دورة أكتوبر 2025 للتكوين المهني: إصلاحات شاملة لتأهيل الشباب وفق حاجيات سوق العمل    الوزير الأول نذير العرباوي يزور أجنحة دول شقيقة وصديقة بمعرض "إكسبو-أوساكا 2025"    هزة أرضية بقوة 3.4 درجات تضرب ولاية قالمة دون تسجيل أضرار    تربص تكويني مشترك في الغطس بين الحماية المدنية الجزائرية ونظيرتها التونسية لتعزيز التنسيق وتبادل الخبرات    هزة أرضية بقوة 4ر3 درجات بولاية قالمة    جثمان المجاهد خير شبيرة يوارى الثرى بمقبرة أولاد جلال    خطوة جديدة لتنويع الشركاء الدوليين    مؤشر إيجابي على تحسن مناخ الأعمال    رزنامة خاصة بترقيم المركبات أقل من 3 سنوات    دعم الاقتصاد الوطني والترويج للوجهة الجزائرية    توظيف التكنولوجيا لصون الذّاكرة الوطنية    اختتام دورة تكوينية حول الاستعلام في مصادر الوسط المفتوح    مقتل أزيد من 800 فلسطيني خلال محاولتهم الحصول على مساعدات    العدالة والمساءلة لحل النّزاع في السودان    المغرب يثير الفوضى بسرقة العلم الصحراوي    كرة اليد/ الألعاب الإفريقية المدرسية : المنتخبان الوطنيان لأقل من 16 (إناث) و 17 سنة (ذكور) في الموعد    ألعاب القوى/ البطولة الإفريقية لفئتي 18 سنة وأقل و20 سنة وأقل: الجزائر في نيجيريا بوفد يضم 65 مشاركا    تيسمسيلت: المجاهد محمد لحواص يوارى الثرى بوهران    نظام رقمي لتسيير النفايات بسيدي عمار    ضبط أزيد من قنطار من الكيف المعالج بسيدي بلعباس مصدره المغرب    المغرب: هيئات حقوقية وسياسية تنتقد فشل سياسات الحكومة التنموية في المناطق النائية    تنصيب اللّجنة العلمية لمتحف الحضارة الإسلامية بجامع الجزائر    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    عين عبيد… نموذج تنموي صاعد في قلب الريف القسنطيني    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    هدم بناءات فوضوية بالبوني    عاصمة شولوس تحتضن أولمبياد التحدي الصيفي    الجزائر-تونس: تنظيم تربص تكويني مشترك في مجال الغطس بين جهازي الحماية المدنية للبلدين    المغرب: تزايد السخط الشعبي ضد الحيف والتهميش والرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني    ترقيم المركبات المستوردة "أقل من 3 سنوات": ضبط رزنامة خاصة لاستقبال الملفات    الطبعة ال24 للصالون الدولي للسياحة والأسفار: سانحة للترويج للوجهة السياحية الجزائرية    كاراتي دو (البطولة الوطنية): مشاركة قياسية ل627 مصارع ومصارعة في المنافسة بالقاعة البيضوية    اليونيسف تعرب عن صدمتها إزاء استشهاد مدنيين بينهم أطفال خلال انتظار المساعدات في غزة    المعرض العالمي إكسبو-أوساكا 2025: الوزير الأول يزور أجنحة عدد من الدول الشقيقة والصديقة    المجلس الشعبي الوطني: الاستماع إلى خبراء حول مشروع قانون حماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات الشخصية    عطاف يلتقي نظيره من الأوروغواي في كوالالمبور: نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين    الأمم المتحدة تُحيي اليوم الدولي لنيلسون مانديلا وتؤكد: القدرة على إنهاء الفقر وعدم المساواة بين أيدينا    سونلغاز تعزز شراكتها مع البنين وتستعرض خبرتها لدخول أسواق غرب إفريقيا    