لم يكن على أيام جداتنا وأمهاتنا كل هذا الصخب الذي نعيشه اليوم على شاشات التلفزيون، هرج وتفاهات ومحتويات خاوية تعرض على قنوات خاصة لا يراعى فيها النوعية ولا مستوى الأداء، وهي بذلك لا تحترم جمهورها، أو يمكن القول أنها تعرف جمهورها، هم فئة تجد نفسها في كل ما هو خارج إطار الثقافة الراقية والعرض الهادف، بل أن كل العروض موجه لفئة صنعت «البوز» في عالم التفاهة، ومصنع المحتويات الفاشلة، الذي بات يقاس عليه لتحديد نوع المادة التلفزيونية المستهلكة والتي من شأنها رفع ترفع المشاهدة لقنوات خالية من الفن، وبعيدة عن أي هدف. هذا ما يجعل الجدات والأمهات والآباء يتأففون ويتحسرون، بل وينسحبون من القعدة العائلية التي قد لا تتكرر في غير رمضان، كل من عاش زمن اليتيمة يشيد بالأوقات الجميلة في زمن هادئ ومرتب، لمة العائلة عند الإفطار تزينها برامج هادفة سواء كانت في الكوميديا أو الدراما، زمن الفن الخالد، لمسلسلات وأفلام لازالت تسأل عنها جدتي، هي لا تنسى المصير، والوصية وشفيقة، وغيرها من الإنتاجات الفنية ذات معنى وبساطة في كل شيء تدخل البيوت دون استحياء لتكون مساحة للفرجة والترويح عن النفس التنافس الحاصل اليوم لم يزدنا سوى نفورا من قنواتنا التلفزيونية، بل من التلفزيون نفسه، لنلجأ هاربين إلى شاشات الهواتف الذكية، وتطبيقات الأفلام لنختار ما نريد...حتما سنجد البديل، ولكن في هفوة أخرى سنبتعد بعقولنا، بعيدا جدا، ونترك الجالسين من حولنا، آباءنا وأمهاتنا وجداتنا لوحدهم، على وقع ذكريات أجمل بكثير من واقعنا المزيف والمتعب الذي جعلهم يصمتون حتى عن الحكايات الجميلة والتكلم عن نكهة رمضان أيام زمان، عالمنا بقدر انبهارنا به وبضجة التكنولوجيا فيه يبقى دون روح، دون محتوى، دون شيء يحكى ويذكر. في زمنهم الجميل كان الكل يتوق لسهرات رمضان أمام برامج التلفزيون، على شاشة القناة الوطنية، الموعد يتجدد في كل بيوت الجزائر على مسلسل السهرة، وعلى نشرة الأخبار، وكل المتعة تبدأ بسكاتشات بلا حدود وأعصاب وأوتار،.... إنها برامج اللمة العائلية بحق، في حين لم يزدنا هذا التطور إلا تفككا وإنصهارا في عالم مؤذٍ