عادت ظاهرة العنف في الملاعب لتعصف من جديد بكرة القدم الجزائرية، لا سيما في الرابطتين المحترفتين الأولى والثانية موبيليس من خلال اجتياح الأنصار للميادين و حروب العصابات التي باتت تميز العلاقات بين عشاق الأندية داخل وخارج المدرجات، فيما انتقلت بعضها إلى إثبات الوجود عبر العالم الافتراضي. وباتت ظاهرة اجتياح الأنصار لأرضيات الميدان مصدرا للتعبير عن سخطهم أو عدم رضاهم عن النتائج السلبية التي تسجلها فرقهم، غير أنها باتت تشكل خطرا كبيرا على حياة اللاعبين وطواقمهم الفنية والطبية والإدارية، كما تشكل أيضا خطرا على المناصرين أنفسهم، دون أن يمحص هؤلاء في خطورة ما يقومون به على جميع الأصعدة. ولعل ابرز حالات العنف التي تصدرت عناوين الصحف والقنوات وكذا مواقع التواصل الاجتماعي، هي التي حدثت السبت، برسم الجولة ال20 بين اتحاد بلعباس والضيف مولودية وهران والتي انتهت بفوز الزوار (5-2)، بحيث لم ينتظر أنصار النادي المحلي انتهاء هذه المباراة ليقتحموا أرضية الميدان ما بين الشوطين، بهدف التعبير بطريقتهم عن احتجاجهم من تأخر فريقهم بثلاثية لواحد في هذا الداربي. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ومع مرور الدقائق، زادت الأمور من حدتها من خلال رمي الأنصار للمقذوفات والألعاب النارية وتكسير الكراسي ومحاولتهم اقتحام الميدان لعدة مرات لولا الحضور الأمني المكثف الذي منعهم من ذلك، مما دفعهم إلى مغادرة المدرجات والخروج إلى الشوارع للتعبير عن سخطهم. كما تميزت هذه الجولة أيضا بمناوشات بين أنصار فريقي نصر حسين داي واتحاد البليدة ضمن المباراة التي جرت يوم الخميس وخرجت النصرية غانمة بها (4-1). وكانت حصة الأسد من العنف الذي عصف بهذه المقابلة خارج أسوار ملعب 20 أوت 1955 بالعاصمة، لتتنقل بعد ذلك المواجهة إلى مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المنشورات والمنشورات المضادة بين ألتراس الناديين. وتقريبا حصل نفس السيناريو خلال مقابلة مولودية الجزائر أمام الضيف شباب قسنطينة (3-0) برسم الجولة نفسها، حيث حصل تراشق بين أنصار الناديين في مدرجات ملعب 5 جويلية . ولم تكن بداية إعصار العنف في هذه الجولة من بطولة الرابطة الأولى، بل انطلقت على مستوى الرابطة الثانية قبل بضع جولات لا سيما فيما يتعلق بالمباريات المحلية أو التي تعاني فيها الأندية من شبح السقوط وحتى الفرق الطامحة إلى تحقيق الصعود. وهو ما حدث في اللقاء الذي جمع غالي معسكر بالضيف مولودية سعيدة، عندما اجتاح أنصار الغالي ارضية الميدان في الدقيقة ال86 لما كان فريقهم متأخرا بهدفين دون مقابل، حيث توقف لقرابة عشر دقائق، وكذا خلال مباراة شبيبة سكيكدة أمام الضيف غالي معسكر (2-1) برسم الجولة ال18، بعدما كانت الغالية متقدمة بهدف من حمياني دون رد، الامر الذي أثار غضب الأنصار المحليين ودفعهم إلى اجتياح أرضية الميدان، لتتغير بعدها النتيجة لفائدة المحليين. وعلى إثر ذلك، قامت لجنة الانضباط التابعة للرابطة المحترفة بتسليط عقوبة اللعب دون جمهور لمباراة واحدة على تشكيلة روسيكادا. وعرفت مباراة الداربي التي جمعت أولمبي الشلف بالضيف سريع غليزان لحساب نفس الجولة أحداثا مؤسفة، فبعدما سجل الضيوف، احتج الأنصار المحليون كثيرا على تأخر فريقهم في النتيجة وراحوا يعبرون عن عدم رضاهم برمي كل ما تواجد أمامهم من مقذوفات على أرضية الميدان. وفي الجولة ال19 لبطولة الرابطة الثانية، عرفت مواجهة رائد القبة بمولودية العلمة مناوشات بين أنصار الناديين سيما وأنهم كانوا في نفس المدرجات ويفصلهم سياج حديدي. من جهتهم، يسعى القائمون على شؤون الكرة الوطنية إلى تشديد العقوبات على الفرق التي يقوم أنصارها بمثل هذه الأعمال، في حين يبقى العشاق الحقيقيون للعب النظيف يترقبون متى ينجلي الظلام الدامس لظاهرة العنف التي تفشت داخل وخارج الملاعب الجزائرية، وينتظرون بزوع فجر الروح الرياضية واللعب بمدرجات غير مسيجة.