الرمزية التاريخية لذكرى اندلاع الثورة المظفرة كانت مناسبة للمّ الشمل العربي بلورة رؤية مستقبلية لتحقيق نهضة عربية شاملة والسياق الدولي يفرض تكاتف الجهود حنكة الدبلوماسية الجزائرية.. وإعلان الجزائر صنع الاستثناء لفلسطين والعرب أكدت مجلة الجيش، نجاح الجزائر «الباهر» في تنظيم قمة عربية تاريخية «رغم الظروف الإقليمية المعقدة»، وأثنت على الأفكار الجديدة التي طرحتها ضمن «رؤية مستقبلية لتحقيق نهضة عربية شاملة»، مرجعة الفضل إلى حنكة الدبلوماسية الجزائرية. عادت «الجيش»، برصد شامل وقراءة معمقة، لمجريات اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، المنعقد يومي 1 و2 من الشهر الجاري، بالجزائر، واعتبرت أن «بلادنا كسبت الرهان» على جميع الأصعدة. جاء ذلك في عدد نوفمبر الصادر أمس، الذي تصدره عنوان: «القمة العربية في دورتها 31 بالجزائر.. عهد جديد»، في إشارة إلى تدشين الجزائر أبعادا جديدة وغير مسبوقة لدفع العمل المشترك. وربطت افتتاحية المجلة، بين الذكرى 68 لاندلاع الثورة التحريرية واحتضان البلاد للقمة العربية، واضعة الحدث في سياقه الدولي والإقليمي، قبل أن تفصل في دلالته العديدة على الصعيدين الوطني والعربي. وتحت عنوان «قمة نوفمبر ..نجاح باهر بكل المقاييس»، قالت الافتتاحية: «لقد صنعت الجزائر الحدث العربي بامتياز، فبعد ثلاث سنوات بسبب تبعات جائحة كورونا، استقبلت بلادنا القادة العرب في قمة تاريخية وفي ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، أثرت بشكل أو بآخر على المنطقة العربية ككل». وأضافت: «كما كان متوقعا، كسبت بلادنا الرهان بعد أن حققت القمة العربية النجاح المرجو منها، إذ اعتبرت بحق لبنة جديدة في العمل العربي المشترك». وتعمقت «الجيش» في إبراز دلالة اختيار تاريخ إعلان الكفاح التحرري ضد الاستعمار الفرنسي، لتنظيم القمة العربية، ما أضفى عليها أجواء نضالية متأصلة، قائلة: «كانت الجزائر في الفاتح نوفمبر عاصمة العرب، فبعد نجاحها في توحيد صف مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية، جعلت بلادنا من يوم اندلاع الثورة المظفرة الذي يحمل رمزية تاريخية عظيمة مناسبة للمّ الشمل العربي». وأفادت بأن الدلالة الواجب استنباطها، تعبر عن «عرفان الشعب الجزائري لالتفاف الدول والشعوب العربية وتضامنها مع الثورة التحريرية». في المقابل، شكل تواجد «الأشقاء العرب بأرض الشهداء»، فرصة ثمينة لمشاركة الشعب الجزائري احتفالاته بمناسبة تعد من الأغلى في تاريخه المجيد تقول الافتتاحية لتضيف بأن هذه الدلالات تدفع للاستلهام من أجل بلورة «رؤية مستقبلية لتحقيق نهضة عربية شاملة في وقت يشهد فيه العالم توجها نحو التكتل ومزيد من التحالفات». وشددت الافتتاحية على أن السياق الدولي يفرض «تكاتف جهود الجميع والإيمان بالوحدة العربية كهدف أسمى، لاسيما مع توفر إمكانيات تحقيق قفزة نوعية في كل المجالات، مستشهدة بما أكده رئيس الجمهورية في خطاب افتتاح الأشغال. وقال الرئيس تبون: «في ظل ما تتوفر عليه منطقتنا العربية من إمكانيات ومقدرات طبيعية وبشرية ومالية هائلة تؤهلنا أن نكون فاعلين في العالم كقوة اقتصادية، لا نقبل أن يقتصر دورنا الاقتصادي على التأثر، ولا بد من استرجاع الثقة في أنفسنا لنكون ذوي تأثير في المشهد العالمي والاقتصاد