المؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية لسيدي بلعباس : الشروع في تسويق أجهزة تلفاز جديدة    اتفاق وقف إطلاق النار.. الجزائر تدين ب"شدة" انتهاكات الكيان الصهيوني المتكررة    إبراهيم بوغالي:التزامٌ راسخ بدعم حقوق المرأة والقضاء على كل أشكال العنف ضدها    على مدار 16 يوما : حملة وطنية تحسيسية لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    وزارة التربية الوطنية : الرقم الأخضر (1111) للوقاية من المخدرات في الوسط التربوي    أيام خنشلة الوطنية لفيلم الموبايل : ملتقى علمي يناقش الرهانات الجديدة في التعبير السينمائي الرقمي    غرداية : دعوة إلى ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال    وزير الاتصال يؤكد من داكار:البث الإذاعي والتلفزي أصبح اليوم أداة أساسية من أدوات السيادة    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة الفنانة باية بوزار "بيونة" : تركت بصدقها وتلقائيتها تقديرًا واسعًا    في مجال السلم والأمن الجزائر تدعو إلى إعادة ترتيب أولويات الشراكة الإفريقية-الأوروبية    سيفي غريب يستقبل من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.. إرادة جزائرية مصرية لتعميق الشراكة في شتى المجالات    لبنان وفلسطين في عين النار    العلامة الكاملة في كأس الكاف و صِفر في دوري الأبطال    موجة البرد تُنعش تجارة الملابس الشتوية    سكري الأطفال محور ندوة علمية تحسيسية    الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة    توقيف 8 مهربين متخصصين في الاتجار بالأقراص المهلوسة بالوادي    أمطار مرتقبة بعدة ولايات شمال البلاد    تقرت : ضبط 570 كبسولة بريغابالين    سعداوي ينصب اللجنة المكلفة بالوقاية من تعاطي المخدرات    ضرورة تكثيف الرقابة التحليلية وتسهيل عمليات الاستيراد    تأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين الجزائر والمملكة    تطور حقيقي يعكس نضج النظام البيئي للمؤسسات الناشئة    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال ابتداء من الأحد المقبل    تبّون: الجزائر حقّقت إنجازات كبرى    رونالدو يكرّر هدفه    حجز طائرات درون بسطيف    رزيق يستعرض الجهود    عرض مسودة مشروع تعديل القانون الأساسي ديسمبر المقبل    مشروع نموذج جديد للاستهلاك الطاقوي في الجزائر    حروب الجيل الخامس و السيبرانية تعمل على إفساد الأسرة    المسجلون في "عدل3" مدعوون للإطلاع على نتائج دراسة الطعون    تنافسية استثنائية تمتلكها الجزائر لإنتاج الهيدروجين المتجدد    ماندي يؤكد مع ليل ويدعم موقف فلاديمير بيتكوفيتش    لست قلقا على مكانتي مع "الخضر" وسأنتظر فرصتي    دينامو زغرب يطمئن بخصوص إصابة بن ناصر    انطلاق المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة    "جنازة أيوب".. حينما يفجر الميراث العائلة    استعداد للاحتفال بالذكرى ال193 للبيعة الأولى للأمير عبد القادر    تمكين متربّصي التكوين من خدمات النقل الجامعي    حماية المعطيات الشخصية من رهانات السيادة الوطنية    المؤسسات الاستشفائية تحت مجهر وزارة الصحة    الرادار يرصد 461 مخالفة سرعة    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال عبر ثلاث دورات    هذه أسلحة بوقرة في كأس العرب    أفريقيا فعلا للأفارقة..؟!    شجرة الأخلاق تسمو بالبشر نحو الصفاء الروحي    هذه أضعف صور الإيمان..    "حماس" تنفي إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار    يوم تكويني للمشرفين على تربص طلبة السنة الثالثة    فتاوى : زكاة الذهب الذي ادخرته الأم لزينة ابنتها؟    المؤمن لا يعيش بين لو وليت    {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} …ميثاق الفطرة    أوكرانيا في مرمى العاصفة الأمريكية    قرعة الحج تصنع أفراح آلاف العائلات    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة الأغنية الوهرانية بالأغنية الرايوية
نشر في الجمهورية يوم 27 - 02 - 2020

الراي حركة فنية و نمط غنائي يعود إلى بدايات القرن العشرين مثلها كل من الخالدي وحمادة و بوطالب بن يخلف و " الريميتي " و " حكوم" و حطاب السيقلي و بوطيبة السعدي في فترات متعاقبة، وقد تردد صداه في الأسواق الشعبية و الساحات، و خاضت موضوعاته في بعض الطابوهات التي لا يجرؤ الناس على الخوض فيها لموانع دينية و أخلاقية .
