مجلة الجيش تُشدّد على ضرورة رصّ الصفوف    لا تعاطف مع سجناء قضايا ترويج السموم    إطار وطني جديد للتصديق الإلكتروني    فتح باب التسجيل عبر 24 ولاية    حملة فرنسية تستهدف الجزائر    وزير الاتصال يثني على المحافظة السامية للأمازيغية    وقوع 3.223 حادث مرور في الجزائر، بين جانفي وأكتوبر    الجزائر تدشن المعهد الإفريقي للتكوين المهني ببومرداس    اللقاء يعكس التزام الدولة بإعطاء الأولوية لمسألة التشغيل    توقيف 5 أشخاص وحجز750 مليون مزورة    المباراة المفصلية لكأس العرب بين الجزائري والعراقي    انتخاب الجزائر لمدة سنتين باللجنة الدائمة لحقوق المؤلف    الأدب الجزائري باللسان الفرنسي..!؟    BOIKII بميناء الجزائر    أسعار الخضر تلتهب عبر الأسواق    هذا برنامج مباريات الدور ال16    عطّاف يلتقي غروسي    الخطّ الأصفر.. حدود الموت    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    استحداث شبكة خبراء لاعتماد المنتجات الرقمية    الجزائر وجهة استثمارية صاعدة في منطقة المتوسط    جهود لتسوية الاعتراضات المسجلة    مسار الزراعات الاستراتيجية تحت المراقبة    احتياطات الأدوية والمستلزمات الطبية تتراجع إلى مستويات الكارثية    الرئيس الصحراوي يطالب الاتحاد الأوروبي بالكف عن التحايل    تنظيم صالون للحمضيات قريبا    نخوض كل لقاء كأنه نهائي    بلغالي سعيد بمستوياته مع نادي هيلاس فيرونا    أبو جزر يحتفي بإسعاد الجماهير الفلسطينية    هذا برنامج مباريات الخضر في مونديال 2026    حجز 100 كغ من اللحوم الفاسدة    كأس العرب فيفا قطر 2025 / الجزائر- العراق:"الخضر" على بعد نقطة واحدة من الدور ربع النهائي    افتتاح المعهد الإفريقي للتكوين المهني ببومرداس لتعزيز التعاون البيني-الإفريقي    توقيع بيان لتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بين الجزائر والوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزير الشؤون الدينية ووالي ولاية الجزائر يعاينان مشاريع ترميم معالم دينية وتاريخية بالعاصمة    الجزائر تؤكد التزامها بحرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية أماكن العبادة    المؤتمر الإفريقي للمؤسسات موعدا سنويا هاما للتعاون البيني    بلمهدي يشرف على اجتماع لمتابعة الرقمنة بقطاع الأوقاف    ثورة التحرير الجزائرية تشكل نموذجا ملهما لحركات التحرر    سفارة النمسا في الجزائر توجه رسالة مؤثرة للجماهير الرياضية    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    المفتاح تمثّل الجزائر    رئيس الجمهورية يعزّي..    الفرقاني.. 9 سنوات من الغياب    ناصري وبوغالي يعزّيان    التباحث حول إقامة مصنع ل"صيدال" بعمان    وزير المجاهدين يكرّم المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد    نظام أجور خاص لحماية القضاة من الإغراء والتأثير    "حماس" تحذر من التفاف الاحتلال الصهيوني على بنود الاتفاق    الكتابة مرآة المجتمع وسؤال المرحلة    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    أقرها رئيس الجمهورية.. إجراء عملية القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حج إضافية    صور من الحب والإيثار بين المهاجرين والأنصار    أفضل ما تدعو به لإزالة الألم والوجع وطلب الشفاء    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التهكم عند محمد الصالح رمضان
نشر في الشروق اليومي يوم 17 - 02 - 2021

