نددت الجزائر، اليوم الأربعاء، من على منبر الأممالمتحدة، بصمت المجتمع الدولي تجاه الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، مؤكدة أن هذا الصمت يمثل "خيانة موثقة" في سجل التاريخ، وليس حيادًا، داعية إلى استخدام الأدوات القانونية التي يخولها ميثاق الأممالمتحدة لوقف هذه الفظائع. جاء ذلك في كلمة ألقاها المندوب الدائم المساعد للجزائر لدى الأممالمتحدة، السيد توفيق العيد كودري، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول "الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية"، حيث أكد أن "صمت المجتمع الدولي ينتمي إلى لغة الجريمة"، وأنه "مهما تحصن هذا الصمت بالدبلوماسية، سيسجل كشاهد على الجريمة"، مطالبًا بالانتقال من مرحلة التنديد إلى العمل الفعلي والملموس. وفي تطرقه إلى الوضع الإنساني الكارثي في غزة، وصف كودري الواقع في القطاع بأنه "لا يُختصر إلا بالموت"، مضيفًا أن قوات الاحتلال "تفننت في ممارسة القتل بحق الفلسطينيين، مدفوعة بوهم إفراغ فلسطين من أهلها تحت غطاء الغطرسة وجنون القوة"، غير أن "زوال الاحتلال هو حتمية تاريخية، ومحاولة إيقاف عجلة التاريخ مصيرها الفشل". وانتقد المسؤول الجزائري عجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرارات رادعة، قائلاً إن "تراكم الجلسات وتناسُل البيانات لم يوقف المجازر، ولم يردع المحتل"، بل أصبحت الاجتماعات نفسها دليلاً على قلق المجموعة الدولية وعجزها في آن واحد. كما أعرب كودري عن استغرابه من محاولات بعض الدول تبرير الجرائم، خاصة قتل الأطفال، واصفًا تلك المواقف بأنها "تضفي على الجريمة طابعًا إنسانيًا زائفًا"، متسائلًا: "هل لأنهم فلسطينيون يمكن قتلهم؟". واستشهد بتقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي أكدت أن الاحتلال يقتل منذ 7 أكتوبر 2023 ما يعادل صفًا دراسيًا كاملًا من الأطفال يوميًا، أي ما بين 35 إلى 45 طفلًا. وفي السياق ذاته، استنكر كودري استهداف الاحتلال للمستشفيات بذريعة أنها "مراكز قيادة وسيطرة"، في حين تؤكد منظمة الصحة العالمية وغيرها من الهيئات الدولية أن هذه المؤسسات كانت تقدم الرعاية للمصابين، مشيرًا إلى "الانهيار الكامل للنظام الصحي في غزة نتيجة التدمير المتعمد للبنية التحتية والنقص الحاد في المعدات والأدوات الطبية". أما بخصوص المساعدات الإنسانية، فقد أوضح أن "نقاط توزيعها تحولت إلى مصائد موت"، منتقدًا تسييس المساعدات وتحويلها إلى أداة تهجير بدل أن تكون وسيلة إنقاذ. واختتم كلمته بالتأكيد على أن حجم الفظائع المرتكبة في غزة "يحتم مساءلة الإنسانية في داخل كل فرد"، مطالبًا بتحقيق دولي ومساءلة قانونية، وقبل كل شيء، بوقف فوري لإطلاق النار وإغاثة عاجلة للفلسطينيين، قائلًا: "النتيجة واحدة مهما اختلفت التسميات: تطهير عرقي، إبادة جماعية، جرائم ضد الإنسانية… أجساد تموت من العطش قبل أن تموت بالقذائف، وأطفال يولدون بلا طفولة ويموتون بلا قبور".