بعد مرور سنتين كاملتين عن دخول دستور 2016 حيز التنفيذ، ما تزال مشاريع القوانين المكرسة للأحكام الصادرة فيه، تصدر تباعا بعد إعدادها من طرف الحكومة وعرضها على اجتماعات مجلس الوزراء، ثم على البرلمان بغرفتيه في مرحلة أخيرة قبل صدورها في الجريدة الرسمية لتصبح نافذة. تكتسي مشاريع القوانين، التي تزامنت مناقشتها من قبل ممثلي الشعب بالمجلس الشعبي الوطني والأسبوع الأول من الشهر الفضيل، بالغ الأهمية على اعتبار أنها تكرّس الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية في شتى الميادين، والمكرسة في دستور العام 2016، ولعلّ أبرزها حقّ التقاضي على درجتين في القضاء العسكري، النظام الداخلي للغرفة البرلمانية الثانية الذي يشكّل منعرجا في الممارسة البرلمانية للمعارضة، وإلى ذلك القانون العضوي المتعلّق بقوانين المالية، الذي يتبنى مبدأ التسيير القائم على مبدأ النتائج. وتأتي مشاريع القوانين استكمالا لحزم مشاريع قوانين تم إعدادها وعرضها على المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، تزامنت والسنة الأخيرة من الفترة التشريعية السابعة، وكذا السنة الأولى من الفترة التشريعية الثانية التي توشك على الاختتام، ولعلّ أبرزها القانون الذي يحدّد تنظيم الغرفتين البرلمانيتين وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، المندرج في صلب الإصلاحات السياسية، التي انطلقت المشاورات السياسية الخاصة بها في العام 2011 ، وتوجت في دستور 2016.وحرص رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة، لدى ترأسه كل جلسة علنية، على التذكير بأن مشاريع القوانين المكرسة للإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، تكرس قفزة نوعية تحسب للجزائر في شتى المجالات، ذلك أن مشروع القانون المتعلّق بالقضاء العسكري على سبيل المثال، والذي يكتسي طابعا خاصا وليس استثنائيا باعتباره جزء من القضاء المدني، كرس حق التقاضي على درجتين، وكذا استحداث مجالس استئناف وغرف اتهام تابعة لها، مكتسبات كانت محل تثمين من قبل كل النواب، الذين استحسنوا الطابع الإنساني والديمقراطي. ورغم أن النواب اختزلوا مشروع قانون النظام الداخلي، في مسألة الغياب والعقوبات التي تمّ إقرارها في محاولة للحدّ منها بعدما تحولت إلى ظاهرة، إلا أن القانون يكتسي بالغ الأهمية فبغض النظر عن معالجته مسألة الغياب، من خلال الخصم من المنحة البرلمانية والحرمان من الترشح لهياكل المجلس، إلا أنه تعديل يأتي بعد 18 سنة من سريان النظام الداخلي الحالي، كما أنه يأتي تجسيدا لأحكام الدستور الجديد، لاسيما فيما تعلّق بتعزيز الدور الرقابي، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية، والأهم من ذلك تعزيز دور ممارسة المعارضة البرلمانية. مشروع قانون آخر ناقشه نواب الغرفة البرلمانية السفلى لا يقل أهمية، ويتعلّق الأمر القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، الذي يتبنى مبدأ التسيير القائم على مبدأ النتائج، ولعلّ ميزته حمله طابع القانون العضوي بعدما كان عادي، والذي تقاطع الجميع في التأكيد بأنه إحدى أدوات الحكم الراشد، غير أن ذلك لم يمنع النواب من انتقاد التخلي عن اعتماد الميزانيات على أساس الاحتياجات.