أبوبكر الصغير انهار النظام في تونس، فبات من كانوا يعرفون برموزه الإعلامية والفنية بالأمس القريب، يتزاحمون على أبواب الاعتذار للتوبة، وتقديم شهادات حسن السلوك الجديدة للشعب التونسي الثائر، انه حال بعض الإعلاميين والمثقفين والفنانين، المحسوبين على بطانة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ممن طبلوا وزمروا له، عقدين من الزمان، ونيف، وهم اليوم، يتوبون، سرا وعلانية!! * أبو بكر الصغير، رئيس تحرير جريدة الملاحظ، كان أول التائبين والمعتذرين علانية من جميع التونسيين، من خلال تقديمه اعتذارا صريحا لمن وصفها بالشخصيات الوطنية في صفوف المعارضة الشريفة، والتي لطالما وصفها أبو بكر الصغير بالعميلة للغرب، والخائنة للشعب، وشكك في وطنيتها، قبل أن يخرج على مرآى ومسمع الجميع، في مداخلة على قناة العربية، سهرة أول أمس، قائلا:" إنني أعتذر للشعب التونسي ولكافة الشخصيات الوطنية التي أسأت إليها، فقد كنا نعيش الترهيب في زمن بن علي، وهو من فرض علينا وجهة النظر تلك، صحيح أن موقفنا كان مخزيا، لكن على الجميع أن يتفهم ظروفنا، فقد كنا ملزمين، بالسمع والطاعة، وكيل الاتهامات المجانية لكل أعداء النظام، لأن هذا الأخير مارس القمع والطغيان"؟!! * أبو بكر الصغير الذي كان نجما في قناة الجزيرة الفضائية طيلة السنوات السابقة، وهو أيضا واحد من رموز النظام الإعلامي لبن علي، وأحد الوجوه المقربة منه جدا، تم إسقاطه هذا الأسبوع من رئاسة تحرير جريدته، رغم قوله أنه يتفهم غضب الشارع في تونس عليه، وعلى أمثاله من أذناب النظام المخلوع، لكنه طالب بالصفح وطي تلك الصفحة الملوثة بالاستبداد، علما أن أبو بكر الصغير، المعروف بظهوره في برنامج الاتجاه المعاكس لفيصل القاسم، مدافع عن نظام بن علي، و"شفافيته وديمقراطيته المزعومة" سبق له وأن تدخل أكثر من مرة في الفضائيات العربية خلال ثورة الشعب، (مناظرته الشهيرة مع الأستاذ الجزائري أحمد بن محمد موجودة على اليوتيوب) قال بصريح العبارة، أنه لم يفهم شيئا مما يحدث. * وعلى غرار أبو بكر الصغير، يوجد أيضا ضمن قائمة الإعلاميين الذين طبلوا وزمروا للنظام العسكري والاستبدادي في تونس، الدكتور برهان بسيس، الذي جعلته الصدفة آخر وجه إعلامي يظهر على الفضائيات، وتحديدا على قناة الجزيرة، مدافعا عن نظام بن علي، قائلا، قبل يومين فقط من الإطاحة بالجنرال، وحاشيته، أن بن علي، منح الديمقراطية والحرية لجميع التوانسة، وهم اليوم يمارسونها بكل شفافية في الشارع، ودافع بسيّس، عن رؤية بن علي في خطابه الشهير الثاني الذي وصف فيه المحتجين بالإرهابيين والملثمين الذين تحركهم أطراف خارجية. * قناة نسمة التونسية، لصاحبيها الأخوين، قروي، ورجل الأعمال طارق بن عمار، وأيضا رئيس الوزراء الايطالي برلسكوني، فاجأت المشاهدين، عشية الإعلان عن البيان الهام الذي تضمن خبر سقوط نظام بن علي، تنقلب على كل سياستها، حيث قطعت برامجها، وبثت تصريحات لمواطنين محتجين، وصفوا فيها بن علي، بأبشع النعوت والصفات، علما أن القناة التي وصفت بالمقربة من العائلة المالكة في تونس، لطالما مارست التزوير في الحقيقة، واستضافت العديد من الوجوه الفنية والرياضية التي وصفت بن علي بأنه القائد الأفضل للبلاد، ليس آخرها، ما قالته النجمة التونسية هند صبري والمطرب لطفي بوشناق، حين عزفا سيمفونية المجد والخلود للسيد الرئيس وحرمه، أسابيع قليلة قبل الانقضاض عليه شعبيا وإسقاطه من فوق عرشه، لينقلب هؤلاء، ضد النظام، مبشرين، ومبتهجين بتونس الحرة والجديدة؟!!