كانت الحدائق الإسلامية مستلهمة من الوصف القرآني والنبويِّ للجنة، حتى في تلك التفاصيل الدقيقة مثل الأشجار والمياه والأرائك والمجالس والروائح. فمن الآيات الكريمة التي استوحى منها المسلمون الموضع النموذجي لاختيار الحدائق والجنات الأرضية قوله : وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[البقرة: 265]. فقد التفت المسلمون هنا إلى إشارة دقيقة؛ حيث أوضحت الآية الكريمة أن الموقع الأمثل للحدائق والبساتين إنما يكون بالأماكن المرتفعة من الأرض (الربوة)؛ فهذا يُجَنِّب الأشجار التقاء جذورها بالمياه الجوفية التي تَحُدُّ من نموِّهَا، كما أنه يساعد على جودة الصرف والتخلُّص من المياه الزائدة. وقد بلغ الاهتمام إلى حد أن أحيطت جذوع الأشجار في بعض الأحيان برقائق الذهب، وكانخمارويه بن أحمد بن طولون يعتني بحدائق قصره إلى حد أن كسا جذوع النخيل بالنحاس المذهَّب، وكأن المسلمين قد استلهموا هذا الأسلوب من حديث النبي : "مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلاَّ وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ".