المخبر الجهوي للشرطة العلمية بوهران يعتبر واحد من أهم المخابر على مستوى الجهة الغربية والذي يعتمد عليه من طرف الجهات القضائية و الأمنية من مصالح الشرطة و الدرك الوطني لفك ألغاز العديد من القضايا الاجرامية و العادية ، مهما كانت تشكل تعقيدا. هذا المخبر الذي يتكون من كفاءات تمتلك خبرة في مختلف المجالات بالإضافة الى أجهزة ذات جودة عالية و بمقاييس عالمية ، تسمح بإجراء تحاليل شديدة الدقة على العينات التي تصل من 14 ولاية إلى هذا المخبر الثاني من نوعه عبر الوطن، و الذي زارته الجمهورية وجمعت معطيات ومفاهيم كشفت من خلالها عن خبايا وأسرار عمل رجال الخفاء همهم الأكبر كشف الحقيقة بالدلائل وفك الألغاز المعلقة. زرنا جميع الفروع بمرافقة رئيس المخبر الجهوي السيد بن عبد السلام مصطفى، حيث تحدثنا إلى الكفاءات العاملة هناك و اطلعنا على طريقة العمل التي لا تكاد تتوقف بالنظر إلى ضخامة عدد الملفات وحساسية القضايا المتعلقة بها و التي تتطلب دقة كبيرة في تحليلها. الأمانة الرقمية حلقة الوصل كانت بداية جولتنا من فرع الأمانة الرقمية أين يتم استقبال الملفات المراد عرضها على المخبر لإخضاعها للتحليل حيث يتم تسجيلها مع التأشير على العينات الخاصة بها برمز خاص، و تدوين الفرع الذي ستحال عليه بعد ختمها بحرز مشمع، و بهذا المكتب أكد لنا القائمون عليه أنه يتم يوميا استقبال أكثر من 80 حرز مشمع يأتي من 14 ولاية مع العلم أن كل قضية قد تتفرع عنها اثنتان أو أكثر . فرع الوثائق لمضاهاة الخطوط بفرع الوثائق والخطوط وقفنا على العديد من الخبايا، حيث يتوفر على مخبري المتابعة و الإحصاء، والوثائق المؤمنة و العملة المزيفة، و هنا التقينا بإطارات أخرى يتقدمهم محافظ شرطة الذي أطلعنا على طريقة العمل التي تعتمد على مراحل مضبوطة و علمية يتم من خلالها تحديد صحة مختلف الوثائق من الأوراق النقدية و الوثائق و الرسائل المجهولة و الشكاوي و غيرها، تكون محل طعن أو تحقيق أو شكوى . و أطلعنا المختص على إحدى الملفات التي وردت إلى المخبر مؤخرا، حيث تتعلق بقضية محل تحقيق قضائي والمطلوب من مصالحه التأكد من صحة التوقيعين الموجودين على الصكين و كذا الختم وذلك باستغلال نماذج مقارنة الصكين محل التحقيق و كذا الأختام وعند استفسارنا عن كيفية التمييز بين التوقيع الأصلي و المزور أو التوقيع بالإكراه ، أوضح لنا أنه من سابع المستحيلات أن يكون توقيع الاشخاص متطابقا بنسبة مائة بالمائة في كل المرات، ليضيف لنا محافظ الشرطة أن دور الخبرة والأجهزة يبدأ من هنا، وأن اختلاف توقيع الفرد منا أمر صحيح وله خصائص لا تتغير، مثل نقطتي البداية و النهاية و مسار القلم و زاوية سرعة التنفيذ و العامل النفسي كل هذا يلعب دوره من خلال دراسته بالأجهزة ذات التقنية العالية التي تمتلكها المصلحة ، كما أن هناك أشخاصا يوسعون التوقيع إذا كانت المساحة المتوفرة كبيرة، و هناك من يحافظون على نفس الحجم، وغيرها من الأمور، و يستغرق العمل على كل ملف وقتا يتغير حسب نوع الوثيقة. فرع التسمم الجنائي يبحث في أسباب الوفاة انتقلت الجمهورية بعد ذلك إلى فرع التسمم الجنائي أين استقبلنا عميد الشرطة بن منصور محمد بن علي إضافة إلى إطارات مختصة في علم البيولوجية حيث ان عملهم يتمثل في البحث عن المواد السامة في جسم الإنسان، سواء مواد صيدلانية أو مواد أخرى وتحديد أسباب الوفاة في حوادث الاختناق بالغاز و التسممات بمختلف انواعها ، من خلال أخذ عينات بيولوجية من جسم الإنسان من قبل مصالح الطب الشرعي خلال عملية التشريح ، حيث توجد نوعان من الأدلة واحدة أولية من الدم والبول و محتوى المعدة وأخرى ثانوية من العرق الشعر والأظافر، علما ان تحليل مادة الكحول يتم بأخذ عينة من الدم، فالطبيب الشرعي في عملية التشريح يلاحظ أمور غريبة في الجسم ما يثير فضوله ويقوم بأخذ عينة ويطلب تحليل التسمم . بعد ذلك توجهنا إلى مخبر تحديد نسبة الكحول