أحيت ولاية عين الدفلى ذكرى استشهاد البطل سي امحمد رايس في يوم 7جوان 2012 الذكرى 54 لاستشهاد البطل المقدام سي امحمد رايس الذي تولى قيادة كومندوس المنطقة الثالثة بالولاية الرابعة بعد استشهاد سي جمال من المدية. وقد تميز الاحتفاء بهذه الذكرى الجليلة وبهذه المناسبة فإن العبرة التي ركز عليها الحاضرون في كلماتهم على الخصال الوطنية التي تمتع بها الشهيد المغوار وغيره من الرعيل الأول المفجر لثورة الفاتح من نوفمبر 1954 الخالدة. ولنرى من خلالها مكامن العبقرية الثورية والمعدن الأصيل لهذا الرجل الأبي الذي كان في الكتيبة الحسينية. ولد الشهيد امحمد رايس بخميس مليانة ولاية عين الدفلى سنة 1931 وهو ينتمي إلى عائلة متوسطة الدخل ومحافظة ، معتمدة في عيشها على الفلاحة . نشأ الشاب امحمد رايس يواجه مصاعب الحياة منذ طفولته، ولكنه رغم هذا الوضع الذي آل إليه وضع الأسرة، ودخل المدرسة الابتدائية، لم يمض سوى جزءا يسيرا من التعليم حتى حفظ القرآن في زاوية جده، وبدأت عليه مخاييل الذكاء وسمات النبوع كما عرف بين أهله بالجد والمثابرة، ولما نال الشهادة انتقل ليدرس التفسير والشريعة الإسلامية، انقطع عن الدراسة لأن المستعمر يخلق عراقيل جمة للتلميذ الذي يرغب في الحصول على المستوى. ساعد والده في العمل التجاري، وجعل منه شعلة وقادة تنحفز للثورة وعلى هذا الوضع البغيض، ولم يجد يومها وسيلة تحقق له طموحاته وأمانيه سوى الانخراط في صفوف الحركة الوطنية التي منها حزب الشعب الجزائري واستمر يناضل في صفوف الحزب متحديا غطرسة الاستعمار. يتسم امحمد بعقل نير وأخلاق حسنة وشجاعة الأبطال، كان كريم الخلق ، كان يكتسب خبرة سياسية واسعة خاصة بعد تعرفه على نشاط الحركات الوطنية والأحزاب السياسية، وكان أثناء هذه الفترة مثلا يحتذى به في السلوك المميزة، والخصال السامية مما جعله محل إكبار وتقدير من طرف رفاقه المجاهدين الذين أهلوه لتولي قيادة كومندوس الولاية الرابعة المنطقة الثالثة . وفي 1950 استدعي الشهيد لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية وأرسل فور التحاقه بمركز التجنيد، ومكث فيها وعلى إثرها تعلم كيفية استعمال السلاح ، وبعد أن أطلق سراحه من الخدمة العسكرية كان الشهيد قد أقام علاقة وطيدة مع الجنود الجزائريين المتطوعين في الجيش الفرنسي ، ظل متصلا بهم. حسب ما روى لنا رفيقه في الكفاح فإن الشهيد لم ينقطع عن النضال و لو في أحلك الظروف و أشدها، و بلورت في نظره الأوضاع السياسية التي مرت بها البلاد يوم ذاك التحق بجيش التحرير الوطني سنة 1956كان يؤمن إيمانا قويا بواجب الجهاد المقدس، وبالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري فداءً للحرية والاستقلال، يستحق منا أن ننوه في هذه الذكرى بالأعمال التي مكنت الشعب الجزائري اليوم من العيش حياة مستقلة عن كل التدخلات الخارجية، حياة تتطلع لمستقبل واعد، ويجعل من واجبنا الوقوف عند أعمالهم الجبارة، لتبقى رسالة تحملها أجيال الغد بتضحياتهم التي كانت سببا في انتزاع الجزائر بكل جدارة وفخر، حريتها وسيادتها الوطنية الكاملة. كان يحدث المناضلين عن طريقة تمكينهم من ربط الاتصال و إمداد بالمعلومات اللازمة حول مجمل الأحداث المستجدة على الساحة، وحسب ما هو مسجل فإن الشهيد قام بدراسة ميدانية لعدة معارك و كان طوال هذه الفترة يظهر بحكمة و رزانة و قد ساعده على ذلك سلسلة من العمليات ضد العدو. وإلى جانب ذلك كان حريصا على تكوين الكموندو معتمدا على طول تجربته النضالية، وكان يقولوا في هذا الصدد: " لا ينبغي أن ينصرف عندي مجاهد إلا و قداكتسب مهارة" لذا كان يشجع المجاهدين على قواعد النظام والانضباط في صفوف جنوده مع شيء من الصرامة تقتضيها ظروف المعركة الشرسة مع العدو، وللحفاظ على معنويات جنوده، كان حريصا على هندامهم، وكان كثيرا ما يمزج الحنكة السياسية بالدهاء. عاود سي امحمد وهو على رأس الكموندو وهو على اتصال بالمناطق الولاية الرابعة التاريخية. من أهم المعارك التي قادها الكموندو هي معارك لا تعد ولاتحصى، منها معارك في الونشريس، وجبال تنس وبوحرب وزكار، والمدية وفي جبل الأطلس البليدي كيف استشهد البطل سي محمد رايس؟ لقد شاء الله أن يكون يوم8 جوان 1958 آخر يوم في حياة القائد البطل و الذي كان يقوم بأعماله الجليلة في الكتيبة الحسنية و قيادة كوموندوس المنطقة الثالثة الذي أضاء طريق العزة ، لكن كانت وفاته بعدما تم تعيينه قائد للمنطقة الأولى في الولاية الرابعة و بالتحديد لناحية الأخضرية وقبل ذهابه إلى المنطقة الأولى قرر زيارة أبيه بلا تردد وتوديعه يوم ذاك، و عند عودته اشتبك مع دورية من العدو في جليدة، سقط شهيدا على إثر ذلك يوم 8 جوان 1958. إن الثورة فقدت رجلا فذا كانت في أمس الحاجة إليه. تبادل معهم النار من جهته و بعد أن أوقع في صفوفهم قتلى تمكنوا من إصابته إصابة قاتلة وسقط شهيد الوطن. إننا ننحني بكل خشوع أمام روحه الطاهرة و تدفعنا للعمل أكثر على إكمال المسيرة التي ضحى من أجلها أبناء الوطن، عاش الشهيد عطيا من أجل ذلك لقى ربه وهو راض عنه و عن كل الشهداء الأبرار. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.