لم يهضم المواطنون المدعوون للمشاركة بقوة في الانتخابات التشريعية القادمة غياب اللافتات الإشهارية التي تحمل قوائم المرشحين، حيث ظلت العديد منها بيضاء شاغرة فيما التزمت الأحزاب الكبيرة بالإشهار لقوائمها، وهو ما بعث الحيرة في نفوس المنتخبين حول هوية باقي الأحزاب المطالبة بمنحها أصواتهم يوم 4 ماي المقبل، بينما لم يكلف أصحابها أنفسهم عناء التعريف بها. امتنعت بعض الأحزاب عن الالتزام بتعليق قوائم مرشحيها على اللوحات المخصّصة لها في مختلف الشوارع والأحياء ومع أن الحملة الانتخابية توشك على الانتهاء فقد حدّد موعد 30 أفريل المقبل، كآخر يوم لها إلا أنها مازالت شاغرة بشكل يثير الحيرة والدهشة لدى المواطنين الذين عجزوا عن فهم ما تقوم به هذه الأحزاب المطالبة بالتصويت عليها وهي لم تشهّر لمرشحيها، فبعض الأحزاب غير معروفة لدى المواطنين. وعبر أحد المسنين في العاصمة بعدما وقف مطوّلا يتأمل اللوحات الإشهارية في شارع علي مدوش وحي البحر والشمس عن استيائه الشديد قائلا: في كل مرة أقف أمام هذه اللوحات أجد مرشحي الآفلان، الأرندي والعمال أما بقية الأحزاب فلم ألتق بها ولا مرة، ليضيف متسائلا أين اختفت صورهم؟. فيما ذهب مسن آخر لأبعد من هذا بعدما أكد بأن إفلاس البرامج الانتخابية لبعض الأحزاب والذي تعوّد عليه المواطنون في عدة مواعيد انتخابية امتد هذه المرة لإفلاس الصور الإشهارية للمرشحين، فقد أعلنت بعض الأحزاب حسب مزاعمه حملة تقشف في الصور لتوفير المصاريف للفترة التي تلي التشريعيات. وقد تحوّلت هذه الظاهرة إلى مبعث للسخط والغضب في العالم الافتراضي أيضا، فقد قام بعض الفايسبوكيون بنقل صور على اللوحات البيضاء ترافقها تعليقات ساخرة تدعو المواطنين للتصويت على الأشباح يوم 4 ماي القادم، فيما ارتأى البعض وضع ورقة بيضاء هو خير رد على اللوحات البيضاء فليس من المعقول انتخاب مرشحين لم يشاهدوا حتى صورهم. ووصف مصدر من الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات في اتصال ل"الشروق"، ما أقدمت عليه بعض الأحزاب السياسية يعتبر استخفافا بالمواطنين، مضيفا بأن القانون لا يعاقب المرشح الذي لا يعلّق صوره لأنه هو من يعاقب نفسه بعدم تعرف المنتخبين عليه وبذلك سيخسر أصواتا. واستغرب المصدر من إقدام بعض الأحزاب التي تتعمد إثارة حساسية المواطنين بعدم تعليقها الصور ثم تطالبهم بالمشاركة بقوة في التشريعيات، معتبرا هذا السلوك قلة لباقة وليس خلقا سياسيا، كما ينم عن عدم الجدية وقلة التجربة والوعي بهذه العملية. وبالموازاة مع ذلك يقول مصدرنا برهنت أحزاب أخرى في هذا الموعد عن نضجها السياسي ووعيها التام بأهمية تاريخ 4 ماي، فالأحزاب الواعية بأهمية البرلمان تعمل ليلا ونهارا من أجل الوصول إليه.