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    تقديم العرض الشرفي لمسرحية "ملحمة بن عياد بن ذهيبة" بالجزائر العاصمة    فتح باب التسجيل أمام دور النشر للمشاركة في الطبعة الثانية من المعرض الوطني لكتاب الطفل    جريدة رسمية: صدور قرارات وزارية تتعلق بفتح دعاوى تصنيف لمواقع أثرية ومبان تاريخية ذات قيمة وطنية    موسم حج 1446 ه : بلمهدي يشيد بالأداء الجماعي للقطاعات المشاركة    السيد سايحي يعتبر أن تلمسان ستصبح "قطبا صحيا جهويا بامتياز" بعد استكمال المشاريع قيد الإنجاز    مسابقة في السيرة النبوية    تشيلسي في النهائي    أوكالي رئيسا جديدا لمجلس الإدارة    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57680 شهيدا    "من النسيان إلى الذاكرة" ثمرة تواصل مع المنفيين    وهران تناقش "دور المرأة في صناعة التاريخ"    "المحاربات" في مهمة التأكيد أمام تونس    شيتة يغادر وفسخ عقد الكونغولي مونديكو    مسرحية النصف الآخر تفوز بجائزة العنقود الذهبي    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..حول أدب السير
نشر في الجمهورية يوم 30 - 03 - 2020

عندما يقترب المفكر أو الأديب والسياسي من شاطئ حياته، يسعى جاهدا لكتابة سيرته الذاتية؛ سواء كانت مقالات أو مذكرات، والمشهور في الأدب « روايات السير الذاتية « أو كما يسمونه « أدب السير».هذا التصنيف الأدبي الذي ظهر في بدايته عند الغرب، يتميز بالبوح والصراحة المفرطة ، و كل هذا نابع من تصورات عقائدية كان لها أثر كبير في بناء أدب السير عند الغرب، فالبوح بكل الحقائق هو سمة من سمات الغفران.
وقد تزاحمت الكثير من الروايات العربية في أدب السير ، حيث تتفاوت في قدرتها على الصدق و ذكر الحقائق ، منها رواية طه حسين « الأيام «، وكتاب «فيض الخاطر» لأحمد أمين الذي نال اعتراف مصطفى محمود العقاد ، والسؤال الذي يطرح نفسه : « إلى أي مدى يمكن للمجتمع أن يفهم هذا النوع من الكتابة؟، ولا يعتبره رغبة في تسويق الذات أو نبش المحذور؟..
بطبيعة الحال نحن نعيش في مجتمع محاط بجملة من المحذورات ، وهذا ينافي شروط الكتابة التي تتمثل في عدة خصائص كالحرية و الصدق، وإظهار المحذور بصوره الحقيقية. حيث قال الكاتب أحمد أمين في كتابه «فيض الخاطر» : « أنا لم أقل إلا الحقيقة ، لكن لم أقل كل الحقيقة « ، وهذه إشارة واضحة لتجنب أو إخفاء، أو عدم التطرق إلى حقبة زمنية من حقب حياته . وهنا نرجع أيضا إلى قول جورج إدوارد مور « الإنسان حياته عبارة عن كتاب، بعض أوراقه ممزقة « .، السؤال : «قد يعمد بعض الأدباء إلى الرواية كغطاء أو حيلة لتمرير تجارب شخصية في فن أدبي بديل، فهل ذاتية هذا الفن قد تنحى ببعض كتاب السيرة وخاصةً في العالم العربي إلى الارتياب والتكتم مما يؤثر على مصداقية السرد؟» .. من المستحيل فصل ذاتية الكاتب عن النص، لذا يتطلب من القارئ أن يبدأ بالسيرة الذاتية لصاحب الكتاب عندما يتفرغ لقراءة أعمال كاتبها من أجل فهم ما يدور في فلكه ، ولو مقال بسيط عن حياة صاحبه. فالكتاب الكبار الذين ظلت كتاباتهم غير مفهومة إلا عند ظهور سيرهم الذاتية منهم الكاتب القاص « هوراسيو كيروغا (1878 – 1937)، وهو شاعر من الأوروغواي، وكاتب قاص ومسرحي.
