إذا صدق سبر الأراء الذي أجرته هيئة مستقلّة من أن التلفزة مازالت تحظى في رمضان بنسبة مشاهدة لدى جمهورها تصل إلى 40% مقارنة مع باقي القنوات الأخرى، فإن ذلك يمثل مفاجأة لدى الكثرين أنفسهم ممن يعتقدون العكس ويطالبون بوضعها في المتحف!! اليتيمة كما تسمى في إشارة لتعددية إعلامية شكلية على مقاس التعددية السياسية قلما نجد من يمدحها أو يشكر نعمها عليه في إخباره وتثقيفه وتهذيب ذوقه وهناك من يقول إنه قاطعها منذ خمس سنوات أو أكثر أو صلى عليها صلاة الغائب، خاصة بعد أن كرست مرحلة الرداءة بامتياز مع برامج التهريج ومسلسلات التهييج وحصص الفكاهة من أعصاب وأوتار وساعد القط وحتى ساعد النمس!وهذه الصورة عن الجهاز الإعلامي الرسمي الوحيد الذي تملكه الدولة يوجد مثله في بعض عناوين الصحف المكتوبة والميزة الأساسية فيها أنها كلما زادت إصرارا في الجمع والتعمق في أخبار الدين (في مسألة شاذة) ممزوجا بالجنس ورائحة الجريمة كلما كثر الجمهور ورصت صفوفه في عملية شعارها الرداءة تطرد الكفاءة، والغث يعوض السمين! ومعنى هذا أن جمهور المتفرجين يتراجع (للوراء) مثلما يتراجع أداء الدولة نفسها التي ترمي الإعلام كله ويفترض أن تدعوه لرفع المستوى بدل النزول إلى التحت مع الإسفلت!وعندما تعمّم الرداءة وتسود قيم الاستهلاك والابتذال الرخيصة عالم المجتمع بأسره إلا من رحم ربك، فإنه يصبح من شبه المحال أن يتقبل جمهور كهذا كل عمل جاد وفيه رأي وصواب، وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الرديء يلتقي بالرديء في اليتيمة وفي غيرها ويستمتع كل واحد بالآخر في علاقة حبّ، وإعجاب ولاعجب إن رأيتم قوما يرقصون على ذنب قط أو كلب ويتلذذون بكلمات وضرب مع جنس وحب!