تمر 6 سنوات عن قدوم اللاجئين الأفارقة للجزائر ولا يزالون بعد هذه المدة ورغم التسول و الحاجة والوحشة للوطن يمجدون الجزائر ويحبذون البقاء فيها هي تصريحات عشرات الأفارقة ممن كانت لنا إنطباعات معهم حول ظروف إقامتهم ومصادر رزقهم وتعامل الجزائريين معهم على كثرة توجهاتهم و أفكارهم وإختلافاتهم العميقة حتى فيما بينهم غير أن الأغلبية الساحقة منهم يثير فيها وضع هذه الفئة الشفقة و العطف و الرقة والرأفة .مواقف لم نبحث عنها بل وجدناها بركن كل شارع و بموقف كل إشارة ملونة تجمع فيها الأفارقة يتسولون وإجتمعت فيها صدقات الجزائريين وإبتساماتهم مع أطفالهم الأبرياء فكانت شاهدا على كرم الجزائريين وحبهم لغيرهم حتى ممن إختلفوا معهم في الوطن و المنشأ وحتى العقيدة، مواقف تزينها في المناسبات وبغيرها العمليات التطوعية والإعانات والإهداءات التي تقدمها المصالح المختصة من مديرية النشاط الإجتماعي والهلال الأحمر والمصالح الأمنية فعلى كثرة تعداد الأفارقة بالجزائر وتحديدا بوهران التي تعرف تواجد لاجئين من مختلف الجنسيات لهؤلاء حيهم و طريقة عيشهم لا يزاحمهم فيها أحد، يفترشون الأرصفة، يركبون الحافلات مجانا وهي صدقة وإكرام ويتقاسمون مع الجزائريات قاعات الولادة وغرف العلاج وأسرة المستشفيات التي جعلتها الجزائر في خدمتهم كغيرهم من المواطنين والمواطنات. فآخر إحصائيات قامت بها مديرية النشاط الإجتماعي لولاية وهران أكدت تواجد وإقامة 3500 شخص من 17 دولة إفريقية أغلبهم من النيجر ونيجيريا والمالي وجزمت بتسجيل تزايد نسبي من سنة لأخرى في عدد اللاجئين بعد أن وجد هؤلاء مصدر رزق لهم يتباين بين العمل في الورشات والتسول في الطرقات كون الجزائريين معروفين بالسخاء والرأفة والكرم فأغلبهم لا يعمل غير أنه يعيش في سلام في أرض السلام التي لم تغلق حدودها يوما عن فعل الخير وتقديم يد العون لمن إحتاج إليها فعلى الرغم من إقامة هؤلاء غير الشرعية لا يتم ترحيلهم أو جمعهم إلا من خلال عمليات نظامية مركزية تتم بالتعاون مع الدولة الأم و هو الإجراء الذي نفذ 15 مرة عبر الوطن وكانت وهران ولاية عرفت تنفيذه بنجاح فقد كانت جميع العمليات حسبما صرح به مدير النشاط الإجتماعي و دون استثناء تتم في ظروف إنسانية كريمة، حيث كانت هناك حافلات مكيفة إضافة لوجبات ساخنة ولقاحات ودواء، ومرافقة أمنية وصحية وغيرها غير أن اللاجئين سرعان ما يعودون لأنهم وجدو الرأفة و المحبة و الصدقة و الإحترام من الجزائريين و هو ما صرحت لنا به فاطمة الزهراء سيدة من النيجر في سن السابعة عشر وجدناها بالقرب من محور دوران حي أسامة تحمل طفلها الرضيع و تنتقي ما شاءت من ألبسة جاد عليها بها متصدقون جزائريون لتلبس إبنها و تختار ما يناسب زوجها الذي قالت أنه كان أول من وصل للجزائر لتلحق به هي بعد شهرين من قدومه وقد أكد لها أن الأمن و الأمان يكفيهما ليعيشا في سلام بالجزائر وهي ترفض العودة