مجلس الأمة: التصويت على القانون الناظم للعلاقة بين البرلمان و الحكومة    تبادل التهاني مع الرئيس تبون بحلول رمضان: أردوغان يجدد شكره للجزائر على وقفتها في زلزال تركيا    من بين أكبر الإنجازات المحقّقة: الاستقرار يعيد للجزائر مكانتها وهيبتها    بلعريبي يأمر بإعطاء نفس جديد للمشاريع الجاري إنجازها: توزيع آلاف السكنات عبر 7 ولايات بداية من جويلية    رفع إنتاج الحليب المدعم ب 40 بالمائة    الطارف: تسويق 12 قنطارا من اللحوم البرازيلية    خنشلة: وضع مشروعين لتحسين التزود بالمياه حيز الخدمة    الرّابطة المحترفة: الوصافة عنوان كلاسيكو الشرق وموعد مثير بالشلف    جرّب أكثر من 3 أساليب في سنة: الناخب الوطني لم يستقر على خطة تكتيكية    التحاقه بالخضر عاد عليه بالفائدة: ارتفاع القيمة السوقية لشايبي    خنشلة: ضبط كيف ومؤثرات عقلية داخل مسكن    تبسة: وفاة تلميذ أثناء صلاة التراويح بالعوينات    خلال اجتماع الحكومة برئاسة الوزير الأول،بن عبد الرحمن    البرومييرليغ افضل…راشفورد يرفض عرضا مغريا من البياسجي    إخفاق جديد للخضر    خرجة ميدانية لأمن قسنطينة في حملة تحسيسية حول أخطار استعمال سرعة قبيل الإفطار    الإفطار بقصبة الجزائر توجه جديد لوكالات السياحة المحلية    استعاد لياقته .. هل يلتحق كانتي بموقعة الريال وتشيلسي ؟    مجلس الأمة يصادق بالإجماع على نص قانون تسوية الميزانية لسنة 2020    توالي ردود الفعل المدينة للاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين    "شهداء رموز بلا قبور": موضوع ندوة تاريخية بالجزائر العاصمة    خمسة جرحى في اصطدام تسلسلي لعدة مركبات داخل نفق بجيجل    اقبال كبير على مطاعم الرحمة بجيجل    3 مستويات جيوسياسية و5 أركان.. مقاربة جديدة لمكافحة الإرهاب    بسكرة : عدة نشاطات ثقافية لإحياء سهرات شهر رمضان    ملفات تتعلق بقطاعات العدالة والشباب والرياضة والنقل والمؤسسات المصغرة على جدول أعمال اجتماع الحكومة    كورونا: إصابتان جديدتان مع عدم تسجيل أي وفاة    الجزائر نجحت في تبني سياسة صحية وطنية فاعلة    المنصات الرقمية تساهم في حوكمة الجامعة الجزائرية بشقيها الإداري والبيداغوجي    فارس شايبي: محرز وبن ناصر وماندي ساعدوني.. ونحن في "الخضر" عائلة واحدة    طفل موهوب ينتج فيلما قصيرا بجيجل    فيلم "وقفة على أطلال الظهرة" يشارك في مهرجان "السينما في دارك" بتونس    سوناطراك: حكار يستقبل المديرة العامة لمجمع "أنجي"    ترسيخ المرجعية الدّينية والوطنية في المجتمع..مهمّة تشاركية    إحباط محاولات إدخال أزيد من 18 قنطارا من الكيف المغربي    توقيف 3 أشخاص وحجز أزيد من 5 قناطير من اللحوم الفاسدة    الشروع في تركيب كواشف غاز أحادي أكسيد الكربون    إنشاء بقالمة أول أرضية لتحضير المنتجات الفلاحية لتصديرها    مسابقة "ضيوف الرحمان" نغمتي: 30 عمرة كاملة التكاليف للفوز خلال رمضان مع موبيليس    النظام القرآني للصيام    تعزيز المنظومة القانونية الوطنية يرمي إلى توجيه المجتمع لبناء الجزائر الجديدة    ربيقة يدعو إلى استلهام العبر من تضحيات الشهداء لمعرفة قيمة الوحدة الوطنية    الاحتلال يخنق فلسطين