المستعمل لحافلاتنا يقف على الوضعية الحرجة التي وصلت إليها بعض الحافلات إن لم نقل اغلبها بفعل الآفات التي صارت تلحقها من كل جانب فمن التحرشات بالنسوة إلى أزمة الاكتظاظ والتدافع لتختم كل تلك السيناريوهات العجيبة بالمناوشات والملاسنات الكلامية التي صارت تلحق بتلك الوسائل الضرورية إلى درجة لم يعد يطيق فيها أحد الآخر بفعل التدافع الحاصل ناهيك عن العتاب واللوم الذي يكون موجه إلى السائق والقابض، فتارة نجدهم يتغاضون عن الأمر ويكظمون غيظهم، وتارة أخرى يثورون في وجه من اعتدى على حقهم بحيث يكونوا هم المتهمون الأولون في الاكتظاظ الحاصل. لكن حقيقة الأمر هي غير ذلك والآفة هي في أزمة النقل الحاصلة في ساعات الدوام بالنظر إلى عدم تكافئ عدد الخطوط التي نجدها أضعافا مضاعفة في بعض النواحي على حساب نواحي أخرى التي يكون فيها العدد اقل بكثير. ذلك ما انعكس بالسلب على وضعية المسافرين وانقلب على أعصابهم في الوقت الذي يجبر أصحاب الحافلات على التعامل مع المسافرين ومنحهم كلهم من دون تفريق فرصة اللحاق بمشاويرهم مما وضعهم في كفة المتهم الأول، وعادة ما يفرغ المسافرون غضبهم بصوبهم. ولا يقتصر عدم التعايش أثناء المشوار بين المسافرين والقباض بل حتى بين المسافرين أنفسهم فلا احد يسمح لهفوة صدرت دون قصد من مسافر أخر بسبب الازدحام مما حولها إلى ميدان للعراكات والتعنيف اللفظي ليدفع الثمن المسافرين الهادئين الذين لا يروقهم الأمر بتاتا، ويستعجلون نهاية المشوار من اجل النزول والتخلص من كابوس تلك المطاردات التي تحدث بين أصحاب الحافلة والمسافرين وحتى بين المسافرين أنفسهم. في هذا الإطار زرنا بعض المحطات من اجل رصد بعض الآراء حول تلك الوضعية المؤسفة التي باتت تشهدها حافلاتنا والتي ضاق منها المسافرون ذرعا لاسيما هؤلاء المجبرون على استعمالها في ظل غياب البديل الذي يريحهم من تلك المعاناة الكبيرة التي يتكبدونها بصفة يومية. قال السيد عمر أن ظروف عمله تجبره على استعمال حافلة نقل خاص بصفة يومية، وحالتها في أوقات الدوام لا تسر الناظر إليها بفعل الازدحام الذي تشهده والتدافع الكبير الذي ينقلب إلى عصبية ومشادات لسانية يتحمل نتائجها السلبية المسافرين فلا أحدا يحتمل أحدا آخر. مما يقلب الحالة إلى شبه ساحة للعراك والصراع والتصادم فيما بين المسافرين وكذا بينهم وبين أصحاب الحافلة، ولم يسلم لا القابض ولا السائق سيما وأنهم هم من يتحملون نتائج ذلك التزاحم وتلفق التهمة دوما لهم وفي بعض الأحيان على غير وجه حق كون أن العديد منهم يجبر على حمل المسافرين من المحطات الثانوية لعدم بقائهم هناك حتى أنهم أحيانا يمتنعون عن حملهم مرضاة للمسافرين الراكبين وفي نفس الوقت يأسفون لترك بعض المسافرين سيما في بعض المناطق المنعزلة وهم ينتظرون الحافلة التي تقلهم إلى عملهم أو بيوتهم مما يجعلهم بين نارين.