يقبل العديد من الشبان والشابات على الزواج من دون التوقف ولو قليلا على النقاط البارزة أو المحاور الرئيسية التي وجب توفرها في طرفي العلاقة الزوجية لإتمامها بسلام، خاصة وأن أغلب النقاط التي باتت ترتكز عليها العلاقة لا تتعدى النطاق الشكلي والتي تتلخص في التحضيرات للعرس من دون التركيز على التحضير البسيكولوجي أو السوسيولوجي لتلك العلاقة الأبدية، وبالنظر إلى الهوة الموجودة في تلك الجوانب ارتأى مركز (إشراق) للتنمية البشرية الذي يشرف عليه أساتذة كبار التطرق إلى تلك النقاط التي باتت مهملة، بحيث نظّم يوما دراسيا نهاية الأسبوع الماضي تمحورت فكرته الرئيسية حول التأهيل إلى الزواج· وقد حضر اليوم الدراسي العديد من المقبلين والمقبلات على الزواج الذين أعجبتهم الفكرة كثيرا من أجل التعرف على النقاط الرئيسية الواجب معرفتها قبل خطو تلك الخطوة المهمة التي تتعلق بمشروع حياة أبدية يكملها نصفان وهما الرجل والمرأة، ولتفادي بعض العراقيل المهددة للعلاقة الزوجية، وفي هذا أكد الدكتور أمين فركول وهو دكتور مختص في أصول الفقه والميتافيزيقا في بداية النقاش أن عقد الزواج هو عقد وضعه الشارع بين الرجل والمرأة بغية الاستمتاع ببعضهما البعض في أطر شرعية وهي فكرة لا نقاش فيها دون عقد، وتسبق تلك الخطوة مرحلة الانجذاب التي لا تكون مبنية على الصورة الشكلية دوما وإنما تتعداها إلى الفطرة خاصة وأن الواقع يكشف أن الكثير من الزيجات من كان طرفاها يعانون من إعاقات جسدية إلا أن زيجاتهم نجحت كون أن الانجذاب لا يقتصر على الشكل وإنما الروح والفطرة، إلا أننا نجد أن الأغلبية تحصر العلاقة اليوم في الجانب الشكلي الذي نجده جانبا مكملا وإنما ليس هو الأساس· وأضاف في نفس السياق أن انتشار الظاهرة يعود إلى غزو أفكار في مجتمعنا انبثقت عن التغلغل في المسلسلات التركية والمكسيكية التي تحصر الزواج في الجانب الشكلي والعلاقات الرومانسية وإهمال ما هو أهم من ذلك، كما ذكر الأستاذ فركول أن الزواج له أهداف لابد من معرفتها من طرف المقبلين على الزواج لعدم الوقوع في الخلط، وتعتبر المحافظة على النسل من أولى تلك الأهداف، ونوه إلى الظاهرة الخطيرة التي باتت تنخر مجتمعنا والمتعلقة بتحديد النسل ما لم نعهده على سلفنا الصالح وعلى أجدادنا الذين كانوا يكثرون من تعداد الولادات من دون أدنى خوف أو حساب لكيفية نموهم أو معيشتهم أو تربيتهم على خلاف ما هو متفش الآن، ومن أهداف الزواج تحقيق الراحة الجسدية والنفسية للطرفين والتهرب من الزواج أو محوه من العقل تماما يؤدي إلى انعدام التوازن النفسي ويؤدي بالشبان خاصة إلى ملء الفراغ وتعويض الاستمتاع الفطري عن طريق سلوكات انحرافية كالإدمان على المخدرات أو حتى الانحراف الجنسي واستبداله بالعادة السرية التي باتت طابوها وجب تكسيره والخوض في نقاشه خاصة وأنها أصبحت آفة تنخر العديد من الشبان وحتى الشابات، وقد تؤدي بهم إلى نكران وصد العلاقة الطبيعية الفطرية بعد الزواج بعد تعودهم على الاستمتاع بتلك الطريقة الخاطئة التي قد توصلهم إلى الضعف الجنسي ويعتبر تأخر الزواج من بين مسبباتها· الث هدف من الرابطة المقدسة حسب ما بينه الدكتور هو الاكتمال البشري الذي يكون عن طريق الإنجاب وتتحول بذلك الزوجة إلى أم والزوج إلى أب وهي الغاية المنشودة من الزواج وتثرى العلاقة الزوجية بالأبناء، وآخر هدف وجب التركيز عليه من طرف الزوجين واجتناب إهماله هو التعاون على بناء