من الجبهات التي أكد رئيس الجمهورية فتحها , جبهة التصدي لتضخيم الفواتير المستنزفة لموارد الخزينة العمومية من العملة الصعبة , و هي جبهة إستراتيجية في مكافحة الفساد , غير أنها لا بد أن تتدعم بفتح جبهة أخرى تخص "تضخيم تكاليف الانجاز " التي تستنزف هي الأخرى المال العام من العملتين الوطنية والأجنبية . و بطبيعة الحال في مكان أي تقني فطن في البناء على سبيل المثال , البرهنة حسابيا بأن التكلفة المعمول بها في بلادنا مضخمة أكثر من اللازم , لأن عملية البناء أو الإنتاج في جميع مراحلهما , ليستا من الأمور الغيبية التي نعتمد في تقديرها على التكهنات الجزافية و العروض الاعتباطية , و إنما هما عمليتان تقنيتان تخضعان لحسابات رياضية دقيقة , حتى بالنسبة للعوامل المتغيرة فيهما فضلا عن الثابت منها؟ إن الحيرة تزداد حدة عندما نعلم أن جميع الأطراف المعنية بالإشراف على مشاريع البناء منذ تسجيلها إلى غاية استلامها , على دراية بأن التكلفة المعمول بها بعيدة عن الواقع , و رغم ذلك فإن الكل راضون بها , مما يطرح الكثير من التساؤلات , و يثير العديد من الشكوك ؟ إننا لسنا ضد الأرباح الطائلة و لا ضد الإثراء السريع , عندما يكون ما يقابلهما من جهود و عرق و إنتاج يفيد البلاد و العباد , لكننا ضد الربح و الثراء غير المبررين الناجمين عن تضخيم التكلفة , بشكل يضر بالمصلحة العامة , و مقابل عمل كثيرا ما يخالطه بعض الغش و غياب الإتقان , كبعض الترميمات السطحية التي توكل لبعض مقاولات "البريكولاج".