باتنة: استرجاع سيارة مسروقة وتوقيف لصّي المنازل    سقطت بحجم البيض وكرات التنس: حبات البرد تخلف خسائر في ممتلكات المزارعين بالبرج    حج1445ه /2024 م: "حجاجنا الميامين مدعوون لأن يكونوا خير سفراء لوطنهم"    فدرالية مربي المواشي تؤكد على أهمية العملية: يجب الانخراط بصفة فعالة لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    اجتماع الاتحاد العربي للحديد والصلب بالجزائر: بحث تعزيز التكامل الصناعي بين الدول العربية    ارتقاء عشرات الشهداء ومئات المصابين    في وقت جمعه حديث بالناخب الوطني: بونجاح يكشف الوجهة المستقبلية    بولوسة ممثل تنس الطاولة: 36 رياضيا ضمنوا التواجد في دورة الأولمبياد    2027 سنة جني الثمار    أكد أنه مكسب هام للجزائر: رئيس الجمهورية يدشن القطب العلمي والتكنولوجي بسيدي عبد الله    في اجتماع برؤساء المراكز القنصلية الجزائرية بأوروبا و أمريكا الشمالية: الخارجية تدعو لتعزيز نوعية التكفل بالجالية في الخارج    طواف الجزائر للدراجات    سطيف: وفاة شخصين وإصابة 4 آخرين في حادثي مرور    إيران : تعرض مروحية الرئيس إلى حادث    رئيس حركة البناء الوطني،عبد القادر بن قرينة،من تيميمون: ضرورة حماية أمننا الفكري من محاولات استهدافه من بعض الجهات    لتوفره على مرافق عصرية تضمن تكوينا نوعيا للطلبة،الرئيس تبون: القطب العلمي والتكنولوجي بالمدينة الجديدة يعد مكسبا هاما للجزائر    الانطلاق الرسمي للإحصاء العام للفلاحة    تفعيل تواجد الجزائر في منظمة الأمن والتعاون بأوروبا    هيئة إفتاء مصغرة لمرافقة الحجاج إلى البقاع المقدسة    الآفات الزراعية محور يوم دراسي ببسكرة    برنامج بحث واستغلال لتثمين إمكانات المحروقات    الحرب منتهية في غزة.. ما يجري "إخراج لليوم التالي"    قوات الاحتلال تحاصر مستشفى "العودة" شمال غزة    الفرقة الهرمونية للحرس الجمهوري.. إبداع في يوم الطالب    ربط سكيكدة بالطريق السيار "شرق-غرب" مشروع مستعجل    بحث فرص رفع المبادلات المقدرة ب700 مليون دولار سنويا    "فينيكس بيوتك"..أهمية بالغة للإقتصاد الوطني    دورة تكوينية لفائدة مسيري الجمعيات واعضائها ببسكرة    مستعدون لتعزيز التعاون في مجابهة التحديات المشتركة    الجيش الصحراوي يستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع السمارة    نحو إصدار مؤلف جديد يجمع موروث سكان "الوريدة"    محرز "الغاضب" يردّ على شائعات خلافاته مع مدرب الأهلي    حفريات إنقاذية بالموقع الأثري "أبيدوم نوفوم"    اللباس الفلسطيني.. قصة مقاومة يحاول المحتل طمسها    صور بهية ومتنوعة عن "ميموزا الجزائر"    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    كلوب بروج وأندرلخت البلجيكيَين يتنافسان لضم قادري    أندية إنجليزية تراقب اللاعب الواعد مازة    تتويجنا باللّقب مستحق.. ونَعِد الأنصار بألقاب أخرى    حجز آلاتي حفر بعين الذهب والنعيمة    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    قتيل و5 جرحى في اصطدام تسلسليّ    سكيكدة.. نحو توزيع أكثر من 6 ألاف وحدة سكنية    مستغانم.. انطلاق أشغال تهيئة 3 قاعات متعدّدة الخدمات    تحسين التكفل بالمرضى الجزائريين داخل وخارج الوطن    العدوان على غزة: هناك رغبة صهيونية في إستدامة عمليات التهجير القسري بحق الفلسطينيين    الطارف : مديرية السياحة تدعو المواطن للتوجه للوكالات السياحية المعتمدة فقط    الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" الفنزويلية يبدعان في ثالث أيام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    سيساهم في تنويع مصادر تمويل السكن والبناء: البنك الوطني للإسكان يدخل حيز الخدمة    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    المولودية تُتوّج.. وصراع البقاء يتواصل    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزوايا.. معالم حضارية ساعدت على الحفاظ على ثوابت الدولة الجزائرية

تعد من التراث والرمز الأكبر لبلدنا، حافظت طيلة عهد الاحتلال على قرآنه ولغته ودينه وأخلاقه الإسلامية ، كان لها دور فعال في المحافظة على التماسك الديني والخلقي والاجتماعي، دعت أتباعها إلى الجهاد بل قد كانت حركات الجهاد المسلّح ضد الطغيان الاستعماري الفرنسي تنطلق منها، حيث كانت تشكل آنذاك مراكز تعبئة ضد الغزاة المعتدين، إذ ما من ثورة أو انتفاضة أو مقاومة إلا وكان من أبرز مولها قائدا لها، و في هذا المقام يحضرنا العديد من الأسماء الشيخ المقراني، الشيخ الحداد، الشيخ بوعمامة، الأمير عبد القادر، لالا فاطمة نسومر، وغيرهم من الأسماء التي اقتادت ما يعرف ب "الزوايا"، و التي لم تظهر في الجزائر حسب بعض المصادر إلا بعد القرن الخامس الهجري، و ظهرت أهميتها بعد سقوط الأندلس، وامتداد الأطماع الأوربية إلى السواحل الجزائرية.
