المدرسة العليا للدرك الوطني الشهيد "مواز أحمد" : العميد بورمانة يشرف على تخرج عدة دفعات    موسم الحصاد والدرس: مهنيون يؤكدون أن محصول 2025 سيكون أوفر من الموسم الماضي    نفت سعيها للحصول على أسلحة نووية… إيران تتوعد برد مدمر وتطلق دفعة جديدة من الصواريخ نحو إسرائيل    الأوضاع الكارثية في غزة تتصدر أشغال الدورة ال59 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان    قافلة الصمود المغاربية قراءة فلسطينية    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة -2025/ رجال:اتحاد الجزائر، حامل الكأس، في مواجهة نادي سطاوالي، بطل الموسم    البطولة الوطنية للجيدو ما بين مصالح الشرطة: انطلاق منافسات الطبعة ال14 بوهران    كأس إفريقيا سيدات : المنتخب الجزائري يشرع في تربص تحضيري بوهران    المسيلة: السيد ربيقة يشرف على إحياء الذكرى ال67 لاستشهاد البطل عبد الرحمان عبداوي    الوادي : انتقاء 15 عرضا للمشاركة في المهرجان الدولي للمونودراما النسائي    الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان: مجموعة جنيف تنظم ندوة حول تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    رئيس وزراء العراق: الكيان الصهيوني يسعى إلى توسيع رقعة الحرب بالمنطقة    المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي : تنافس 7 مسرحيات على "العنقود الذهبي"    اليوم العالمي للطفل الإفريقي: وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    المجلس الأعلى للشباب : قافلة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي تحط رحالها بإيليزي    جلسة عمل جزائرية–أمريكية لاتينية لتعزيز التعاون البرلماني ودعم القضايا العادلة    سونارام وليون الماليزي يعززان تعاونهما في قطاع المناجم والصناعة الفولاذية    إطلاق مشروع تعميم العنونة الجغرافية بورقلة: خطوة استراتيجية نحو تنمية محلية مستدامة    وزارة العدل تشرع في دورات تكوينية    خطط لتطوير وكالة الأنباء    دعم رئاسي لمشاريع الأسر المنتجة    دعوة للاستثمار الفوري    شايب وواضح يشاركان في لقاء حول المقاولاتية    ما تْغامْروش..    شرطة المسيلة توقف 18 شخصا    هل يصل سعر البترول إلى 150 دولاراً؟    هلاك إرهابي صهيوني في غزّة    غريب يدعو إلى رفع نسبة الإدماج    طوابع بريدية جديدة    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    ..استنفار لإنجاح حملة الحصاد 2025    جاهزية تامة لإطلاق شركة النّقل الجوي الداخلي    صواريخ إيران تزرع الرعب.. وتل أبيب تتوجّع    استكمال المشاريع الهيكلية وتحسين القدرة الشرائية    طلبة جزائريون ينجحون في إطلاق صاروخ بأمريكا    دفع التعاون الجزائري - العماني في صناعة الأدوية    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    تعليمات لتسريع تسليم المشاريع السكنية الجديدة    إجراءات تنظيمية وتدابير أمنية محكمة    تعادل مثير بين الأهلي وميامي    مشكلة حراس "الخضر" مستمرة وتضع بيتكوفيتش في ورطة    إسلام منصوري يفتك القميص الأصفر    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية لسنة 2025    ذاكرة تُكرّم وأصوات تُخلد    دورة تكوينية في المقاولاتية للطلبة ذوي الهمم    يوم دراسي حول المسؤولية الطبية    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    صحة: سايحي يتحادث مع نظيره التونسي    الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تحدد شروط الصعود والنزول للموسم 2025-2026    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    بشارات ربانية عظيمة    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر.. كلّ إناء بما فيه يرشح
نشر في صوت الأحرار يوم 14 - 07 - 2013

قلت لصديقي الأكاديمي المثقّف: المليارات الخليجية التي تهاطلت على مصر سوف تفعل الكثير في واقع البلد وحياة الناس.. ردّ ببساطة: لن تفعل شيئا لأنّها ستقع في الأيدي ذاتها والذهنيات والنفسيات التي فشلت طوال ثلاثين عاما في دفع مصر إلى الأمام.. إنها تركيبة بشرية لا تملك أي نيّة لخدمة الشعب، وتاريخها الحافل بالنهب والسلب دليل ساطع .
صديقي ليس من الإخوان المسلمين، وأكثر من ذلك ربما أمكنني تصنيفه ضمن خصوم الإخوان، ولن أجد في ذلك أيّ غضاضة من الناحية الشكلية، لأنه ينتمي إلى حزب سياسي على خصومة شبه دائمة مع امتدادات حركة الإخوان المسلمين في الجزائر، وإذا شئنا التخفيف فهي منافسة مستمرة.. لكن الفكر غلب على صديقي وتفوّق على روح التحزّب، وهكذا راح ينظر بحيادية إلى الأحداث الجارية في مصر، وجوهرها، كما يرى، هو الاعتداء على الديمقراطية وإرادة الشعب وليس على الإخوان المسلمين والرئيس المنتخب محمد مرسي، ومن ثم تأخير الإقلاع الحضاري للأمة فترة من الزمن.. ذلك الإقلاع الذي يمرّ حتما عبر بوابة (ثقافة وتقاليد) حلّ الخلافات عبر الصناديق الشفّافة، وليس من خلال الدبابات والمدافع والرشاشات، كما فعل عمرو موسى ومحمد البرادعي وغيرهم من (الديمقراطيين) المصريين..
