تعيش الجزائر في هذه الفترة على وقع شبح أزمة مالية تلوح في الأفق وتتطلب اتخاذ الإجراءات الفعالة والناجعة والسريعة لتفادي ما لا يحمد عقباه ،فبعد أن كثر الحديث في الأسابيع السابقة عن ضرورة طبع الأوراق المالية ، أو الاستدانة من الخارج لتجاوز المتاعب المالية التي تعيشها الجزائر بعد نفاذ مبالغ هامة من احتياطي الصرف منذ بداية العام الجاري و الحراك الشعبي و ما ترتب عن هذا الوضع الخاص والاستثنائي من تراجع للإنتاج الوطني وللصادرات خارج المحروقات ، وتوقف دواليب الصناعة و تعطلها خاصة بعد أن طال انتظار تحقيق مطالب الحراك الشعبي الذي دخل أسبوعه الرابع والثلاثين أي شهره الثامن ، ونتيجة لرفض اقتراح طبع المزيد من الأوراق المالية ،و اللجوء إلى الاستدانة من الخارج لتعذر هذا الأمر فإن شبح الأزمة لا يزال قائما يهدد اقتصاد الجزائر و السعي إلى الحصول على العملة الصعبة أصبح أكبر فأكبر عبر موارد ووسائل أخرى بعد أن عجزت صادرات النفط وحدها عن سد احتياجات الدولة الجزائرية الأساسية ،ليلوح في المشهد معطى وعنصر جديد هو مشروع قانون المحروقات الذي صادق عليه مجلس الوزراء أول أمس ، وهو القانون الذي يحتوي على بنود جديدة اقترحت لجعل قطاع الاستثمار في القطاع الطاقوي بالجزائر أكثر جاذبية لجلب المستثمرين الأجانب وشركات النفط العالمية للاستثمار والتنقيب على البترول ، لكن مشروع هذا القانون لا يزال يثير ضجة ورفضا من قبل الشارع الجزائري والحراك الشعبي ليضاف هذا الرفض غلى مطالب الحراك السابقة وهي تغيير النظام و رحيل حكومة بدوي . إنه من المؤكد أن الوضع الاقتصادي والمالي للجزائر حاليا هش وضعيف أصبح يؤثر سلبيا على صورتها في الخارج ،وهذا بسبب عدة عوامل يأتي على رأسها توترات و ترقب داخل الجبهة الاجتماعية ،و حالة الفوضى و الغموض السائدتين كانعكاس للفراغ السياسي والدستوري وإفرازات سنوات الفساد المظلمة التي أعقبت سنوات الإرهاب الدامية و هي محطات بارزة على مسار تاريخ الجزائر ،وها نحن اليوم نقف عند مفترق طرق سياسي و اقتصادي حاسم في مواجهة أزمتين سياسية واقتصادية تضغطان بكل ثقلهما ، ولا يمكن الخروج منهما إلا بالعودة إلى الشرعية الدستورية عبر الانتخابات الرئاسية،