و قد تطورت الزاويا مع مرور الوقت و أصبحت أمكان روحانية، و أضحت كذلك صرح من الصروح الدينية أنجبت العديد من العلماء، ساعدت في انتشار العلم و المعرفة، لكن لم يدم هذا طويلا و تعرضت الزوايا إلى انتهاكات عبر المراحل التاريخية التي مرت بها، منها ما أبيدت عن بكرة أبيها بفعل همجية الإدارة الفرنسية الاستعمارية، ولم يبق منها سوى أسمائها التي تناولتها سلسلة الكتب التراثية، والبعض منها تم تعديل بعض أجزاء منها على يد سلاطين وحكام مدينة بني مزغنة بعد الدخول العثماني إلى هذه البلاد ووضعت عليها لمساتها الخاصة، ومنها من تأسست في ظل الإدارة العثمانية للجزائر.
تاريخ تشييد زوايا الجزائر المحروسة
يقول الأستاذ و المؤرخ محمد بن مدور في حديثه مع الجزائر الجديدة أن جزائر المحروسة كانت تتوفر على أَضرحة تحوي في رحمها علماء أجلاء كانوا في وقت ما يقدمون دروسا في العلوم الشرعية من الفقه وأصول الدين والتفسير وعلوم النحو والقواعد والصرف وكل ما يمت باللغة العربية، وعلموا أيضا على تأطير وراد العلم والمعرفة ليس فقط الوافدين إليها من داخل الجزائر، بل يؤمهم طلاب من كل حدب وصوب للنهم من فكرهم المنير والاستفادة من علمهم الذي أضاء بنوره درب الأجيال المتعاقبة، ويؤكد المؤرخون استنادا إلى ذات المؤرخ أن تاريخ تشييد الزوايا المنتشرة على مستوى قصبة العاصمة داخل وخارج أسوارها يعود أصل علمائها إلى تاريخ ما قبل الدخول العثماني إلى الجزائر الذي كان عام 1516.
معظم الزوايا أسست بدافع ديني
الدكتور خلاصي يقول عن نشأة الزوايا أنها تأسيس مساجد وزوايا الجزائر القديمة داخل وخارج أسوار حي القصبة العتيق كان معظمه على يد أفراد المجتمع بدافع ديني محض، وحرصا على جلب الثواب ونيل رضا الخالق، ولم تكن الإدارة العامة في الغالب يد في ذلك، في بنائها وإدارتها وصيانتها، وقد كان لكل صرح ديني مبني خاص به، و ذلك كان يتم بأموال تدخل في تغطية تكاليف الصيانة، والتأثيث، وتلبية الاحتياجات اليومية الأخرى، وكان يقوم بذلك يقول خلاصي موظف يدعى الوكيل الذي كان هو الأخر مصدر لرزقه، وكان هؤلاء الوكلاء في الغالب يعينون من قبل الحاكم العام للجزائر المحروسة أو الباشا، وفي بعض الأحيان كان بعضهم ينحدر من سلالة مؤسس المسجد أو الزاوية، حيث يرث تلك الوظيفة أبا عن جد، ومع ذلك فإن التعيين لمنصب الوكالة خاصة في المؤسسات الكبرى يتم بعلم القاضي والحاكم العام، ويكون التعيين عموما خاضعا لسمعة الشخص وحكم الرأي العام فيمن بذلك المنصب.