في عزّ رمضان    وزير العمل يُرافِع لإعادة تنظيم المشهد النقابي    إيريك زمور يتطاول على الجزائريين    ساعات في رمضان    إنشاء مدرسة للفنون المسرحية للفنانين الناشئين    افتتاح منتدى الفكر الثقافي الإسلامي    أسعار سيارات فيات مُرشّحة للانخفاض    كورونا: 9 إصابات جديدة وعدم تسجيل أي وفاة    نائب سويسري يقدّم طلبا للمجلس الاتحادي    كاميلا هاريس في أول جولة إفريقية    تسهيلات للجزائريين للحصول على التأشيرة المصرية    دشنت مشواري مع المنتخب الوطني بانتصار مهم    18 فنانا في المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الحضرية    حفظ الجوارح في الصوم    كورونا: إصابة واحدة جديدة وعدم تسجيل اي وفاة    تحسيس بمضاعفات داء السكري خلال رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولي الصالح سيدي عبد الرحمان الثعالبي ... نفحات إسلامية من الزمن الماضي
نشر في الحوار يوم 11 - 09 - 2008

تحتضن الجزائر العاصمة عددا من الزوايا التي تخرج منها العديد من العلماء الأجلاء الذين كرسوا حياتهم في نشر العلم والمعرفة في أوساط المجتمع الجزائري، هذه الزوايا كانت ولازالت مركز إشعاع فكري وثقافي وديني وهو ما يؤكده استمرار حلقات الذكر بها التي يديرها طلاب العلم وحفظة القرآن الكريم كلما حل موسم ديني معين، ولعل أبرز هذه الزوايا، زاوية الولي الصالح سيدي عبد الرحمان الثعالبي الواقعة في أعالي القصبة و التي تحولت إلى ''المسجد المأتمي'' في عهد الداي علجي. سيدي عبد الرحمان من زاوية إلى مسجد مأتمي
تعد زواية سيدي عبد الرحمان الثعالبي من أشهر المعالم الإسلامية بالجزائر العاصمة، حيث تحظى بعناية فائقة من قبل أهلها الذين يتخذون من سيدي عبد الرحمن وليهم الصالح وأبا روحيا لهذه المدينة العريقة، زاوية سيدي عبدالرحمن تأسست عام ,1612 حيث قام الأتراك ببنائها، بشكل أولي، ثم قاموا بعملية توسعة القبة والمبنى في الفترة الواقعة بين عامي 1696- 1730، قبل ان يتم تحويله في عهد الداي علجي الى مسجد مأتمي حيث أدخل عليه بعض التعديلات منها اضافة صومعة للآذان، وقد تولى الداي الحاج أحمد العلجي بنفسه مهمة تحويل ضريح سيدي عبد الرحمان إلى مسجد مأتمي، وهو ما تشهد عليه العبارات المكتوبة فوق باب الزاوية. يحتوي مسجد سيدي عبد الرحمان على مصلى وهو نفس الحجرة التي يوجد فيها الضريح، ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي المغطى بتابوت خشبي وعند قدميه يوجد قبر سيدي أبي جمعة بن الحسين المكناسي، وفي شمال المحراب يوجد قبر السيدة روزة بنت محمد الخزناجي زوجة يحي آغا وعند منتهى الشمال الشرقي يرقد الشيخ علي بن الحفاف، وقبور أخرى منها قبر لحسن باشا، وقبر لمصطفى باشا، وقبر لعمر باشا وقبر للحاج أحمد داي. وبعد الإجراء الذي اتخذه الداي علجي القاضي بتحويله إلى مسجد أمر بإضافة محراب وصومعة، وكل ذلك متوج بقبة مثمنة الزوايا على شاكلة العمارة التركية، أما المحراب فقد تم تزيينه بالخزف المستورد من آسيا الصغرى وبجانحيه سريتان صغيرتان من رخام وهي عبارة عن خشبة من الرخام، أما الصومعة فإنها تمثل برجا مربعا محاطا بسرايا صغيرة ومزخرفة بمربعات خزفية.
