دول المعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفياتي اولت اهتماما كبيرا لفئة الشباب بتوفير مقاعد الدراسة والعمل لهم وبرامج الترفيه من رياضة وفن ورحلات ومخيمات الشباب والمخيمات الصيفية وكانت الأحزاب الشيوعية والمنظمات الطلابية والشبابية التابعة لها تقوم بتأطيرهم سياسيا واعدة إياهم بجنة الشيوعية لكن الفشل الاقتصادي أدى الى ثورات 89و90وسقطت تلك الأنظمة كأوراق الخريف فانهار جدار برلين وتوحدت المانيا وأسقط النظام في المجر وبولندا و رومانيا ودول البلقان ويوغسلافيا والبانيا بعد ان تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991وتم القضاء على الأحزاب الشيوعية للسلطة والسماح بالتعددية الحزبية والدخول في اقتصاد السوق وانظمت العديد من تلك الدول الى الاتحاد الأوربي وقد أدت تلك التغيرات المتلاحقة والسريعة الى انخفاض مستوى المعيشة والبطالة والهجرة نحو الدول الغربية واختفاء الأحزاب الشيوعية التي هجرها الشباب المتطلع الى الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وقد تمكنت روسيا من العودة الى الساحة الدولية كقوة عظمى وحافظ الحزب الشيوعي فيها على وجوده والذي يحتل المرتبة الثانية في البرلمان ب92مقعدا بعد حزب روسيا الام بقيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب 238مقعدا وما زالت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية غير مستقرة في هذه البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية وتحاول التخلص من إرث الاشتراكية الثقيل وخوصصة المؤسسات العمومية التي استفادت منها الأقلية المحظوظة المنفتحة مع الخارج في ظل العولمة المهيمنة أما في أوربا الغربية ذات النظام الحر فالأوضاع تختلف عن نظيرتها في اوروبا الشرقية لكنها لم تسلم من الهزات الاقتصادية والسياسية ففي الثمانينات ظهرت أحزاب الخضر للدفاع عن البيئة وحمايتها من التلوث ومحاربة العولمة وانتشار الأسلحة النووية وقد نالت اهتماما كبيرا ووصل أعضاؤها الى البرلمان الأوربي كما نالت الأحزاب الاشتراكية نجاحا معتبرا في عدة دول منها فرنسا والسويد لكن مع ظهور الازمات الاقتصادية والاعمال الإرهابية والهجرة وارتفاع عدد المهاجرين ساهم في ظهور ونجاح الأحزاب اليمينية المتطرفة ذات التوجه العنصري ضد العرب والمسلمين والمهاجرين فحققت الجبهة الوطنية في فرنسا نتائج غير مسبوقة في الانتخابات المحلية والبرلمانية وكادت زعيمة هذا الحزب العنصرية ماري لوبان ان تصل الى رئاسة الجمهورية الفرنسية كما تقدم اليمين المتطرف في هولندا ونمسا أيضا وقررت بريطانيا الانسحاب رسميا من الاتحاد الأوربي بما يعرف بالبريكس تحت قيادة حكومة المحافظين التي تراسها تيريزا ماري ماي منذ جوان 2016 وقد رافق ذلك وصول اليميني المتطرف دونالد ترامب الى رئاسة الولاياتالمتحدةالامريكية الذي اعطى دفعا كبيرا لليمين المتطرف في أمريكا واوربا نظرا لمعاداته للعرب والمسلمين واحتقاره للافارقة ورغم قلة اقبال الشباب على الانخراط في الأحزاب السياسية فقد ظهر جيل من القيادات الشبابية في عدة دول اوربية تتمتع بالعلم والمعرفة والكفاءة والابتكار وقادرة على رسم سياسات بلدانهم في قضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع ففي فرنسا اصبح ايمانويل ماكرون رئيسا للجمهورية وعمره 39سنة والذي أسس حزبه الى الامام سنة 2016وهزم مرشحي الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري وفي النمسا فاز زعيم حزب الشعب سيبستيان كورس31سنة بمنصب مستشار النمسا ووزير خارجيتها عمره 28سنة وفاز الكسيس تسيراس في اليونان بمنصب رئيس الوزراء و صل الحزب الليبرالي الألماني بزعامة كريستيان ليندندر 38 سنة الى البرلمان الألماني الى جانب حزب المستشارة الألمانية انجيلا ماركل الحزب الديمقراطي الاجتماعي مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي لقد انتصر الغرب الرأسمالي على الشرق الشيوعي في اوروبا وسقطت الأحزاب الشيوعية التي تولت السلطة والحكم لعقود من الزمن لعجز تلك الأنظمة على التطور الاقتصادي والعلمي ولقمع الحريات الفردية والجماعية وفرض الرقابة المشددة على المواطنين وحرمانهم من حرية الرأي والتعبير والمبادرات الفردية وحق التملك ولذا وجدت الدعاية الغربية آذانا صاغية لدى تلك الشعوب التواقة الى الحرية والانعتاق والتي نفد صبرها فثارت وتمكنت من اسقاط الأنظمة الشيوعية على أمل أن تجد الحرية والعيش الكريم في ظل الرأسمالية واقتصاد السوق لكن سرعان ما خاب أملها ولاشك ان الكثير من الشباب الذين ولدوا عقب التخلي عن الاشتراكية لا تعاني من الندم عليها عكس الأجيال التي عاشت في ظلها وكانت تحلم بالمساواة والعدالة الاجتماعية وسيادة الطبقة العاملة ومن هنا فان الشباب لا يتجه الى الأحزاب الشيوعية القديمة لأنه يهتم بالعلم والتكنولوجية والاقتصاد في ظل المنافسة وحرية المبادرة والتواصل مع العالم عبر شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي