طموحها هو الحفاظ على كرامة الإنسان، الذي تعتبره أساسا يبنى عليه العمل التطوعي، فضلت العمل في المجال الخيري والتطوعي من أجل الفئات المحرومة والمعوزة، سعيدة حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، تقدم لنا في هذا الحوار، الذي خصت به "صوت الأحرار"، تفاصيل نشاطات أعرق منظمة إنسانية طوعية حكومية في الجزائر، خلال الشهر الفضيل. ما هي الأجندة الرمضانية للهلال الأحمر الجزائري؟ تتضاعف في شهر رمضان مجهودات الهلال الأحمر الجزائري، لكن التضامن ليس نشاطا ظرفيا، فنحن نعمل على مد يدّ العون للفقير والمحتاج طيلة أيام السنة، نسهر على إيصال المساعدات إلى الناس الذين هم بحاجة إليها، بالمقابل وضعنا شروطا لتقديم الإعانات والمساعدات التضامنية المختلفة، ومنها مكافحة ظاهرة التطفل على موائد رمضان. ما هذه الشروط؟ الهلال الأحمر الجزائري يقدم المساعدة إلى المعوز، كالمعوق الذي لا يستطيع كسب قوت يومه، وكذا الشيخ المسن الذي لا تسمح له صحته بمواصلة الكفاح في معترك الحياة لتلبية حاجياته اليومية، أما الشاب الذي يتمتع بصحة جيدة ويسجل نفسه في قائمة المعوزين، فهذا تشجيع على الاتكال والتواكل، نحن نركز على ضبط قوائم المستفيدين في إطار من الشفافية، بغرض محاربة التطفل الذي من شأنه أن يحرم المحتاج الحقيقي. ما هي الإستراتجية التي تتبعونها من أجل مكافحة هذه السلوكيات؟ في ظل غياب بطاقة المعوز، وبغية أن تضفى الشفافية على العمل التطوعي، قررنا العودة إلى الطرق التقليدية، التي أثبتت نجاعتها في تقديم المساعدة إلى أهاليها، اعتمدنا بشكل أساسي على شيوخ الزوايا، وأئمة ولجان المساجد، الجمعيات، الأعيان والهلال الأحمر يجتمع معهم بهدف تحديد قوائم بأسماء المعوزين الحقيقيين. استبدلنا الوجبة الساخنة بمواد غذائية حفظا لكرامة الناس فالناس في الأحياء والمجمعات السكنية تعرف بعضها بعضا، وتكمن مصداقية عملنا بالعودة إلى الجمعيات والمساجد وممثليها، فالمعوز المعني بالاستفادة ينبغي أن يكون معروفا لدى عامة سكان الحي، بالمقابل نحرص على صون كرامة المحتاج وعدم التشهير به. كيف تنظم وجبات مطاعم الرحمة ؟ الأصل في عملنا إعطاء الأولوية لقاطني البلديات الفقيرة، والأكثر حاجة لكن لاحظنا وجود تبذير واستغلال من طرف ناس لا يعرفون الله ولا القانون، لهذا نريد أن نضع حدا للانتهازيين ومرتادي مطاعم الفقير والمحتاج وعابر السبيل عن غير وجه حق. على غرار موائد الرحمة، ماذا يقدم الهلال الأحمر في رمضان؟ أعطينا أوامر لإلغاء ظاهرة تقديم الوجبة الساخنة التي تقدم للعائلات في بيوتها، كون الأمر فيه مساس بكرامة الناس، فنحن كما سبق الذكر نولي بالغ الأهمية لحرمة الأشخاص وكرامة الإنسان، وهذا التصرف يخدش الكرامة بل هو من أبشع صور إذلال الفقير وإشعاره بالهوان أمام الناس، فلكي تعم الفرحة بيت المحتاج فضلنا مساعدته بمواد غذائية وتركه يمارس حياته داخل بيته كما باقي الناس. بالإضافة إلى إعانات الدولة، هل لكم مصادر تمويل أخرى ؟ نحن نرفض أن نكون عبئا على الدولة بل مكملين لمجهوداتها، كما نرفض التبذير، بل نعمل على ترشيد النفقات والمساعدات، التي تقدم للهلال الأحمر من طرف المتطوعين والمحسنين. ما هي النقاط التي يتواجد فيها الهلال الأحمر؟ الهلال الأحمر متواجد في 48 ولاية، ونحن نجتهد من أجل الوصول إلى أبعد نقطة من القطر الوطني، كما نحث إطاراتنا المحلية أن يصلوا إلى أعماق الولاية التي يتواجدون فيها، وأن يصلوا إلى العائلات المعزولة في في القرى النائية، لقد كانت لنا عدة زيارات لبلديات وعائلات ليس من السهل الوصول إليها. نذكر على سبيل المثال بلدية الحاج مشري وانفوس بولاية الأغواط، بلدية قصدير بالنعامة، بن سلمة زيادة بجيجل، وفي أم البواقي وصلنا إلى بلدية الجازية والراحية، تيبازة منطقة بني مليك...ألخ حدثينا عن تجربة التعاون مع الكشافة في مجال نشاطكم؟ قبل رمضان كانت لنا زيارة لولاية المدية أين قدمنا 500 طرد من المواد الغذائية، قيمة الطرد 7000 دج، هذا بعدما تفقدنا عدة بلديات محرومة وبحاجة إلى مساعدات، منها أولاد محمد، تزي مهدي، بعشون، هذه المناطق كانت مناطق محاصرة بالارهاب في العشرية السوداء، كما قمنا بتفقد منكوبي زلزال منطقة ميهوب، حيث كانت لنا جولة تفقدية للأوضاع هناك، ولاحظا وجود حاجة ماسة للمساعدات فالناس لا يزالون يعيشون حالة الهلع والخوف بسبب الهزات الارتدادية، أصحاب البيوت هم بحاجة ملحة إلى موائد الإفطار، بحكم الظرف الذي يعيشون فيه، نسقنا مع والي الولاية والكشافة الإسلامية الجزائرية لأجل ضمان وجبة لكل عائلة طيلة شهر الصيام. نحن مقتنعون بأن نجاح أي عمل يستوجب التنسيق، كما أننا لسنا هيئة سياسية تستغل أوضاع الناس من أجل غايات معينة، فهدفنا تخفيف العبء على الدولة من خلال تقديم المساعدات. ما هي نشاطات منظمتكم خارج شهر رمضان؟ التضامن يجب أن يكون طيلة الأيام السنة، فخصلة التضامن والمساعدة ثقافة، لم نأخذها من الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولا من القوانين الدولية إنما هي ثقافة ورثناها من أجددنا وما الوزيعة إلا دليل على ذلك، لو تمسكنا بهذه الخصال لما شهدنا تزايد دور المسنين ولا ظاهرة الفقر والتسول التي تعج بها شوارعنا، قديما كان المسن أو الشيخ يعتبر بركة البيت، أما الآن هناك سلوكيات دخيلة على المجتمع الجزائري، بالنسبة لي شهر رمضان هو وقفة تأملية، نستحضر فيها الأمور التي قصرنا فيها من أجل إصلاحها وأخذ نفس لمواصلة المشوار. هل من إضافة؟ أوجه بهذه المناسبة دعوة إلى الشعب الجزائري كي يسترجع قيمتين أساسيتين، القيمة الأولي هي التضامن وروح المساعدة، أما القيمة الثانية فهي قيمة العمل، عندنا مثال يلخص قصدي جيدا "خدمة نهار ما فيها عار"، الفقير هو فقير الصحة...الخ، فقيمة الإنسان بعمله الذي يغنيه عن السؤال.