و المجتمع الذي يعيش تضييقا على الحريات تتنازعه نوازع مختلفة فيجنح البعض إلى الانزواء و الانغلاق على النفس و الزهد في الدنيا أملا في تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه فيها يوم الرحيل عنها ،و فئة أخرى لا وازع يمنعها من الانغماس في اللهو و الملذات وهذا التحرر المطلق من كل الممنوعات و المحرمات ما كان ليحصل لولا تشجيع هذه الفئة أو السكوت عن تجاوزاتها في حق مجتمع محافظ له قيمة و ضوابطه التي تسير حياته، و مادام موضوعنا هو ما علاقة الرأي بالأغنية الوهرانية ؟
أرى بأن الراي هو الابن الشرعي للأغنية الوهرانية، خرج من رحمها و رضع من حليبها، لكنه ككل الأبناء تقريبا، تحرر و استقل بذاته و بنى لنفسه حياته الخالصة ، و بعد أن كان لصيقا بالموسيقى الوهرانية وأقصد بهذا موسيقى الحواضر المحاذية لوهران، أيضا بدليل انتماءات جمع من الملحنين المطربين إلى بلعباس و غليزان و سعيدة و مستغانم و معسكر ،فضلا عن المدينة القطب مركز الالتقاء و عرض الشعراء بضاعتهم على شاكلة سوق عكاظ في الجاهلية تحرر استقل بذاته مع شيء من التأثر بالموسيقى الأصل، لينحرف رويدا رويدا، لأنه امتزج بألوان و طبوع موسيقية غربية متعددة ، اختار لنفسه لغته الخاصة به، واحتضنته دور اللهو و المراقص، لأن الناس لفظته في البداية و اعتبرته مدمرا للأخلاق مشوها لسمعة الجزائري المعروف بمحافظته و تمسكه بالقيم الفاضلة.
و إذا كان قد تعرض للتضييق و الإقصاء من وسائل الإعلام المسموعة و المرئية في مرحلة من المراحل، فقد فتحت له بعض وسائل الإعلام الفرنسية أبوابها مثل قناتي M6 و Canel+ بغض النظر عن النوايا و الخلفيات من وراء ذلك لتحدو حدوها وسائل إعلامنا بصورة محتشمة في البداية ، و ينتهي الأمر إلى الانفتاح على هذا اللون دون حسيب أو رقيب فشاع وذاع صيته في العالم على يد حاج إبراهيم خالد و مامي و حسني و رشيد طه و غيرهم، وإنصافا لهذا الفن ،فقد بدأ يتخلى عن الكلمات النابية المنحطة وعيا من أصحابه بأثرها السلبي على الذوق العام، و إذا كان الخلط بين العربية و الفرنسية قد أصبح أمرا شائعا، فإننا نهيب بكتاب الكلمات أن يتراجعوا عن هذا التوجه، لأنه لن يؤثر في نوعية الإنتاج و كان حريا بي أن أستهل هذا العنصر بتعريف مصطلح الراي عند الأولين ، فالرأي في مفهومهم ما يصدر عن العقل من رأي و توجيه يسترشد به الإنسان في حمايته، و قد يتعرض للإخفاق و خيبة الأمل، فيصب لومه و عتابه على " رأيه " و يحمله أسباب فشله و انتكاسته في الحياة، وترديد ترنيمة " يا رايي" إنما هي صرخة استغاثة من إنسان قهرته الأيام و حطمت آماله و خانته حظوظ النجاح و العيش الكريم
بعدما عاشت الأغنية الوهرانية أزهى أيامها قبل الاستقلال و بعده بقليل إلى حدود الثمانينات – و يكفي الرجوع إلى أرشيف الإذاعة للوقوف على كثافة الإنتاج و نوعيته آنذاك - اصطدمت فيما بعد بكثير من المعوقات التي عرقلت حركيتها و نشاطها، و هي معوقات مقصودة متعمّدة في غالب الأحيان، و أذكر منها على سبيل المثال:
فصل الجوق الموسيقي و توقيف عناصره من الإذاعة الجهوية و دفع الموسيقيين إلى البطالة و الميزيريا – و بهذا التصرف اللامسؤول الذي استند فيه إلى قلة الموارد المالية و هو مبرر غير بريء، فقدت الأغنية عاملا من أهم عوامل نهضتها واستمرارها إذ أغلقت أبواب الدعم و التسجيل في وجه الملحنين و المطربين.