الولي الصالح سيدي عبد الرحمان الثعالبي
هو أبو زيد عبد الرحمان بن محمد بن مخلوف بن طلحة بن عامر بن نوفل بن عامر بن موصور بن محمد بن سباع بن مكي بن ثعلبة بن موسى بن سعيد بن مفضل بن عبد البر بن فيسي بن هلال بن عامر بن حسان بن محمد بن جعفر بن أبي طالب، فهو جعفري النسب ولد سنة 785ه الموافق ل : 1384 م بواد يسر على بعد 86 كلم بالجنوب الشرقي من عاصمة الجزائر. ونشأ هناك بين أحضان أبويه، نشأة علم وصلاح وأخلاق، تلقى تكوينه الدراسي بالجزائر العاصمة، ثم قصد المغرب الأقصى حيث اجتمع ببعض علمائها الفطاحل، تعلم على يدهم اصول الفقه والدين ليعود بعدها الى الجزائر ويستقر ببجاية بعد وفاة والده، حيث قضى ما يقارب السبع سنوات تلقى خلالها دروسا في مختلف الفنون على يد زمرة من فطاحل العلماء. وفي سنة 809 ه الموافق ل 1406م انتقل إلى تونس حيث مكث حوالي ثماني سنوات انتفع خلالها بمعظم علمائها وأجازوه فيما هو أهل أن يجاز فيه، وفي سنة 817 1414 م قصد مصر ثم تركيا، حيث استقبل استقبالا كريما، وقد أقيمت له زاوية هناك، وما تزال تلك الزاوية وقفا محبسا على الثعالبي إلى يومنا هذا. ومن هناك توجه صوب الحرمين الشرفين، حيث أدى فريضة الحج واغتنم الفرصة فأخذ عن بعض علماء الحجاز. وفي سنة 819 ه 1414م عاد الى أرض الوطن بعدما غاب عنها حوالي عشرين سنة قضاها كلها في اغتراف العلوم. وهكذا استقر بمدينة الجزائر. تولى الثعالبي القضاء بالجزائر ولكنه تخلى عنه ورفضه وفضل القيام بالتعليم، وبقي في وسعه أن يصلح بين الناس ويرشدهم لما فيه الخير والفلاح حيث عمل على نشر قيم التسامح والعلم واصول الفقه والدين بين أبناء ملته، خصوصا في الجامع العتيق (جامع الكبير) الذى ألف فيه كتابه ''العلوم الفاخرة في النظر فى أمور الآخرة'' و''الجامع الكبير'' وغيرها من المؤلفات. وتوفي سنة 872 الموافق ل 1468 . وتم نقل جثمانه من منزله إلى مكان يقع على ربوة خارج ''باب الواد'' تعرف آنذاك بجبانة الطلبة ودفن هناك، ومنذ ذلك اليوم أصبح ضريحه مزارا يتبرك به.
آثاره:
لقد اهتم عبد الرحمن الثعالبي بالتدوين والتأليف لخدمة الشريعة الإسلامية المطهرة وله في ذلك الباع الطويل. فلقد ترك ما يزيد على التسعين مؤلفا بين رسائل وشروح وحواشي وتعاليق وكتب مستقلة في الوعظ والرقائق والتذكير والتفسير والفقه والحديث واللغة والتراجم والتاريخ وغيرها، منها كتاب ''الجواهر الحسان في تفسير القرآن'' في أربعة أجزاء و''معجم لغوي '' في الشرح مع كتاب ''الرؤى''، له أيضا ''روضة الأنوار'' و''نزهة الأخيار'' في الفقه وكتاب ''جامع الهمم في أخبار الأمم'' في سفرين ضخمين و ''جامع الأمهات في أحكام العبادات'' و''الإرشاد في مصالح العباد'' و''رياض الصالحين'' و''إرشاد السائل'' وكتاب ''جامع الخيرات'' و''التقاط الدرر'' وكتاب ''نور الأنوار ومصابيح الظلام'' وكتابه ''الأنوار المضيئة بين الشريعة والحقيقة'' و ''تحفة الإخوان في إعراب بعض الآيات من القرآن'' و''الذهب الأبربز في غرائب القرآن العزيز'' وكتاب ''العلوم الفاخرة في أحوال الآخرة''. تعد أعمال الثعالبي في إطار تصوف إسلامي صحيح يسند أصوله من الكتاب والسنة إذ استوحى الثعالبي تصوفه من المدرسة الغزالية فنلمس ذلك من جل كتبه خاصة وأن النزعة الغزالية كانت سائدة آنذاك، كما كان التصوف الثعالبي ضد الفتن والأجواء السياسية والمجادلات العقلية والعصبيات المذهبية، لا سيما ما كان منها يعود إلى الحياة الاجتماعية والحضارية عامة من ألوان الترف والبذخ. فحاول الثعالبي أن يتفلسف في إطار الكتاب والسنة، كما فعل من قبله شيخه الروحي الغزالي.
