– للأسف غاب مشهد المعاناة الفلسطينية عن عديد وسائل الإعلام العربية بسبب أوضاعها الداخلية -الجزء 2 في الجزء الثاني من لقائنا بالإعلامي الفلسطيني وسام أبو زيد، تحدث عن قضايا فلسطين المهمة، على غرار مسيرات العودة والوضع الفلسطيني الذي ينهكه الانقسام، عن حياة المواطن الغزاوي، وعن الإعلام كإحدى وسائل المقاومة الفاعلة في الحروب، وكذا عن أمنياته للإعلام الفلسطيني والعربي أن يكون أكثر فاعلية مع القضية الفلسطينية. حاورته: آمنة سماتي شهدت فلسطين مسيرات العودة هذه السنة.. ما الذي يمكنك أن تنقله لنا بصفتك شاهدا؟ مسيرات العودة هي جزء سيكتبه تاريخ القضية الفلسطينية الحديث، أن الشعب ثار بالحجر وبوسائل بدائية، مناهضا للاحتلال وسياساته العنصرية ضد الشعب الفلسطيني، من حصار وقتل ودمار، فالفلسطينيون يحذوهم الأمل بالعودة إلى أراضيهم التي هُجروا منها، وكلما زادت جرائم الاحتلال كانت المسيرات تزدادا اشتعالا، وكأنها أصبحت هي الأمل الأخير لهم كي يسمع العالم أصواتهم التي تطالب برفع الظلم عنهم. كيف تعاملت مع الحدث؟ رصدنا المسيرات منذ تم التحضير لها وبدئها في 30 مارس الماضي، وكيف كان المشهد بحضور الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، بكل ألوان طيفهم، إلى الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، فكنا نركز على العلم الفلسطيني أولا، ونحرص أن يكون هو متصدر المشهد. ومع استمرار المسيرات، حاولنا رصد الكثير من الحالات التي تشارك من شيخ وامرأة وطفل، بينهم لاجئون منذ عام 1948، وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة قاموا بالمشاركة.. وكيف تم استخدام وسائل نضال بدائية، من إشعال الإطارات، ورمي الحجارة، وصولا إلى البالونات الحارقة التي تمكنت من اجتياز الحدود، وإرباك الاحتلال، وأسفرت عن حدوث حرائق بالحقول الإسرائيلية المجاورة للقطاع. بخصوص القضية الفلسطينية وأنت في قلب الحدث دائما.. برأيك إلى أين يسير الوضع الفلسطيني بعد تهديدات نتنياهو وليبرمان، وما الأهداف الخفية لتصرفهم هذا؟ (الحوار أجري قبل الإعتداء الأخير على غزة) للأسف الشديد إن الوضع الفلسطيني ينهكه الانقسام المستمر منذ 12 عاما، بين حركتي فتح وحماس، وهو ما كان يبحث عنه الاحتلال منذ زمن، بل ويساعد في استمراره على قاعدة فرق تسد، وألا يكون هناك وحدة فلسطينية تجابه كل التحديات التي يفرضها على الأرض. وفي المقابل، تجد أن سلطات الاحتلال بمختلف أحزابهم السياسية، يسيرون نحو نفس الاتجاه، رغم اختلاف وسائلهم، وهو القضاء على الفلسطيني، إما جسديا أو نفسيا أو اقتصاديا، أو حتى ثقافيا، ويتفقون أيضا على أن وجود الفلسطيني في القدس لابد أن يزول، ويتفقون على سلب الأرض الفلسطينية، ونهب كافة مقدراتهم ومياههم وحقولهم وهوائهم وبحرهم، وغيرها من مقومات حياتهم اليومية، وهو ما يستلزم إرادة فلسطينية حقيقية لإنهاء الانقسام، ومواجهة هذه التحديات الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون. وباعتقادي أن قادة الاحتلال لا يريدون لدولة فلسطين أن تقوم لها قائمة، ونتنياهو وليبرمان يعملان على القضاء على ملامح الدولة الفلسطينية المستقلة، ويريدون إبقاء الفلسطينيين يبحثون عن قوت يومهم، أو دفعهم للهجرة خارج فلسطين، كما أنهما يهدفان إلى إبقاء الفلسطينيين يعيشون على جزء من أراضيهم، مع قتل كل معاني التحرر في على أراضيهم. ما الصورة التي تنقلها لنا عن الحياة اليومية للمواطن الغزاوي؟ المواطن الفلسطيني يعاني كثيرا من ويلات الاحتلال في كل بقعة من فلسطين، وقطاع غزة هو جزء من فلسطين، وعانى الويلات على مدى سنوات، من قتل وتدمير، خاصة الحصار الذي مر عليه 12 عاما، وهو ما أثر في كافة مجريات الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، ففقدوا وظائفهم وزاد من نسب البطالة والفقر المدقع، بسبب منع سلطات الاحتلال إدخال مواد البناء والمواد الأساسية للمصانع الفلسطينية، وفرض قيود على أي تنمية بقطاع غزة، إضافة إلى استمرار انقطاع الكهرباء الذي يعانيه المواطن الغزاوي منذ بدء الحصار، وتزويده ب 4 ساعات فقط يوميا، في حين تتحسن لفترات، لكن تبقى محدودة، وتصل في ذروتها إلى 8 ساعات. يعدّ الإعلام إحدى وسائل المقاومة الفاعلة في الحروب، ما الذي تتمناه لواقع الإعلام الفلسطيني والعربي، كي يكون أكثر فاعلية مع القضية الفلسطينية؟ في السنوات الأخيرة، ومع التغيرات الإقليمية، للأسف غاب مشهد المعاناة الفلسطينية عن عديد وسائل الإعلام العربية، بسبب ما تعانيه أوضاعها الداخلية من حروب واقتتال داخلي وغيرها، وهو ما عاد بالسلب على كثير القضايا المهمة للفلسطينيين، وقضاياهم العادلة، ومعاناتهم من المحتل، وأصبحت خبرا ثانويا وليس رئيسيا، فالإعلام بالنسبة للشعب الفلسطيني هو من ينقل معاناتهم والسلاح الذي يتمسكون به إذ ما سقطت كل الأسلحة الممكنة، ليبقى شاهدا على الأقل على جرائم الاحتلال. والمطلوب من الإعلام الفلسطيني والعربي، أن يساعد في التأثير على الإعلام الغربي، سواء باختيار المواضيع والقضايا والجوانب المهمة، وإظهار الفلسطيني ليس فقط أنه ضحية، بل مبدع ومفكر وطبيب ومهندس وإعلامي ورياضي وفنان ويستحق الحياة. ماهي نظرتكم الشخصية للعلاقة الفلسطينيةالجزائرية قديما وحديثا؟ العلاقة الفلسطينيةالجزائرية هي أكثر من أن تكون علاقة دولة بدولة، وشعب بشعب، لكن يربطهما تاريخ نضالي وسياسي مشترك ضد الاستعمار، ويوحدهم حبهم لأوطانهم وتمسكهم بثوابتهم وأرضهم وثقافتهم، فالجزائر تعتبر نفسها مازالت لم تستقل مادامت فلسطين تحت نير الاحتلال، ودولة فلسطين أُعلنت من الجزائر، ورغم مرور السنوات إلا أن الدعم الجزائري للشعب الفلسطيني لم يتوقف على كافة المستويات، سواء بالمحافل الدولية، أو على الصعيد الإنساني، إضافة إلى استقبالها مئات الطلاب الفلسطينيين ليكملوا مشوارهم الدراسي بالجامعات الجزائرية، وحتى يومنا شاهد الكل كيف استقبل المنتخب الفلسطيني على أرضه، وكيف هتف المشجعون الجزائريون باسم فلسطين، في لوحة فنية عجز عن تفسيرها أكبر المراقبين والمحللين. كيف ترى المساعي الرسمية والشعبية الجزائرية الداعمة للقضية الفلسطينية، وما الدور الذي تنتظرونه تجاه الطموح الفلسطيني في بناء دولة كاملة الحقوق؟ الجميع شاهد مؤخرا الأعلام الجزائرية رفعت في القدس والضفة الغربية، وعلى حدود قطاع غزة، وهي من مبادرات شخصية فلسطينية، وكأنها رسالة شكر إلى الجزائر، رئاسة وحكومة وشعبا، على ما يقدمونه للشعب الفلسطيني، من دعم على كافة المستويات السياسية والإنسانية والثقافية والرياضية وغيرها، والتي قامت منذ بدء الحصار بتسيير عدة قوافل إنسانية مختلفة إلى قطاع غزة، منها احتياجات عاجلة، وأخرى طبية، وكتب مدرسية وغيرها، تأكيدا منها على الدعم المتواصل للشعب الفلسطيني، ونتمنى أن تبقى هذه العلاقة كما هي، بل وتزداد أكثر، خاصة أن الفلسطينيين يعتبرون الجزائر هي عمقهم الاستراتيجي الحقيقي الذي يحتمون به أمام العالم، إذا ما ضاقت عليهم الدنيا بأسرها. هل من كلمة خاصة لقراء ل”الحوار”؟ أتقدم بالشكر والتقدير والاحترام ل “الحوار”، وذلك لاهتمامها بالقضايا الفلسطينية، وما يشغل الشعب الفلسطيني، وما يعانيه من الاحتلال الإسرائيلي، ونتمنى أن تبقى دائما منبرا إعلاميا مناصرا وفاضحا لجرائم الاحتلال الإسرائيلي.