ممّا يتجلَّى فيه الحِلم لدى سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تعامُله مع أهل بيته، فهو بشر كسائر النّاس، يعيش حياتهم ومشكلاتهم، ويتعامل مع زوجاته وهنّ بشر قد يبدو منهنّ ما يبدو من غيرهنّ من النّساء، ومع ذلك كان حلمه يسَع ذلك كلّه صلّى الله عليه وسلّم. وتروي لنا إحداهنّ وهي أمّنا عائشة رضي الله عنها نموذجًا من حِلمه في تعامله مع أهل بيته، فعن رجل من بني سواءة قال: سألتُ عائشة عن خُلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: أمَا تقرأ القرآن {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم: 4، قال: قلت حدّيثيني عن ذاك، قالت: صنعتُ له طعامًا وصنعتْ له حفصة طعامًا، فقلت لجاريتي: اذهبي فإن جاءت هي بالطعام فوضعته قبل، فاطرحي الطعام، قالت: فجاءت بالطعام، قالت: فألقته الجارية، فوقعت القصعة فانكسرَت وكان نطعًا، قالت: فجمعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: ''اقتصّوا، أو اقتصّي ظرفًا مكان ظرفك، فما قال شيئًا'' أخرجه أحمد ومسلم.