تواجه بريطانيا أزمة اقتصادية غير مسبوقة، خاصة بعد قرار البنك المركزي البريطاني، رفع سعر الفائدة بنسبة 0.75% لتصل إلى 3%، وهي أعلى زيادة منذ عقدين تقريبا. يدرك ريشي سوناك منذ لحظة إعلانه الترشح لزعامة حزب المحافظين البريطاني، حالة الانهيار التي يعيشها اقتصاد بلاده نتيجة أخطاء سلفه ليز تراس، وهو يعلم أن مهمته لن تكون سهلة فهو بالفعل بحاجة لما يشبه المعجزة لإنقاذ سمعة بريطانيا المالية وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وتعهد بذلك بالفعل في خطابه الأول بعد توليه منصبه، بأنه سيتخذ قرارات صعبة ومؤلمة لإنعاش الاقتصاد. وتترقب أسواق المال والأعمال، إعلان سوناك لخطته الاقتصادية، التي أجّلها لأسابيع، حيث كان من المفترض أن يكشف عن تفاصيلها يوم 31 أكتوبر الماضي قبل أن يعلن عن تأجيل إعلان الخطة إلى 17 من نوفمبرالجاري، وهي تعد خطة حياة أو موت للاقتصاد البريطاني. وضع الاقتصاد صعب أعلن البنك المركزي البريطاني أن البلاد سوف تدخل أطول ركود في تاريخها قد يمتد إلى منتصف سنة 2024، مؤكدا أن المؤشرات الاقتصادية تزداد تدهورا، في أسوأ أزمة يواجهها الاقتصاد البريطاني يواجه منذ 30 عاما، وهو ما دفعه لرفع الفائدة بنسبة 0.75%. السبب الرئيسي وراء إجراءات المركزي البريطاني ارتفاع نسبة التضخم التي وصلت إلى 10%، وأكد البنك في بيانه أنه سيواصل رفع الفائدة التي قد تصل إلى 5.25%، كمحاولة لخفض التضخم، وعودته مجددا لنسبة 6% التي تعد أعلى معدل فائدة مسجل منذ 40 عاما. كذلك ارتفعت نسبة الفقراء في بريطانيا لتصل إلى 22%، وهو ما يعادل 14.5 مليون شخص، حسب مؤسسة "جوزيف رونتري" والتي توقعت أن يزيد عدد الفقراء في حال عدم إقرار أي حزمة مساعدات جديدة بحوالي 450 ألف شخص، إضافة إلى 250 ألف شخص سينتقلون لخانة الفقر المدقع. وستزيد قرارات المركزي البريطاني من معاناة البريطانيين الذين لديهم قروض، حيث سيواجهون أكبر صدمة في مجال القروض منذ 30 عاما، حيث سيواجه حوالي 4 ملايين بريطاني زيادة في أقساطهم الشهرية. كما تواجه ميزانية الدولة عجزا أو ما يصفه الاقتصاديون "بثقب ضريبي" يصل إلى 50 مليار جنيه إسترليني، نتج عن الإعفاءات الضريبية التي منحتها الدولة خلال فترة جائحة كورونا. تقليص الإنفاق ورفع مداخيل الضرائب منذ أن كان سوناك وزيرا للخزانة وهو يحمل عقيدة اقتصادية واضحة، تقوم على التحكم في الإنفاق الحكومي، والزيادة التدريجية في المداخيل الضريبية، ولهذا فمن المتوقع أن يعلن وزير الخزانة جيرمي هانت عن خطة تعيد ثقة المستثمرين في الاقتصاد البريطاني، بعد أن تراجعت ثقتهم بسبب "الميزانية المصغرة" التي وضعتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، لكن في المقابل دون مفاقمة معاناة المواطنين بشكل أكبر. وسيكون الهدف هو توفير المال، من أجل تغطية العجز في الميزانية، والوصفة الجاهزة هي تقليص الإنفاق العمومي، والرفع من المداخيل الضريبية. وعلى جميع المرافق الحكومية أن تتوقع خفضا في ميزانيتها، باستثناء قطاعين، وهما الدفاع والصحة اللذان وعد سوناك بأن ميزانيتهما سوف ترتفع. وحسب بعض التسريبات الإعلامية فإن خطة جيرمي هانت سوف تقوم على 50% خفضا للإنفاق الحكومي بهدف توفير 25 مليار جنيه إسترليني خلال العام الجاري.