رغم أن استقالة رئيس البرلمان , كانت مطلبا من مطالب الحراك الشعبي , باعتباره أحد الباءات , و ظلت مسيرات «الجمعة» و مسيرات «الثلاثاء» تطالب برحيله مع بقية الباءات , إلا أن هذا «المطلب» بعد أن تجسد , أضحى فجأة قليلة الأهمية , ليس عند المواطنين البسطاء المشاركين في المظاهرات الأسبوعية , و لكن لدى من نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الحراك في الفضائيات الوطنية و الأجنبية ؟ هؤلاء الذين لا يريدون لسقف المطالب أن يتوقف عند حد معين , يساعد السلطة الانتقالية على تمكين الشعب من اختيار رئيس جديد ,يساعدونه على بناء الجزائر التي يريدونها . هؤلاء المترددون في المشاركة في حوار وطني شامل يفضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية شفافة ؛هؤلاء الرافضون الاحتكام إلى الصندوق , هؤلاء الذين حولوا الطابع السياسي المحض للحراك إلى جبهة جدل عقيم حول الهوية , و غيرهم ممن يدعمهم من وراء الستار , ليسوا في عجلة من أمرهم , فهم على يقين أن أية انتخابات رئاسية يتم تنظيمها لن يفوزوا بها , و لو تكفلت منظمة الأممالمتحدة بإجرائها من البداية إلى النهاية . فهؤلاء المترددون يرفضون احترام الدستور , لأنهم يدركون أن الشروط التي تضمنها للترشح لرئاسة البلاد , غير متوافرة فيهم , كذلك الذي اضطر إلى انتحال هوية «قريبه» ليوهم المواطنين بترشحه للاستحقاق الرئاسي الملغى ...,( للإشارة فقد ذكر موقع الكتروني متخصص منذ أيام أن أكثر من 50 ألف من النخب الجزائرية من مسؤولين و سياسيين و جامعيين يحملون جنسية أجنبية) , بل إن الدستور الذي يصر هؤلاء على وضعه جانبا في حل الأزمة الراهنة يمنعهم من تولي كل المناصب العليا في الدولة و تقلد الوظائف السياسية ,بنص المادة 51 التي تجعل من «التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرطا لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية.»و ليس فقط منصب رئاسة الجمهورية , و هو ما يفسر إصرار بعض هؤلاء «الديمقراطيين» على المرور عبر مرحلة انتقالية تفرش لهم الأرضية التي تتيح لهم وضع دستور جديد على مقاسهم , يمكنهم من مزايا جنسياتهم المتعددة , و هوياتهم المنفصمة , و هواهم الغربي النزعة و اللسان . إن الذي يسمح لنفسه أن يفاضل بين الجزائر و بين مستقبله الشخصي , لا يستحق حتى التمتع بالجنسية الجزائرية , فكيف يتجرأ على التطلع إلى تقلد مهام أو وظائف عليا في الجزائر من سعى مختارا لا مضطرا لاكتساب جنسية غربية؟ بل و يسعى جاهدا لدسترة خياره هذا على حساب من اختار الحفاظ على جنسيته الجزائرية الأصيلة و الاعتزاز بها في السراء و الضراء؟ لقد فوت المترددون عدة فرص متاحة للجلوس إلى طاولة الحوار مع السلطة الانتقالية لأعذار واهية , دون أن يكلفوا أنفسهم حتى عناء الاطلاع على محتواه و أهدافه , و فضلوا « قضاء عشر عهدة انتخابية تقريبا في مشاورات بينية يدركون منذ البداية أنه لا تفضي إلى نتيجة» , و ها هي رئاسة الدولة تعلن مجددا عن إجراءات جديدة لإطلاق حوار من أجل بعث المسار الانتخابي , قبيل عقد المعارضة «ندوتها الجامعة» هذا السبت, دون ظهور مؤشرات , على تنازلات مرتقبة من هذا الطرف أو ذاك , ما دامت الكلمة الفصل بيد حراك الشارع , الذي لا يقل ترددا عن السلطة و عن المعارضة . و لذا فقد تضطر السلطة الانتقالية إلى استئناف المسار الانتخابي بمن حضر من الأحزاب و الحراك , لإنهاء التردد الذي يظل أخطر على جميع الأطراف إن هو استمر.