السودان : غوتيريش يطالب بمحاسبة المسؤولين عن مقتل الجنود الأمميين    اعتقال وزير دفاع بنين السابق وسط غموض سياسي    فتاوى : سجل في موقع مراهنات وأعطوه هدية    من أسماء الله الحسنى .. الحليم    اكدت رفضها لكل أشكال الوصاية والانتداب على غزة..حماس تؤكد اغتيال القيادي الكبير رائد سعد في غارة إسرائيلية    مجلس الشيوخ : ترامب يقرّ بإمكانية خسارة الجمهوريين انتخابات التجديد النصفي    أثبتت عبر مسيرة من العمل أنها "قوة اقتراح وتفعيل"    الحدث العلمي يندرج في إطار جهود الدولة لحماية الأسرة    الجمارك تحجز 41.722 قرصًا من نوع إكستازي    خنشلة : مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تاريخ مشرف    اللعبان بركان وبولبينة ضمن قائمة"الخضر"في ال"كان"    الفريق أول شنقريحة ينصب المدير المركزي لأمن الجيش    أمطار رعدية معتبرة وثلوج بالمناطق الشمالية والشرقية    الصحافة المكتوبة نحو المجهول..!؟    اعتراف دولي جديد بريادة الجزائر    لن نسكت عن أي مخطط خبيث يستهدف منطقة القبائل    افتراء سافر وكذب مكشوف على الجزائر    السيادة ووحدة التراب الوطني خط أحمر    خدمة "أرقامي" تحمي الهوية الرقمية للمشتركين    عصرنة 20 قاطرة وتزويدها بأنظمة متطورة    المخزن يواصل التورط في إبادة الشعب الفلسطيني    تحرك بغليزان لاحتواء فوضى التجارة العشوائية    حجز 6 أطنان من المواد الإستهلاكية الفاسدة    تيميمون تحتضن المهرجان الدولي للكسكس    قضية الشّعب الصحراوي تحظى بالاهتمام    بوعمامة يشارك في افتتاح المتحف الليبي    السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم    منصب للجزائر في اليونسكو    سيفي غريّب ينهي زيارته لتونس    بوقرة مُحبط ويعتذر    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    نحو إنتاج 150 ألف قنطار من البطاطا الموسمية بغليزان    بوقرة يعتذر وينهي مسيرته مع المحليّين بخيبة جديدة    "الأم الناجحة".. استعراض لخطوات الحفاظ على الموروث الوطني    ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    اتحاد الحراش وجمعية الشلف ووفاق سطيف يحسمون التأهل    إضراب الطلبة يثير موجة تضامن واسعة    وزير العمل يدعو إلى اعتماد الرقمنة لجعل المعهد الوطني للعمل فضاءً مرجعيًا للتكوين المتخصص    احتلت المرتبة الأولى وطنيا..أم البواقي ولاية رائدة في إنتاج الشعير    غرداية.. إطلاق وتدشين مشاريع تنموية جديدة    عودة مفاجئة وثنائي جديد..بيتكوفيتش يعلن عن قائمة "الخضر " لكأس أمم أفريقيا 2025    الدور ال16 لكأس الجزائر:اتحاد الحراش يطيح بشبيبة القبائل، جمعية الشلف ووفاق سطيف يحسمان تأهلهما    بسبب مشاركة المنتخب الوطني في البطولة الافريقية للأمم-2026..تعليق بطولة القسم الممتاز لكرة إلى اليد    استحداث علامة مؤسّسة متسارعة    بوعمامة يشارك في اختتام ملتقى الإعلام الليبي    مسابقة لأحسن مُصدّر    سيفي غريّب يدعو إلى التوجه نحو فصل جديد    دربال يؤكّد أهمية تعدّد مصادر مياه الشرب    صالون دولي للأشغال العمومية والمنشآت الطاقوية بالجنوب    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    مسابقة لتوظيف أكثر من 40 ألف أستاذ    مظاهرات 11 ديسمبر منعطف فاصل في تاريخ الثورة    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير سورة البقرة
نشر في الحوار يوم 05 - 09 - 2015


الحلقة 16
الصلاح يبدأ من تصحيح الصلة بالمنهج الرباني
إن الصلاح يبدأ من نقطة تصحيح الصلة بالمنهج، لذلك دعاهم المؤمنون إلى الانتهاء عن الفساد بمراجعة أدوات الحكم على الفعل بما هو معروف عند الناس ممن لم تفسد فطرتهم أو ممن جاءهم رسول بالوحي الضابط لحركة الحياة كلها: " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ" البقرة: 13، ومرة أخرى يرسب المنافقون في اختبار ما ادعوه لأنفسهم من صلاح ومن إيمان بالله وباليوم الآخر ومن " تلفيق" عقيدة فاسدة من دين خلطوا فيه الحق بالباطل والهداية بالضلالة، فأخذوا باطنه من الكفر وظاهره من الإيمان، فصار دينا بلا هوية ولاجهة مرجعية ولا تكاليف لها مقاصد تجتمع عندها جهود سائر المؤمنين، إنه دين مصنوع من قطع مركبة يصلح أن نطلق عليه تسمية "دين النفاق" أو دين المنافقين، فلذلك دعاهم المؤمنون إلى ترك هذه المحاولات المتترسة بظاهر الدين وإسقاط عقيدته المركبة من المتنافرات المتعاندة، و الانخراط في الدين كله ببساطة أهل الايمان "آمنوا كما آمن الناس"، لأن الدين واحد هو دين الله لجميع الناس " إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" آل عمران: 19، فما ليس عند الله ليس دينا، فآمنوا " كما آمن الناس " صلوا كما يصلي الناس وتحركوا في الحياة كما يتحرك الناس، وفق المنهج الذي صرحتم بأنكم آمنتم به بزعمكم الإيمان بالله وباليوم الآخر، فما دام الله قد قال لكم: إنكم لستم بمؤمنين، فمعنى ذلك أن في أنفسكم خللا يحتاج إلى تصحيح، فلا يصح إيمان من اشترط لنفسه "خصوصية" يتألى بها على الله أو يمن بإسلامه عليه أو يضع شروطا مسبقة لإيمانه حتى يكون فوق الناس.. كل ذلك مردود على أصحابه وعليهم أن يعيدوا تقويم أنفسهم على مقتضيات الدين الحق بلا خصوصية ولا شروط مسبقة ولا تلوّن، وآمنوا إيماناً مستسلما لله رب العالمين كما يؤمن عامة المؤمنين بلا زيادة ولا نقصان.