الحياة، وهي الأهداف التي نجد العديد من الزيجات تبعد عنها أو تجهلها مما يؤدي إلى التأثير على العلاقة الزوجية بشكل سلبي، كما تطرق الدكتور فركول إلى أهم المشكلات التي من الممكن جدا أن تعتري العلاقة الزوجية على رأسها جهل المرأة والرجل لنفسية كل واحد منهما، وكذا جهل الخصائص الذاتية إلى جانب الجهل بأخلاقيات وقيم العلاقة الزوجية التي من الواجب أن ترتكز على المودة والرحمة مثلما أوصى عليه ديننا الحنيف· من جهته بين الدكتور عمار مايدة عبر مداخلته أن هناك مغالاة في شروط الزواج وتكاليفه عرفها مجتمعنا في السنوات الأخيرة مما أدى إلى ابتعاد الشبان عن الفكرة خاصة الصداق الذي صعد إلى عشرات الملايين على خلاف ما ينص عليه ديننا الحنيف في قوله صلى الله عليه وسلم (التمس ولو خاتما من حديد)، كما بين أن الصداق الذي يقع على كاهل الرجل هو ميزة تعبر عن قوامته في العلاقة الزوجية، كما بين أنه من أسس الأسرة السعيدة والعلاقة الزوجية المتينة هو التوافق بين الزوجين في طريقة التفكير ولمح أن (الفاتحة) التي يعقد بها القران شرعا هي ميثاق غليظ وجب عدم التلاعب به خاصة وأن الكثير من العائلات تستسهل فسخ الخطوبة التي تمت عن طريق الفاتحة التي هي في الحقيقة عهد مع الله تعالى تفوق أهميته عقد الزواج المكتوب أمام المصالح البلدية، وأوصى بعدم التهاون في تلك الأمور الشرعية خصوصا وأن الفاتحة صارت تتم بعد العقد لاجتناب كل الشبهات في الوقت الحالي· وقد خص الدكتور أمين فركول رئيس مركز (إشراق) للتنمية البشرية (أخبار اليوم) بحديث خاص بين فيه الخطوط العريضة لليوم التأهيلي الذي أقيم على شرف المقبلين على الزواج، بحيث صرح أنه وجب التشجيع على الزواج المبكر بعد بلوغ 18 و19 عام لأن في ذلك وقاية للشباب من جل الجوانب وتجنب الانحرافات السلوكية خاصة وأننا نجد أن سن الزواج قد يتأخر في الوقت الحالي إلى 40 سنة فما فوق لظروف كثيرة اقتصادية اجتماعية وأخطرها التهرب من المسؤولية، بحيث يصرف الشاب طاقاته في علاقات محرمة أو تعاطي المخدرات، وقال إن الهدف الرئيسي العام لليوم الدراسي هو التأهيل للزواج ومعرفة القيمة الحقيقية لذلك الرباط المقدسة وكذا معرفة الاختلافات النفسية والشخصية بين الزوجين والوقوف على العوائق التي وجب تجنبها في علاقة الزواج·أما عن تحديد النسل وهي الظاهرة التي باتت طاغية على العائلات الجزائرية في السنوات الأخيرة أشار الدكتور على أن نتائجه وخيمة على المدى البعيد، خاصة وأن ديننا الحنيف يشجع على التكاثر البشري لقوله صلى الله عليه وسلم (انكحوا الولود الودود) ولعل أن الفكرة المترسخة في شباب اليوم في تحديد النسل تُبنى على محدودية القدرات المادية والتخوف من الفقر والعجز المادي، ومن شانها التأثير على بنية المجتمع على المدى البعيد مثلما نراه في المجتمعات الأوربية التي تستحوذ عليها الشيخوخة لذلك وجب دق ناقوس الخطر في ذلك الجانب· أما عن ارتفاع حالات الطلاق فأرجعها الدكتور حسبه إلى عدم القدرة على المحافظة على العلاقة الأبدية بالنسبة للكثيرين، فالزواج هو عقد أبدي أي يكون وفق نية التأبيد، وليس عقدا مؤقتا لعام أو عامين أو ربما أقل، ونادى إلى إنشاء مؤسسات حكومية رسمية تهتم بالتأهيل للزواج وتتبناه فمثلما يحتاج الشخص المقبل على الزواج إلى بيت يضمه وزوجته وأبنائه، يحتاج إلى تأهيل من أجل المحافظة على العلاقة الزوجية ووقايتها من الشوائب والتفكك وتفادي الوصول إلى أبغض الحلال·