الدولي، لاسيما وأن احتياطات النقد لبلداننا العربية تعادل دخل واحتياطي أوروبا ومجموعات اقتصادية آسيوية وأمريكية كبرى». وفصلت «الجيش» في إبراز أهم خصائص المضمون القوي الذي ميز قمة الجزائر، فقد «حرصت على تعزيز العمل الجماعي البناء والهادف لوضع حد للأزمات التي تعرفها بعض الدول العربية». ورأت الافتتاحية أن حجم الملفات المطروحة للنقاش كان «استثنائيا»، مبرزة نوعية المقترحات التي تقدمت بها الجزائر واصفة إياها ب»القيّمة»، إذ حملت في طياتها أفكارا جديدة ذات الصلة بملف فلسطين وإدراج إصلاحات جذرية عميقة وشاملة لمنظومة العمل العربي المشترك وإشراك المواطن العربي كفاعل ومساهم فعّال في صياغة هذا العمل، إلى جانب بناء تكتل اقتصادي عربي «منيع» يحفظ «مصالحنا حماية لأمننا الغذائي»، مؤكدة أنها مقترحات ستعطي دفعا قويا لتجسيد العمل العربي المشترك على كافة المستويات، «بما يسهم في تحقيق طموحات الشعوب العربية في العيش في كنف الأمن والسلم والرفاه». وفي المحصلة، تقول المجلة: «إن ما تحقق في هذه القمة من مكاسب تحسب للجزائر»، خاصة ما تعلق بالقضية الفلسطينية وما تبعها من إشادة وترحيب الأشقاء العرب بتوقيع الفلسطينيين على «إعلان الجزائر» المنبثق عن مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الفلسطينية». حنكة الدبلوماسية وعددت افتتاحية «الجيش»، مقوّمات نجاح الجزائر في هذه الأحداث العربية الهامة، إذ يؤكد ذلك «حنكة الدبلوماسية الجزائرية في سياق إقليمي وقاري ودولي يشهد تغيرات وتقلبات مفتوحة على كل الاحتمالات». وأوضحت أنه وبفضل نشاطها الدبلوماسي الكثيف، استطاعت إثبات جدارتها في معالجة العديد من القضايا، معتمدة سياسة رشيدة تقوم على التعاون المثمر بين الدول العربية في مختلف المجالات وفق مبدإ «ثابت وأساسي مفاده عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومساندة القضايا العادلة، في مقدمتها القضية الفلسطينية». وذكرت بأن الجزائر تتطلع لأن تبقى فلسطين دوما «محور الاهتمام العربي والدولي»، مشيرة إلى تأكيد رئيس الجمهورية في سابقة هي الأولى من نوعها «استعداد بلادنا للتحرك على المستوى الأممي من أجل منح العضوية الكاملة لفلسطين في هيئة الأممالمتحدة». الافتتاحية، حرصت أيضا على التأكيد بأن ما تحصده الجزائر من نجاحات للسياسة الخارجية يأتي نتيجة «لتوظيفها كامل طاقاتها وقدراتها الدبلوماسية بقيادة رئيس الجمهورية»، وفق نهج «تجسيد الجزائر الجديدة على أرض الواقع، جزائر تصبو ضمن أهدافها المسطرة على الصعيد الداخلي لتحقيق المزيد من الانتصارات وتجسيد مختلف المشاريع الكبرى التي باشرتها في قطاعات ومجالات مختلفة». وذكرت الافتتاحية بأنه وتماشيا مع هذا النهج الذي يستدعي تجنيد كل طاقات الأمة حول الهدف الاستراتيجي المذكور «يجدد الجيش الوطني الشعبي، وهو يواصل مسيرته المظفرة على طريق امتلاك القوة الرادعة، تمسكه بالعهد الذي قطعه بالحفاظ على وديعة الشهداء وصيانتها في كل الظروف». وتطرقت المجلة في عدد هذا الشهر إلى مجريات القمة العربية منذ انطلاق الأشغال، مبرزة أهم المحاور التي تناولتها، وكيف صنعت الاستثناء بتحقيق مبادرة «صفر ورق» ونوعية التمثيل، واكتسابها البعد الدولي بمشاركة 3 رؤساء فواعل دولية هامة، وصولا إلى بنود «إعلان الجزائر».