في الدم، و هو فرع تابع لدائرة التسمم الجنائي، حيث وجدنا على مستواه إطارات مختصة في البيولوجيا تستخدم أجهزة متطورة منها جهاز الكروماتوغرافي، الذي توضع به عينات الدم بعد إضافة محلول خاص إليها، ثم يتم الانتظار لحوالي 3 دقائق قبل خروج نتيجة التحليل، و ما يزيد من دقة النتائج هو إجراء التحاليل مجددا للتأكد منها في حال الشك في صحتها، على أن تُحفَظ العينات لسنة كاملة داخل ثلاجة خاصة، كإجراء احتياطي، سيما إذا طلبت الجهات المختصة خبرة أخرى. فرع الحماية الغذائية للتحاليل البكتيرية مهندسات هذا الفرع مختصات في مراقبة نوعية الأغذية، و هن محاطات بأجهزة حديثة، حيث أكدت لنا محافظ الشرطة أنه يتم على مستوى هذا المخبر إجراء تحاليل بكتيريولوجية و فيزيوكيميائية على المواد الغذائية التي شاهدنا كيف تُحفظ بعناية في غرف تضم ثلاجات مضبوطة الكترونيا على درجات حرارة مناسبة. وتصادف تواجدنا بالمخبر مع طلب تقرير خبرة حول حلوة «لامونة»، التي تسببت في تسمم 5 أفراد من عائلة واحدة وادخلوا الى المستشفى. وأكدت لنا محافظ الشرطة أن ظهور النتائج يستغرق وقتا حسب طبيعة البكتيريا، كما انهم عالجوا وحرروا تقارير على العديد من المأكولات السامة من بينها أيضا قضية بيع «العصبان» الفاسد بمحلات حي البدر الذي تسبب في تسمم ما يفوق 200 شخص وهذا لغياب عامل النظافة. الدقة بفرع البيولوجيا الشرعية يتركز عمل هذا الفرع في ايجاد العلاقة بين الآثار والبصمات المرفوعة من مسرح الجريمة والعينات التي يتم أخذها من الأشخاص المشتبه فيهم في مختلف القضايا الجنائية، متمثلة في القتل والاغتصاب أو السرقة واكتشاف الجثث والقضايا المدنية المتعقلة بإثبات النسب وتتمثل الآثار في الدماء واللعاب والمني والشعر وكذلك بقايا الأنسجة والعظام وحتى العرق. ومن المهام المتعددة التي يقوم بها خبراء الفرع داخل مسرح الجريمة، هي البحث عن الآثار والحرص على المحافظة على جميع الأشياء في مكانها، مع أخذ العينات المكتشفة وحفظها في أكياس خاصة تدوّن عليها أرقام ورموز تشير إلى القضية، فمثلا يتم الحصول على عينات الدم بالقميص عن طريق وضع الماء المقطر عليها وسحبها بدقة شديدة، ولأن الأمر يتعلق في الغالب بجرائم يجب العمل عليها بحرص كبير، يمنع على رجال الشرطة العلمية داخل مسرح الجريمة، الكلام إذ يتواصلون عبر الإشارات فقط لكي لا يتسببوا في إدخال تركيبات جينية جديدة على المكان، وهذا الفرع هو الذي يعمل على فك لغز قضية صاحب محل المجوهرات الذي تعرض الى السرقة والضرب والجرح المفضي إلى الوفاة مؤخرا، حيث تم توقيف 5 أشخاص كانوا محل خبرة طبية. وبعد الانتهاء من جمع العينات تحول إلى المخبر الجهوي للشرطة العلمية، أين يتم فرزها وإجراء التحاليل عليها بالتنسيق مع مخبر الجزائر العاصمة، و ذلك بالعمل 24/24 ساعة، بما يسمح بالحصول على نتائج القضايا في مدة قد تصل إلى أسبوع، وربما تتعدى شهرا أو شهرين حسب طبيعتها. الكشف عن الأسباب بفرع المتفجرات والحرائق المهمة الأولى لهذه المصلحة تتمثل في الكشف عن أسباب الانفجار والحرائق وعما إذا كانت إجرامية أو طبيعية، لكن هذا العمل لا يخلو من الصعوبة على اعتبار أن النيران تتلف الكثير من الأدلة إلا أن التحقيق والبحث الجيد في مسرح الجريمة والتدقيق يجعل العثور على الدليل العلمي أمرا في غاية الدقة، خاصة أن تدخلات الحماية المدنية تتطلب إطفاء ألسنة اللهب بالمياه للحفاظ على الأرواح والممتلكات. هذا الفرع هو الذي قام بانجاز الخبرة في قضية الحريق الذي شب بغابة مداغ، حيث وجدوا كمية من البنزين بالمكان وهو ما تضمنه تقرير الخبرة دون الإشارة إلى أنه كان السبب الرئيسي في اندلاعه من عدمه لأن هذا يدخل في اختصاصات جهات أخرى. والأمر الذي يزيد من تعقيد المهمة ويستدعي في الغالب اللجوء إلى أقوال الشهود والإعتماد على الصور يأتي في الحرائق والانفجارات التي تحدث بالمنازل، كما يشمل عمل المخبر تحديد