قال المؤرخ فؤاد صوفي، في ندوة بالمعرض الدولي للكتاب في طبعته العشرين، أن تاريخ أي بلد هو تاريخ للإنسانية جمعاء، وجنسية الباحث فيه هو آخر اهتمام من يقيمون هذه الأعمال، رغم أنه أحيانا يكون الانتماء دافعا في إنجاز دراسة ما، لكن مصداقية النتيجة تقاس بموضوعية البحث وأدواته، هكذا. وأضاف صوفي أن كل دراسة هي إضافة، وليس هناك نظرة أو بحث أجنبي، لكن هناك بحث وعمل تاريخي وبس، أكاديميا لا تهم جنسية الباحث بقدر ما تهم أدواته البحثية والمراجع التي بنى عليها عمله، في أحيان عدة الباحثون الأجانب المهتمين بتاريخ الثورة الجزائرية، تكون لهم مصادرهم الخاصة، وفرصة الوصول إلى أرشيف معين، هذا الأمر ”يثري تاريخينا وهنا يأتي دورنا في قياس مدى علمية العمل.”. كما أضاف بأنه من المهم الاطلاع على الدراسات النقدية التاريخية المختلفة، خاصة الموضوعاتية منها. وقال المؤرخ أن اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر هو مسؤولية أمام التاريخ والإنسانية، ومعلوم لدينا وبوضوح أن السلطات التي توالت على قصر الإيليزي، ضمت أصواتا طالبت بهذا الاعتراف، حتى ولو لم تكن قوية. ”رغم ذلك لا يخفى عنا ما حقق من اعتراف جزئي لبعض المجازر على غرار الاعتراف بجرائم 17 أكتوبر 1961 في حق الجزائريين المتظاهرين في باريس، إضافة إلى الاعتراف بمجازر 08 ماي”. واعتبر المتحدث أنه من المهم مسعى حث فرنسا على الإقرار بأخطائها، ومهم أيضا أن مواصلة ركب العمل على التاريخ لكن هناك ما هو بذات الأهمية وهو كشف التاريخ والتأريخ للمجازر الاستعمار. وعن العراقيل التي تواجه البحث التاريخي في الجزائر، قال صوفي ”للأسف الباحث في التاريخ في الجزائر يواجه صعوبة في الوصول إلى المراجع التاريخية، هذا شيء مؤسف خاصة لو رأينا أن هذا الأخير يجد تسهيلات وتجاوبا كبيرا عند طلب مراجع بدول أجنبية، كما أن تاريخ الجزائر هو تاريخنا نحن أولى بان نهتم به ونقدسه، ومسؤوليتنا هي حمايته من الاندثار، وإيصاله إلى الأجيال القادمة”. من جهته اعتبر هاج أن رقمنة الأرشيف مهمة وهي بمثابة إعادة الحياة للوثيقة الرقمية الميتة والمعرضة للضياع والتلف، وهو ما يهدد الذاكرة المشتركة للشعوب. واستعرض جوليان هاج، الباحث المهتم بموضوع الأرشيف الفرنسي والجزائري أيضا، تجربته الشخصية فيما يتعلق برقمنة الأرشيف والصعوبات التي تعيق عمل المؤسسات المختصة في هذا المجال، أمام ندرة الوثيقة التاريخية في فرنسا وسرية الأرشيف، وكذا عصبية النظام الفرنسي والشعب فيما يتعلق بالتاريخ المشترك مع الجزائر. وقال المتحدث أنه إضافة إلى القيمة التاريخية التي تضيفها عملية الرقمنة للوثيقة التاريخية من خلال إعادة ترتيبها وتصنيفها وضبط حيزها الزماني والمكاني بالشكل الذي يسهل على الباحث تتبع التسلسل الزماني للأحداث التاريخية التي يشتغل عليها. وتعرض هاج إلى أهم المشاكل التي يواجهها الباحثون في هذا المجال والتي حصرها في الميزانيات الكبيرة التي يستنزفها هذا العمل الدقيق، مع صعوبة الوصول إلى الوثيقة التاريخية.