مليارات الدولارات الموعودة لمصر يمكن لها أن تفعل الكثير لو وجدت الأيادي الأمينة والنفوس والعقول الكبيرة.. لكنّ و آسفاه.. لا يبدو في الأفق أي شيء مما سبق.. فهل يُستأمن على مليارات الخليج ذلك (المكيافيلي) الذي أخرج مسرحية أسلحة الدمار الشامل العراقية وأشرف على عقد القران الأمريكي الإيراني في العراق، ويمشي الآن بين الناس دون حياء وكأنه لم يساهم في دمار بلد عربي وقتل وتشريد الملايين.. وهل يُستأمن عليها عرّاب الجامعة العربية طيلة عقد كامل، حيث كان يخرج علينا بعد كل قمة بكلام ممجوج وسخيف عن النجاحات والإنجازات، دون أن يفكّر مرة في الاستحياء من نفسه، وحين أزفت ساعة رحليه من الأمانة العامة صنع لنفسه مكافأة ضخمة من مال العرب.. نهاية الخدمة.. أي خدمة من الأساس.. حقا.. إذا لم تستحي فاصنع ما شئت..
وهل يُستأمن على مليارات الخليج ذلك الرهط من السياسيين والقضاة والإعلاميين الذين عاشوا في كنف حكم مبارك سنين طويلة، وانتفخت بطونهم وجيوبهم وحساباتهم البنكية على حساب المواطن المصري الكادح.
إن مصر اليوم في مفترق طرق خطير بعد أن باتت عودة الوجوه البائسة القديمة مسألة وقت فقط إذا سارت الأحداث في الاتجاه الذي يخطّط له العسكر والقضاء والإعلام الفاسد، ومن ورائهم قوى غربية وعربية.. وإذا عادت تلك الوجوه فإنها على استعداد كامل للركض نحو الماضي بكل ما فيه من مظاهر تخلف واستبداد، ولعل ما حدث بعد الانقلاب العسكري مباشرة يشير إلى هذا السياق، من خلال إيقاف القنوات الفضائية واعتقال الإعلاميين والسياسيين، وافتعال العمليات الإرهابية ورمي الخصم بكل النقائص والمثالب.
إنّ الوجوه القديمة مهيأة لإعادة سيناريوهات العنف والتفجيرات وإشعال فتيل الفتنة بين المسلمين والمسيحيين عبر الضرب هنا وهناك.. لأنها لا تحسن العيش إلا في المستنقعات والمياه الراكدة.. وقد أثبتت دائما أنها مع العنف والإرهاب والضغط على المعارضين حتى ينفجروا، ومن ثم تنشط حالات الفوضى والقتل وتنتعش قوانين الطوارئ.
وتزداد خطورة الحالة المصرية الآن عندما نتيقّن أن الغرب، والولايات المتحدة على وجه التحديد، لن يتورّع عن الدخول في لعبة استنزاف كبيرة لمصر، وإن لم يسمح عمليا بفوضى عارمة تؤثر على أمن واستقرار دولة إسرائيل، والأمر نفسه سيجد هوى لدى أنظمة عربية ترهب التغيير والتجديد وتسعى جاهدة لتأخير أيّ انطلاقة حقيقية في مصر أو غيرها.
إن الانقلاب العسكري في مصر جريمة كبرى في حق الشعوب العربية جمعاء، ومن حق أصحاب الشرعية أن يغضبوا إلى أبعد الحدود.. لكنهم مدعوون، بعد امتصاص الصدمة الأولى، إلى التعقّل والحكمة وبعد النظر، لأن الطرف المقابل ليس له ما يخسره، ولن يذرف دمعة واحدة على مصر وهو يجرّها إلى هاوية سحيقة، وسوف تحتاج بعد ذلك إلى جهد ووقت لتعود إلى السطح من جديد.. كما أن الجهات المؤيدة للرئيس المنتخب محمد مرسي مدعوّة إلى مراجعة مسيرتها لأنها غير معصومة من الأخطاء، وحتى الخطايا.
وعودة إلى المليارات الخليجية من زاوية أخرى.. فقد استعمل مناوئو الرئيس محمد مرسي جميع الوسائل لتشويه صورته ومنها أنّه رجل أمريكا في مصر، لأجل دغدغة عواطف المصريين.. والحقيقة أن هذا الأمر في غاية الوقاحة والسخافة خاصة بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يتحدثون به إلى الآن عبر الفضائيات.
فإذا كان الرئيس مرسي هو رجل أمريكا في مصر فهذا يعني أن السيسي والبرادعي وعمرو موسى هم أعداؤها، وبالتالي فإن مليارات الخليج، السعودية والإمارات والكويت، وصلت لدعم الاتجاه المعادي للولايات المتحدة، وهذا يعني أنّ تغييرا جذريا قد حصل في المنطقة الخليجية، بل في العالم كله حيث فقدت واشنطن حلفاءها التقليديين، ولا نريد أن نقول شيئا آخر، وهذا الحدث ليس عاديا على الإطلاق، لأنه يعادل في الحقيقة تحولات كبرى شهدها العالم مثل سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد حلف وارسو وهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
إن الذين يروّجون لمثل هذه الدعايات يمتلكون مقادير عالية من قلّة الحياء والكذب والانتهازية.. وسيكون هذا دأبهم وهم يتصرفون في مليارات الخليج.. لأن كلّ إناء بما فيه يرشح.. وقد رشح هؤلاء بما يعرفه المواطن المصري عنهم.. إنها مقدمات تؤدي إلى نتائج لا أكثر ولا أقل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.