الرئيس بوتفليقة يولي عناية فائقة للضريح
بعد الاستقلال استرجعت السلطات الجزائرية ضريح سيدي عبد الرحمن وغيره من الأضرحة والمعالم التاريخية التي استولى عليها الاستعمار الفرنسي. وفي فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أولى هذا الاخير اهتماما كبيرا وعناية فائقة بالمعالم التاريخية التي تكتسي طابعا دينيا وثقافيا وحضاريا، كما رفعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف جملة من التوصيات التي تمخضت عن فعاليات الأسبوع الوطني الرابع للقرآن الكريم الذي نظم يومي 29 و 30 سبتمبر و 1 أكتوبر 2003 إلى الجهات المعنية ومن جملة ما أوردته هذه التوصيات: رعاية مهد العلامة سيدي عبد الرحمن الثعالبي وترقية الزاوية التي تسيره، والاعتناء بمقام الشيخ وضريحه، بترقيته إلى مستوى مؤسسة علمية وثقافية وروحية، وإعادة بعث مكتبته، وكذا تشجيع الباحثين على تحقيق تراث الشيخ عبد الرحمن الثعالبي وإخراجه من حال المخطوط إلى حال المطبوع، وضمان نشره بين أبناء الجيل حتى يتشبعوا بالثقافة الدينية التي ساد بها أجدادهم، حتى تعود الجزائر كما كانت من قبل قبلةً لطلبة القراءات بمختلف رواياتها.
سيدي عبد الرحمن.. إقبال مميز في رمضان
أكد لخضر تمام إمام مسجد سيدي عبد الرحمان الثعالبي في حديث مع جريدة الحوار أن هذا الضريح الذي تحول إلى مسجد يؤمه الناس من كل الأقطار الإسلامية، من إيران وتركيا وجهات أخرى من العالم الإسلامي في مناسبات عدة، كما تأتيه وفود من غير المسلمين ويتبرعون بأموال في صندوق خاص بالتبرعات وضع بمحاذاة الضريح والتي توجه حسب تمام إلى تغطية احتياجات المسجد. كما اعتاد حفظة القرآن العظيم على تنظيم حلقات الذكر ليلة الإثنين والخميس وهي عادة دأب عليها صاحب الضريح في حياته، وتزداد الحركة في أرجاء المسجد خلال هذا الشهر الفضيل، حيث تقوم كل من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالتنسيق مع وزارة الثقافة بتنظيم حفل ساهر بمناسبة إحياء ليلة القدر المباركة يتم من خلالها الاستماع الى آيات بينات من الذكر الحكيم وإلقاء محاضرات تندرج جل مواضيعها في التذكير بفضائل شهر الصيام والشمائل المحمدية وكذا تكريم حفظة القرآن الكريم، والمدائح الدينية. أما عن زوار المسجد المحليين قال الشيخ لخضر إنه متنوعون من رجال ونساء وفتيات وشيوخ يأتون للتبرك به. وبخصوص الشموع المتقدة في مؤخرة رواق الواقع بين المدخل الرئيسي للمبنى والباب الخارجي له، أوضح ذات المتحدث أن ذلك له مرجعية تاريخية فقد ورد في رويات تاريخية أن في عهد العلامة سيدي عبد الرحمان كان ينظم حلقات لقراءة القرآن إلى ساعة متأخر من الليل ونظرا لرحابة المكان كانوا يكثرون من عدد الشموع لإعطاء أكبر قدر ممكن من الإضاءة، وأبدى الشيخ أسفه من تحول هذه الظاهرة إلى طقوس استحدثت لها دلالات ليس لها أي صحة إذ هناك من النساء من تقوم بإشعال أكثر من شمعة بعدد أفراد عائلتها تبركا بها وتجعلها فألا تعتقد أنه سيتحقق لا محالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.