ولذلك حيلة الكاتب لتمرير البعض من حياته هو إبداع في حد ذاته، لأن النص هو روح الكاتب ، فميلاد النص هو ميلاد الكاتب، والهندسة ليست علما دقيقا في بناء الرواية .لأن الرواية في الأخير رؤية لعمل ناضج وسأعطي مثال للتقريب « الفكرة هي بمثابة العجينة ولإيصالها إلى مرحلتها النهائية سوف تصبح خبزا ... إذا الذي يهمني هو النضوج ( الخبز / الفكرة ) وليست الكيفية. وفي الأخير كتابة السيرة الذاتية هو سرد كاشف لجملة من الحياة، وإلا لم يكن كذلك
وهنا نضع أنفسنا أمام خيار يطرح السؤال : « هل هناك ملامح فنية محددة لهذا الجنس الأدبي كغيره من الأجناس وفرضية عمر ووقت محددة ؟، أم يسعى كل أديب أن يضع بصمته الخاصة فيما يكتب ومتى ما أراد ؟«
عندما نتكلم لابد من تسمية الأشياء بمسمياتها، فأدب السير أو التصنيف...لم يظهر إلى الساحة من عدم، بل هناك خصائص وشروط ميزته عن باقي الأعمال الأخرى، فكلهم يجمعون على سرد كاشف وصادق لمسار المفكر أو الكاتب و المعاناة التي مر بها في الواقع ، لا يشوبها الخيال أو صناعة الشخصيات، فقدرتها الجمالية هي الحقيقة ومن الواقع إلى ساحل حياته.
أما سير الغير ، وهي كتابات وترجمات منسوبة لغير صاحبها وتسمى « سير الغيرية» ، وقد تظل على السطح أو تنزل إلى القاع بعد أي ظهور غير متوقع، إما من الذي ألفقت إليه السيرة ويسمى بصاحب السيرة ، أو أحد أفراد عائلته.كما ظهر مؤخرا في سيرة المفكر محمد أركون، وسيرته التي كُتبت من طرف ابنته سيلفي أركون.
رواية « الخبز الحافي» للكاتب محمد شكري
وفي موضوع « أدب السير « أود أخذ رواية « الخبز الحافي» للكاتب محمد شكري كأحسن نموذج، والعجيب في الأمر!.. لم تكن آخر أعماله أو عن حياته ...أليست هذه مفارقة في حد ذاتها ؟!..فبعد ظهورها ترجمت إلى 38 لغة، وتم تصويرها إلى فيلم ، والعجيب أنها نالت حقها من الاعتراف من قبل الغرب ، وتعتبر الرواية الفريدة على الإطلاق في أدب السير الذاتية ، وفي مقاربة صدوق نور الدين لرواية « الخبز الحافي» لمحمد شكري ،يشير الناقد إلى أن إبداع الأديب يشكل ظاهرة أدبية متميزة ،كونه فتح نافذة المسكوت عنه ،فيما يتعلق بقضايا محرمة ..لقد حملت كتاباته الكثير من الصراحة والجرأة على البوح إلى حد البذاءة، وهذا النوع من الكتابة لم تشهده الكتابات الروائية العربية من قبل.
يرى الناقد صدوق نور الدين أن محمد شكري لم يتم إنصافه كأديب كونه عرف بثلاثيته في السيرة الذاتية :«الخبز الحافي «،»زمن الأخطاء» ،و «وجوه» ، وفي المقابل أسهم ذلك في تجاهل الأدباء والنقاد لقوته الأدبية الإبداعية التي تلفت النظر.
ليس من السهل كتابة أدب السير ، لأن فيه تأثير عميق لدى القراء، ومن منا لم تؤثر فيه قراءة كتاب لدرجة أنه أعاد قراءته أكثر من مرة، فكتابة أدب السير هي ابتسامة التاريخ لأنها كاشفة، تؤطر لجيل يبشر بتكسير كل الطابوهات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.