أهم زوايا التي شيدت في الجزائر المحروسة
يقول الأستاذ محمد بن مدور أن عدد زوايا الجزائر القديمة بلغ 18 زاوية، مشيرا إلى أن معظمها تحول خلال وجود الإدارة الفرنسية بالجزائر إلى ثكنات عسكرية و مزابل للنفايات فرنسا وإسطبلات لحيواناتهم، ومخازن لبضائعهم، و عن أهم الزوايا يضيف المتحدث زاوية "سيدي العباسي الشريف" و المعروفة باسم "سيدي عيسى بلحسن"، هذه المنارة الدينية تأسست قبل الدخول العثماني إلى الجزائر والتي تقع في مكان يسمى بشارع "التمور"، زواية "سيدي بوعنان" و التي تأسست هي الأخرى خلال الفترة الأمازيغية و كانت تقع في باب البحر، حيث تم هدمها سنة 1660 وتم بناء على أنقاضها جامع الجديد، زواية "سيدي عكنون "والتي تعود هي الأخرى إلى المرحلة الأمازيغية، استبدل اسمها إلى زاوية "سيدي لخال" وقد تم إدراجها مع مسجد صغير يدعى" مسجد علي باشا بشاعر " ميدي" بالقصبة الوسطى، وكذا زواية "سيدي أحمد بن علي" والتي تأسست سنة 1458 للميلاد، بمكان يسمى " سوق الجمعة" قرب قصر خداوج العمياء، من جانبه أقال الدكتور علي خلاصي إن مدينة الجزائر القديمة كان بها الكثير من الزوايا، و قد ذكر منها زاوية " جامعة الكبير" بساحة الشهداء حاليا، وبالضبط باب البحر مقابل جامع الكبير، وقد تأسست سنة 1039ه- 1629 م" على يد المفتي المالكي سيدي سعيد بن الحاج إبراهيم، وتتكون الزاوية من مسجد دون مئذنة، ومدرسة ومبني سكني من طابقين وعدة غرف وكانت في خدمة الفقهاء والمعوزين، وطلبة العلم، وميضأة وعيون ماء، وبعض الغرف الأخرى، وقد حولتها فرنسا إلى حمامات سنة 1833 م، بعدها تم هدم جزء منها لتوسيع الطريق، زواية" سيدي الجودي" ويتكون المبني من ضريح الولي للفقيه سيدي الجودي، ومقبرة عامة ومسجد صغير، وتشير أقدم وثيقة يقول خلاصي أن هذه الزاوية تم بنائها بين سنتي "1670-1671 "، وقدم تم هدمها من قبل فرنسا، زاوية " الشرفاء" ويقصد بكلمة الشرفاء حسب خلاصي كل من ينتسب إلى السيدة فاطمة الزهراء وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وقد أسسها أبو عبد الله محمد بن بقطاش الدولاتلي الذي كان دايا للجزائر آنذاك، و قد هدمتها فرنسا وبنت مكانها مكاتب فرنسية، زاوية " سيدي بوشقور" و التي حولتها الإدارة الفرنسية يضف المتحدث إلى مخازن، وغيرها من الزوايا بعضها التي كانت منتشرة بالجزائر.
فرنسا هدمت الزوايا بهدف القضاء على الدين و الهوية الوطنية
الجزائر كانت تملك العديد من الزوايا و المساجد، كانت منبرا للعلم، إلا أن هذه المعالم الحضارية تعرض العديد منها إلى انتهاك حرمتها واغتصبتها من طرف الإدارة الفرنسية، بغية إبعاد سكان الجزائر عن دينهم، و ذلك عن طريق حملات التبشير ونشر المسيحية في أوساط المجتمع الجزائري ، لأن فرنسا كما يقول خلاصي تعد الإستعمار الوحيد الذي يعمل على نشر ثقافته في المجال الحيوي الذي يفرض عليه سيطرته باحتلاله واستبدال ثقافة بلد الأم بالثقافة الفرنسية، وهذا الرأي أيده محمد بن مدور الذي أكد هو الأخر أن الجيوش الجرارة التي شكلتها الإدارة الفرنسية للزحف به نحو الجزائر سنة 1830 كان من بينها علماء في علوم الفكر المختلفة، وقساوسة، ورجال الدين وآباء البيض الذين تم إعدادهم لتغير الذهنية الجزائرية، وإعادة بنائها من جديد بتركيبة مغايرة، والعمل على تغريب الفكر الجزائري، وإدخاله في عالم يجهل التعامل مع أدواته، لو لا تفطن أعيان الأمة الجزائرية يقول بن مدور إلى مخطط الفرنسيين، لا قضت هذه الأخيرة يقول بن مدور عن الهوية الوطنية الجزائرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.