عاد ''الحرافة'' إلى ركوب قوارب الموت مجددا بعد فترة انقطاع دامت منذ شهر نوفمبر من السنة الماضية 2011، أملا في الوصول إلى السواحل الشمالية للمتوسط، بعد الخيبات الاجتماعية من إمكانية حصول تغيير يؤدي إلى تحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية، والإحباط الذي مس شرائح واسعة في الجزائر، خاصة منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة. بلغ عدد المهاجرين السريين الذين انطلقوا من السواحل الجزائرية، وتم إلقاء القبض عليهم من قبل حرس السواحل 231 حرافا منذ بداية شهر جويلية الماضي بينهم نساء وقصّر، منهم 172 مهاجرا تم توقيفهم خلال شهر أوت وحده، ففي الثاني أوت المنقضي أوقف حرس السواحل بعنابة 48 شخصا تتراوح أعمارهم ما بين 16 و31 سنة، كانوا يحاولون الهجرة السرية باتجاه إيطاليا، وفي الخامس أوت الماضي أحبطت محاولة هجرة غير شرعية ل14 شخصا قرب سواحل مستغانم. وفي ليلة عيد الفطر سعى حرافة إلى استغلال الانشغال بالعيد للهروب، حيث تم في 18 أوت المنصرم توقيف 27 شخصا في منطقة القالة بولاية الطارف، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، كانت بينهم امرأة، وفي نفس الليلة تم توقيف 23 مهاجرا غير شرعي في عرض البحر بمدينة عنابة على متن قارب تقليدي. ولم تتوقف محاولات الحرافة خلال أيام العيد، فقد تم في ثالث أيام عيد الفطر توقيف 21 مهاجرا غير شرعي، كانوا على متن قارب صغير في منطقة حجاج بمستغانم، بينهم امرأة وطفلاها، تتراوح أعمارهم ما بين 17 و25 سنة، وفي 26 أوت المنقضي أوقف حرس السواحل 19 مهاجرا غير شرعي، كما تم يوم الثلاثاء الماضي توقيف 20 مهاجرا غير شرعي كانوا على متن قارب مطاطي في وهران. وتشير هذه التفاصيل إلى الحالات التي تم توقيفها من قبل خفر السواحل، لكن عددا آخر من المهاجرين غير الشرعيين نجحوا في الوصول إلى السواحل الإسبانية والإيطالية، أو غرقوا في البحر، على غرار حالة 11 مهاجرا غير شرعي الذين أعلن اختفاؤهم في عرض البحر قبل يومين، كانوا على متن قارب قبالة شواطئ مدينة ألمرية في إسبانيا، كانت البحرية الإسبانية بصدد البحث عنهم، قبل أن تقرر وقف عمليات البحث. وتبرز هذه الأرقام والعمليات فشل سياسات الحكومة الموجهة لاستيعاب الشباب في برامج التشغيل المختلفة، وعدم اقتناع فئة واسعة من الشباب بالخطابات الرسمية التي وعدتهم بالشغل والسكن، وزيادة حدة الإحباطات الاجتماعية لديهم إزاء تحسين ظروفهم المعيشية، وهو ما دفعهم إلى العودة لركوب قوارب الموت، رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدول الأوروبية، وكذا سياسات الطرد والترحيل التي تنتهجها الدول الأوروبية ضد المهاجرين السريين، حيث كانت الحكومة الإسبانية في شهر فيفري الماضي قد كشفت عن طرد 1688 مهاجرا غير شرعي من جنسية جزائرية من أراضيها العام الماضي، تم ترحيلهم إلى الجزائر. وقال وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل غارسيا مارغالو خلال زيارته إلى الجزائر، إن إسبانيا طردت حتى شهر ديسمبر الماضي 1688 مهاجرا جزائريا وصلوا إليها بطريقة غير قانونية. ودفعت هذه الوضعية الهيئات الحقوقية إلى دعوة السلطات للبحث عن حلول ناجعة لظاهرة ''الحرافة''، وتضمن التقرير السنوي الذي أصدرته اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، دعوة السلطات إلى ''لفتة انتباه إنسانية واجتماعية''، ودعت إلى إلغاء اللجوء إلى العدالة والعقوبات الجنائية على الحرافة، واعتبرت أن معالجة السلطات للظاهرة بطريقة ردعية جاء بنتيجة سلبية، حيث تزايد عدد المهاجرين السريين خلافا لما كان متوقعا.