لوطنها الذي قالت أنها لم تجد به ما تطعم ولدها الصغير كما صرح لنا الطفل إبراهيم لاجئ من مالي وجدناه بالقرب من محطة البنزين المقابلة لملعب 19 جوان بوهران بأنه لا يكف عن ممازحة السائقين و الرقص لهم كلما توقفوا عند إشارة المرور الضوئية وهو فعلا ما جلب إهتمامنا ونحن نجمع إنطباعات هؤلاء الأفارقة بخصوص تعامل الجزائريين معهم فتجانست إبتسامته وحركاته مع فرحة وصدقة الجزائريين التي يبحث عنها إبراهيم الذي قال لنا بأنه جزائري لأن أخاه الرضيع ولد هنا و هو لا يريد العودة . وبنفس الشعور و المحبة كان موقف الوهرانيين ممن صرحوا لنا بانهم يشفقون على حالهم ولا يرفضون وجودهم ما داموا بحاجة للجزائر ولعطف الجزائريين والذي أيد موقف بلادهم إزاء قضية اللاجئين فكان للشعب نفس موقف سياسة بلده في أعظم صورة للتعايش و السلام بدليل العمليات التطوعية العديدة التي نظمتها مديرية النشاط الإجتماعي و شارك فيها الهلال الأحمر بوهران عمليات تضامنية هائلة لفائدة اللاجئين من خلال توزيع الألبسة والأطعمة بالمناسبات وبغيرها وحتى ورود الثامن مارس على النساء من اللاجئات الإفريقيات بالشوارع إضافة لمطاعم الرحمة برمضان والتي شهدت توزيع ألاف الوجبات طيلة الشهر الكريم و الألبسة عشية العيد بتعاون محسنين ومتطوعين ناهيك عن ضمان العلاج الصحي المجاني لهم بالمؤسسات الإستشفائية العمومية وما يؤيد و يدعم هذا الموقف أراء المواطنين ممن تحدثنا إليهم بخصوص تواجد هؤلاء الأفارقة فتدخل عبد المجيد عامل بمحطة لتوزيع البنزين والتي يتجمع بالقرب منها عدد من الأفارقة ليعلق قائلا، «لا أتصور أن الناس يكرهون الأفارقة، وإن كان البعض منهم يخافون، فرأيت مواقف يقدم فيها المواطنون صدقات من جزء صغير مفتوح من نافذة السيارة ولكنهم يقدمونها ويفرح بها الأفارقة الصغار». هناك من يبدي تعاطفه مع المهاجرين الأفارقة، فيتصدق عليهم بالمأكل والملبس والنقود، خاصة حينما يتعلق الأمر بالعائلات والأطفال، فالإنسانية شعور راق كما يقول الحاج سعادة (58 سنة) سائق حافلة بخط B " نحن ننقلهم يوميا مجانا دون مقابل وأصبحنا نعرف الكثير منهم والأكثر من ذلك نتصدق عليهم بما جادت به جيوبنا كلما سمحت الفرصة وأقل ما نقدمه لهم هو العطف والمحبة والمساعدة". وتقول نعيمة (34 سنة) *بأنها تتأثر كثيرا من رؤية الرضع محمولين على ظهور أمهاتهم فهؤلاء ضحية أوضاع سياسية وإجتماعية قاهرة ببلادهم وهم ضيوف من واجبنا التكفل بهم والعطف عليهم * و هي كلها مواقف تثبت مدى تشبث الجزائر بسياسة والسّلم والتعايش، ونجاعة السياسة المنتهجة من طرف فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي صار أيقونة السلام ليحتذى بتجارب الجزائر مع السلم و التعامل مع الأزمات في دول العالم حتى أن مسيرته تكللت بموافقة الأممالمتحدة على اقتراح الجزائر في جعل السادس عشر ماي من كل سنة يوما للاحتفال بالعيش معا في سلام.