وإكسون موبيل    الشبيبة تتعادل أمام فريق إماراتي    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    10 أيام على نهاية آجال عدل 3    ناصري: الفاجعة أدْمَتْ القلوب    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    سهرات متنوعة تُمتع العائلات    شرط واحد يقرب بنفيكا البرتغالي من ضم عمورة    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود
نشر في الحياة العربية يوم 18 - 08 - 2025

عندما يتسلح الفرد بالعقل فإنه يسعى للحقيقة سعيا ولو أرهقته، ويتجشم عناء اتباع الحق ولو كان عسيرا مريرا وطريقه موحشة. أما الجموع فلا طاقة لها في أغلب الأحوال بأي من ذلك. إذ قلّما تحتكم الجماهير إلى العقل، بل هي غالبا ما تكون أشبه بالفتى الغِرّ المتقلب في مهب الأهواء والأباطيل واللذائذ الناجزة. قُصارَاها «خبز وسيرك» وخرافات مسلّية وأوهام مُرضية. لهذا فإن من الحقائق التاريخية التي يقررها القرآن الكريم أن التكذيب بالكتب والرسالات والآيات البيّنات قد كان هو الموقف الغالب على معظم الأمم. كان سادة القوم يكذّبون نبيهم أو يزدرونه أو يتهمونه بأنه ساحر أو كاهن أو مجنون. وكان منهم من يتبرمون من النبي أو الرسول ويضيقون به وبالأقلية من أتباعه ذرعا فيقولون له ما قاله قوم نوح «لقد جادلتنا فأكثرت جدالنا»، أو ما قالته ثمود «يا صالح قد كنت فينا مَرجُوّا قبل هذا». وكان منهم من يستهزئ بالنبي، مثلما فعل أهل مدين «قالوا يا شعيب أصلاتُك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد»، أو مثلما فعل قوم نوح «فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلُنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين».
جرائم وآثام عظام تصل بأكثر من سبب بين قتل بني إسرائيل للأنبياء المبعوثين بنور الرسالة الربانية وبين قتلهم للمراسلين الميدانيين
ومن حقائق التاريخ أيضا أن معظم الأقوام هددوا أنبياءهم وتوعدوهم إن هم لم يقلعوا عن نشر رسالة التوحيد، مثلما فعل أصحاب القرية مع الرسل «قالوا إنا تَطَيّرْنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منا عذاب أليم» أو مثلما فعل أهل مدين «قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز». ولكن إذا كانت معظم الأمم هددت أنبياءها فإنه لا يُعلَم أن أيا منها مضت إلى حد تنفيذ التهديد، ولا يُعلم أن أيا منها بطشت بنبيّها... إلا أمة واحدة.
وأمة الإثم الاستثنائي هذه والجرم الخارق للعرف الإنساني على مر الدهور إنما هي أمة بني إسرائيل. على أن التفصيل المهم هو أن القرآن الكريم لا يذكر أن بني إسرائيل هددوا أنبياءهم أو توعدوهم، ولكنه يُخْبر مرارا أنهم قتلوهم: «قل فلِمَ تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين». وهذا يوحي بأنهم أقدموا على البطش بأنبياء الله بدون المرور ربما بأطوار المجادلة والإنذار النهائي، وإنما هو الفعل الإجرامي الأقصى مجردا من حيثيات التمهيد والتردد. والجلي أن موقف يهود بني إسرائيل من أنبيائهم كان يتراوح بين الاكتفاء بالتكذيب وبين المضي في التكذيب والمكابرة إلى حد القتل. ومن الآيات الكثيرة في هذا الباب: «لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلّما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذّبوا وفريقا يقتلون»؛ «أفكلّما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذّبتم وفريقا تقتلون». والتعبير عن القتل بالفعل المضارع (رغم أن التعبير عن التكذيب كان بالفعل الماضي) هو، في تفسير الزمخشري، أن المضارع يدل على استحضار الجريمة البشعة التي ارتكبوها (فكأن الجريمة لا تزال مستمرة أو هي واقعة الآن) كما أن المضارع يشير إلى ما همّوا به من قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويتقاطع المعنى القرآني «كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم» بعض التقاطع مع المعنى السيكولوجي المعروف المذكور، مثلا، في مسرحية أنتيغونا لسوفوكليس «لا أحد يحب الرسول الذي يأتي بسيئ الأنباء»، والمعنى الأخلاقي والسياسي المتمم والمصحح له في مسرحيته أوديب ملكا: «لا تقتل الرسول»! وقد شاعت هذه المقولة في الثقافة الغربية الحديثة بصيغة «شوتينع ذي مسنجر»: قتل الرسول. أما أحد أبرز التعيُّنات المعاصرة لقتل الرسول فيتمثل في الإِنْحاء باللائمة على الإعلام وتحميله مسؤولية الأخبار السيئة بشأن البلد (إسرائيل) أو القضية (الكولونيالية الصهيونية) أو حرب التجويع والتهجير والإبادة. لكأن الشر ليس في الوقائع بل في ناقلها وليس في الفظائع بل في الشهود عليها من أمثال الشهداء الأبرار أنس الشريف ومحمد قريقع وزملائهم الصحافيين الذين قاربوا المائتين عددا، تقبلهم الله جميعا في فراديس جنانه.
جرائم وآثام عظام تصل بأكثر من سبب بين قتل بني إسرائيل للأنبياء المبعوثين بنور الرسالة الربانية وبين قتلهم للمراسلين الميدانيين المُسْتمسِكين بصدق الشهادة الإعلامية.
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.