السياسة الإقصائية تجاه هذا اللون الغنائي وعدم الترويج له إعلاميا تهميش المنتسبين إليه بانعدام الأنشطة الفنية و الثقافية.
موت أعمدته و رواده الواحد بعد الآخر، و انزواء البقية بممارستهم لأعمال أخرى لضمان قوت يومهم، و هي أعمال وضيعة لا تليق بهم و لا تحفظ لهم شرفهم، فبعد أن كانوا من نخبة المجتمع، أصبحوا من عامته و سوقته لا يأبه بهم أحد.
الحاجة الملحة و الدائمة إلى سياسة ثقافية رشيدة و واعية تحدد الأهداف و ترسم السبل لتحقيقها سعيا لبناء الإنسان الجزائري بناء يحصنه من أي استلاب فكري و يربطه بتراثه الوطني، و الابتعاد عن الفكرة الرائجة عند بعض المسؤولين و الذين يعتبرون الثقافة ترفا فكريا و كفى، ينتقصون من قيمتها بتقليص ميزانيتها و إسناد أمر تسييرها إلى من يفتقرون إلى الكفاءة و فرض الوجود على الهيئات جميعها ..يتبع.
هناك بصيص من الأمل في رؤية الأغنية الوهرانية تستعيد مكانتها في المشهد الثقافي الوطني، لأن تأثيرها و انتشارها لم يكن محصورا في وهران و نواحيها فقط، و إنما امتد إلى ربوع الوطن و إلى خارجه، و ما يدعم تفاؤلي هو مهرجانها السنوي الذي تكتشف فيه مواهب يؤمل في حملها المشعل مستقبلا ، إلى جانب استقطاب مطربين رايويين استمالتهم نحو هذا اللون، و لهم من الشهرة ما يمكنهم من الترويج له وطنيا و عالميا و يكفي الإشارة إلى خالد أو مامي، وقد لقي عملهما استحسانا في مغرب الوطن العربي و مشرقه، و راحت بعض الأعمال الوهرانية تعاد من لدن مطربين مشهورين، ك " وهرن وهرن " لأسماء المنور" و لكن الدفع الحقيقي لإعادة الاعتبار للأغنية الوهرانية، لن يتأتى إلا بالشروط التالية:
إعادة توظيف الجوق الموسيقي بمحطة وهران و جمع شتات عناصره، ليتسنى لكتاب الكلمات و ما اقلهم و للمطربين و الملحنين تسجيل إنتاجاتهم بدون تكلفة باهضة كما هو عليه الوضع حاليا.
كثير من الأعمال الجاهزة عند بلاوي الهواري متروكة للضياع شأنه شأن رحال الزبير و قويدر بركان و باي بكاي و عبد الله غربال و توفيق بوملاح .... الخ.
ضرورة اهتمام الولاة الولائية و البلدية و الهيئات المختلفة بإقامة الحفلات باستمرار تشجيعا لهذا اللون، حماية لهويتنا و انتمائنا.
إقامة مسابقات تحفيزية للشباب خاصة ، سواء أكانوا ملحنين أو مطربين أو شعراء. نفض الغبار عن الارشيف الذي تعرض جزء كبير منه إلى التلف و السرقة و العبث، و تلك جريمة اقتصادية و أخلاقية و ثقافية في حق الفن و المجتمع. و المحاولات التي تمت مؤخرا لحمايته و إعادة بعثه غير كافية، لأنها من جهة لم تستثمر ، و من جهة أخرى لم يستعن فيها بعارفين ما زالوا على قيد الحياة و لهم من الخبرة و التجربة ما يجب استثماره و الاستعانة به .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.