على خلاف كل من الإبراهيمي وحوحو، نجد مواقف أخرى كثيرة ذاتية، تتخذ من التهكم الشخصي وسيلة السيكولوجية، وسبيلا للرد في المقال بما يناسب المقام، كما هو الشأن عند محمد صالح رمضان في رسالته المخطوطة- التي وقف عليها د.عبد الملك مرتاض- التي يسخر فيها من شخص تلمساني أو معلم كان يقيم بتلمسان، وقد اتبع فيها طريقة القدماء في تهكمه، مستخدما في ذلك السجع، بانيا موضوعه على القضية النحوية المعروفة لدى النحاة تحت عنوان المسألة الزيتونية، كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري النحوي.. محمد الصالح رمضان- باعتباره كاتب قصة وكاتب مقالة، وباعتباره إزاء مقاومة ذات لذات- يستعمل في رده ترسانة لغوية لإفحام الخصم: فالعراك هنا عراك لغوي أدبي، وليس عراكا جسمانيا، والغالب فيه- ولو من دون مغلوب فعلي- إنما يتحقق بالقدرة على القهر اللفظي والإعجاز البلاغي. وعليه، نجد محمد الصالح رمضان، يعول على الأسلوب في رسالة التربيع والتدوير للجاحظ الساخرة، لإفحام خصمه:
"..ما هذه الزنبورية التي جاءنا بها كسائي مصره؟ أحضر في ما يحكي البرمكي لنتناظر لديه فنعرف لسعة العقرب أشد أم الزنبور، ورنة القيثارة أحسن، أم نغمة الطنبور؟ وهل هو هي أم إياها؟ فإذا به يجهل القضية أو يتناساها؟ إن حكمك، أيها الكسائي لصنيعة يدك. ولكن سيبويه زمانك، ليس كسبويه البرامك، تروج عليه المكائد فيتردى في المهالك؟.. أجئتني برمزة من خلانك، أبناء بيئتك ومكانك: زاعما أنهم تحت سلطتي وإدارتي، وما هم في إمرتي ولا طوع إشارتي. إنها لمكيدة، كالمصيدة ! لو حضرها الفراء، لفر هاربا لا يلوي على شيء، ولو سمع بها ابن السُّكيت لسكت عن كل شيء، ولو اطلع عليها الصاحب بن عباد، لما رضي بك صاحبا في العباد. انتخب لي من عبقر أو مدغشقر، صاحب العبقرية القزم الأصغر المغربل المفلاس، الرخيص من كلام الناس، فتقدم لسرح الفولاذ المموه بالنحاس، مشمرا حاسر الرأس، فقلنا له ياس! ما عليك من باس، لو أتيت بدل المسحاة بالفاس، لعدت عوضا عن النحاس بالماس. فعاد إلى الكناس كالخناس!…
في هذا النص، نجد محمد الصالح رمضان يلجأ إلى المعادلات الفنية والتقابل اللفظي ليوضح مدى بعد البعدين بينه وبين خصمه، وكأنه يريد أن ينشئ ثنائية الصراع الذاتي وبناء النقيض، كأنه أراد أن يقول لخصمه الذي دعاه إلى مناظرة عملية: من تكون أنت حتى تنصب نفسك حكما؟
في هذا الرد الساخر، نجد محمد الصالح رمضان يهرع إلى بعض رموز المناظرات ليقابل بها هذه المناظرة المقترحة، فيضع نفسه موضع سيبويه، ويضع خصمه موضع الكسائي: ".. ما هذه الزيتونة التي جاءنا بها كسائي مصره لسيبويه عصره؟".. ثم يرفض مضمون هذه المناظرة التي تعيد إلى الذاكرة أسئلة كسؤال: ".. ألسعة العقرب أشد أم الزنبور، ورنة القيثار أحسن أم نغمة الطنبور، وهل هو هي، أم إياها.."؟ ثم يتهم خصمه بالكيد له والتواطؤ مع أبناء بلدته- تلمسان- للإيقاع به: ".. أجئتني بزمرة من خلانك أبناء بيئتك ومكانك زاعما أنها تحت سلطتي وإدارتي وما هم في إمرتي ولا طوع إشارتي، إنها تحت سلطتي وإدارتي وما هم في إمرتي ولا طوع إشارتي، إنها لمكيدة كالمصيد..". فهو لا يعلن أنه تفطن إلى المكيدة المدبرة ضده من طرف خصمه وأبناء بلدته، بل يعلن أنها مكيدة في غاية الذل والهوان، لا يقف وراءها إلا جاهل وكائد، ما كان ليقبل بها لا الفراء ولا ابن السكيت ولا الصاحب بن عباد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.