كمية المتفجرات ونوعها، خاصة في قضايا الإرهاب وكذا تحديد تركيبات القنابل يدوية الصنع. فرع الادلة الرقمية لأخطر جرائم العصر ضاعف ارتفاع معدلات الجريمة الإلكترونية بالعالم والجزائر من مهام خبراء الشرطة العملية والرقمية للتوصل إلى المجرمين الذين ينشطون وراء شاشات الكمبيوتر والهواتف النقالة وحتى التلفزيونات الذكية، ولذلك تم استحداث مخبري التحليل الجنائي للأصوات واستغلال الهاتف المحمول التابعين لفرع الأدلة الرقمية، أين يتم البحث عن الفيديوهات والصور والوثائق والملفات واسترجاعها من أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة، وكذلك من أجهزة النسخ و مختلف الشرائح وبطاقات الذاكرة وغيرها، إلى جانب رفع الآثار من مسرح الجريمة، كالأجهزة المشبوهة والتي تعتبر حساسة للغاية لأن أي حركة تؤدي إلى إتلاف المعلومات. فقد وجدنا أجهزة كمبيوتر وهواتف نقالة ووحدات مركزية، بعضها يستعمل في العمل والآخر تم حجزه للتدقيق في محتواه حيث كانوا يعالجون في قضية ترويج المخدرات عن طريق الفايسبوك وتم تحديد مدة الاتصال من طرف القضاء وهذا لفترة يومين حيث أن العاملين بالمصلحة بإمكانهم استرجاع أية بيانات يريدوها من مختلف الوسائط الإلكترونية وذلك بفضل البرمجيات المستخدمة لهذا الغرض والمعترف بها دوليا. وحسب محدثينا فإن غالبية الجرائم الإلكترونية تحدث بين أطراف يعرفون بعضهم يستعملون كلمات مفتاحية فيما بينهم من خلال التحادث عبر الماسنجر، كما أن المجرمين فيها يقومون عادة بانتحال هويات مختلفة حيث يتم في مثل هذا النوع من القضايا استرجاع محادثات الفايسبوك وحذف الفيديوهات المنشورة على موقع اليوتوب للتشهير. وهنا دعا محدثونا الى ضرورة توخي الحيطة والحذر، سيما فيما يخص استخدام الأطفال لهذه الوسائط، سيما أن هناك عدد كبير من الذئاب خلف هذه الشاشات والذين يستغلون سذاجة القصر والأطفال لاستدراجهم باستعمال هذه الوسائط فمن بين أخطر قضايا العصر الجريمة الالكترونية وبالخصوص تلك التي تتعلق بالأطفال والقصر. كما أن الفرع مختص أيضا في معالجة الصور المفبركة وكذا الفيديوهات التي شوهت سمعة العديد من الأشخاص و الفتيات. الكيمياء والمخدرات لتحديد المادة الفعالة تتمثل المهام الرئيسية لهذا الفرع في تحديد المادة الفعالة بمختلف المواد المشتبه فيها والمتمثلة في المخدرات من الكيف المعالج والكوكايين والهيروين وكذا الأقراص المهلوسة وتزويد العدالة بتقارير الخبرة العلمية الخاصة بها، بينما تكمن أهمية هذا الفرع، في أنها تستقبل أية مادة مجهولة، خاصة مع التغييرات التي أصبحت تدخل على المواد المخدرة المصنوعة من القنب الهندي وغيرها. حيث أوضحت المهندسة أنه يتم أيضا المقارنة بين العينات المأخوذة من موقع الجريمة، وتحليل تركيبتها بدقة والمقارنة بين مختلف العينات، كالأصبغة والمساحيق وأوضحت المهندسة الخبيرة في هذا شأن بأنها اكتسبت خبرة في تحليل مادة المخدرات بكل أنواعها فبات من مقدورها معرفة ما إذا كانت المادة مخدرات بالعين المجردة قبل وضعها تحت المجهر . فرع الأسلحة والقذائف يعمل فرع الأسلحة والقذائف على دراسة الأسلحة المستعملة في الجرائم بمختلف أنواعها سواء القتل أوالانتحار حيث شرح لنا محافظ الشرطة أن هناك عدة انواع من الأسلحة من بينها النارية والأسلحة الجماعية وكذا الفردية والدراسة تكمن في الأسلحة النارية والذخيرة التي يتم العثور عليها في مسرح الجريمة حيث تبدأ من نوع السلاح وبلد المنشأ وكذا صنف العيار وهذا يأتي في اطار البحث البيوغرافي للسلاح. أما عن البصمة باليستية فهي التي يتركها السلاح في الظرف أو المقذوف الذي تم العثور عليه في مسرح الجريمة هل هو منه أو لا، حيث أنه يترك آثارا على الظرف بواسطة الإبرة واللافظ ووجه المغلاق . كما أن مطلق النيران تبقى أثار السلاح أو البارود على جلد الإنسان لمدة أسبوع والتي من جانبه يستطيع أيضا تحديد هوية مرتكب الجريمة.