وهو مطلب لا يحتاج إلى مماحكة ولا لجاج و لكن ردهم جاء كاشفاً للمستوى المنحط لتفكيرهم وفاضحا لحكمهم المستعلي على الناس عندما جعلوا لهذا الدين مستويات إيمان، فهناك إيمان السفهاء، وهناك إيمان العقلاء، وربما كان لعلية القوم وصفوتهم ونخبهم مستوى إيمان آخر لا يقبل في دوائره إيمان المستضعفين الذين إقترح الملأ من كبراء قريش على رسول الله (ص) أن يطردهم إذا أراد أن يجعل لدينه حظاً في عالم المستكبرين الذين يبحثون عن " دين أروستقراطي " فرد الله سوء أدبهم إلى سوء حظهم حتى لا يكون لهذا الدين تصنيفات اجتماعية تشبه الإمتيازات الممنوحة في الفنادق السياحية المتدرجة تصاعدياً من مبيت عابر سبيل إلى نجوم كثيرة وأجنحة فخمة قد تريح أصحابها ولكنها لا تضيف رصيد الإيمان إلا بمقدار الشكر والتحدث بنعمة الله على كثير من الناس، ممن لا أعتقد أن من بينهم الذين تساءلوا قائلين " أنؤمن كما آمن السفهاء؟؟ "، فهؤلاء لا يمثلون عند الله شيئاً مذكوراً، مع انهم في نظر أنفسهم- أصحاب عقول كبيرة و أفكار ثقيلة ونباهة نفس ورفعة مقام.. ومع ذلك، داسوا على كل هذه الامتيازات و اتهموا المؤمنين بالسفه، ثم آمنوا بما آمن به السفهاء، وهم يعلنون بألسنتهم أنهم لا يقبلون أن يكونوا أعضاء في نادي من رموهم بخفة العقل، فكانوا بتصرفهم الأرعن سفهاء بمنطوق حكمهم على من آمن بالإسلام بهذه الصفة.
فالمؤمنون، في نظر المنافقين، سفهاء.
والمنافقون يعلنون إيمانهم أمام هؤلاء السفهاء إذا لقوا الذين آمنوا منهم.
فبهذا السلوك الأرعن يكون تصريحهم بأنهم آمنوا حجة عليهم و تسفيهاً لعقولهم، وتلك واحدة من سقطاتهم الكثيرة على طريق البلاغ والدعوة، وهي سقطة تتكرر وتعيد إنتاج نفسها كلما صارت للإسلام سلطة وشوكة وصولجان، لذلك ينبه إليها القرآن بأداة تحقيق الفعل، بحرف الاستفتاح والتنبيه والتحقيق الذي يحمل معنى الحصر والقصر لتكون السفاهة متحققة فيهم وحدهم و ليست لصيقة بالمؤمنين "ألا إنهم هم السفهاء"، السفهاء حقاً، وليس غيرهم، وهو النعت المؤكد لسفاهة العقل و بلادة النفس وتلاعب الهوى بمن هوى.
إن اختيار المنافقين لهذا اللون من الإيمان دليل على إنفصال عقولهم عن مصدر الوحي، لأنهم لو آمنوا بما أنزل على محمد (ص) لأرشدتهم عقولهم إلى القول السديد الذي يشترط أن يكون الإيمان كما أراد الله بصرف النظر عمن آمن أو كفر، فإذا آمن غيرهم من الناس بهذا المنهج على طريقتهم فليسوا قدوة لهم، وعليهم أن يؤمنوا بمنهج الايمان دونما بحث عن صورة نموذجية يستنسخونها من سابق أو معاصر لهم إلا أن يكون رسول الله (ص) الذي جعله الله قدوة للمؤمنين وأسوة للمتقين، فإذا تجاوزوا هذا الفقه كان في عقولهم نقص وفي قلوبهم مرض وفي فكرهم قصور وفي إيمانهم سفه، وكان إيمانهم هو إيمان السفهاء.
لماذا صدر هذا الحكم القاسي من المنافقين في حق المؤمنين؟؟ وهل في حجتهم منطق عقل أم هو كلام سفهاء يلقى على العواهن دون نظر في المآلات والمقاصد؟
يتبع…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.